الوطن للجميع

الوطن للجميع

عبدالكريم أبو زنيمة


أما وقد تجاوزنا الكثير من المعايير والمؤشرات التي تُنبئنا وتحذرنا من أن سفينتنا تبحر في الاتجاه الخاطئ علينا التوقف فوراً وإعادة تصويب وجهتنا لنصل جميعاً إلى بر الأمان، فالإمعان في هذه السياسات الفاشلة بالآليات والأدوات نفسها سيعيدنا (100) عام للوراء، إذ يستحيل التقدم والتطور بتلك الأدوات التي هيمنت وتجاوزت خلال العقود الماضية على #المؤسسات #التشريعية و#القضائية والعدلية والمحاسبية لتحقيق وتعظيم مكتسباتها وامتيازاتها الخاصة على حساب الشعب والمصالح الوطنية العليا للوطن، فسياسة إذكاء التناقضات المجتمعية والتضليل والإنجازات الخرافية ما عادت تنطلي على الشعب الاردني، فعندما تتجاوز نسبة خدمة الدين 105% مع تراجع كبير جداً للناتج المحلي ونسبة #البطالة 50% وهي في تصاعد فعلى الحكومة أن تقرع كل الأجراس وأجراس الكنائس ومكبرات أصوات المآذن منذرة بالخطر الذي يتهددنا جميعاً وأن تتوقف عن سياسة الجباية والاستجداء والصدح بالاغاني والأهازيج.
علينا تشخيص الواقع بعيون وبصيرة وطنية، ونفكر بأنجع واسهل وأسرع الطرق والسبل لإعادة بناء الدولة على أسس وقواعد عصرية متينة، فالقاعدة المتينة هي الدستور المحصن شعبياً الذي يحفظ حقوق وواجبات الأفراد بعدالة ومساواة ويضمن ويضبط فصل السلطات عن بعضها وتكاملها فيما بينها، #دستور نظام حكمه نيابي ملكي وراثي روحه وجوهره أن الشعب مصدر السلطات، يكون فيه دور ومسؤولية ملك البلاد تماماً كما هو في أعرق الملكيات الديمقراطية الغربية، هذه القاعدة الدستورية تُحصن من أي عبث من أي جهة كانت لتمكن الشعب من حكم نفسه بنفسه من خلال الآليات الديمقراطية، دستور يقود الى سلطات منفصلة ومستقلة يحكمها القانون في ظل سلطة قضائية مستقلة استقلالاً تاماً عن كافة السلطات والمرجعيات، وطن تسيجه أجهزة ومؤسسات أمنية يكون ارتباطها ومرجعياتها السلطة التنفيذية المُشكّلة بآليات وإجراءات ديمقراطية، يخضع تعيين قادتها ورؤسائها لموافقة السلطة التشريعية بناء على أسس ومعايير الكفاءة والمهنية، وطن تسوده الحرية “حرية الرأي والتفكير، حرية النقد والتعبير، حرية تشكيل مؤسسات المجتمع المدني، حرية الصحافة والإعلام، حرية حدودها فقط إفشاء معلومات أمنية وما يمس ويضر بالمصالح الشخصية للآخرين .
هذه القواعد الدستورية الرئيسة إن ما أُقرت ولو بالتدرج كفيلة بإنقاذ الوطن من المصير المشؤوم المحتم، وطن يبنى اقتصاده على قواعد الإنتاج ونقيم علاقاتنا بما يتلائم ومصالحنا واهدافنا بملء ارادتنا وقرارنا السيادي الوطني، طريق الإصلاح واضح وجلي وكتب ونشر وقيل فيه الكثير لمن ينشد التغيير الايجابي البناء وتحقيق الرفاه والازدهار والنماء، لكن يبدو أنه لا توجد ارادة لذلك!
هناك تغير في خارطة العالم وتوازن القوى الدولية علينا ادراكها والشروع في نسج علاقاتنا الاقتصادية والسياسية مع الدول بعيداً عن الارتهان والاملاء والتبعية، وهذا يتطلب حكومة مرجعيتها ومصدر قوتها العدالة والحرية وسيادة القانون وقاعدتها الشعبية المتماسكة ، لبناء هذه الدولة علينا التدرج في تأسيس قواعدها وعلى مراحل؛ فالمرحلة الأولى إن ما توفرت الارادة السياسية تتطلب:
أولاً: كف يد الاجهزة الامنية عن التدخل بالشأن السياسي وتوجيهها لمهامها وإلغاء قوانين الطوارئ وكافة القوانين المقيدة للحريات
ثانياً: حل مجلسي الاعيان والنواب وإجراء انتخابات عاجلة على أساس قانون مؤقت يتوافق عليه شعبياً، شريطة أن لا يفرض أو أي جزء منه ، مع تعليق تشكيل مجلس الأعيان لإشعار آخر.
ثالثاً: يشكل المجلس المنتخب حكومة تكنوقراط من خارج صفوفه تتولى المهام التالية:
1- ضبط النفقات المالية ” تقليص أعداد موظفي الهيئات الدبلوماسية بالخارج، انهاء عقود المستشارين وكبار موظفي الهيئات والمؤسسات المستقلة، تخفيض أعداد موظفي الديوان الملكي، إلغاء مواكب المسؤولين وضبط حركة السيارات الحكومية …الخ “
2- إعداد خطط وعقد شراكات استراتيجية مع الدول ذات العلاقة للتحول والاعتماد على الطاقة البديلة وأهمها الشمسية لتخفيض فاتورة الطاقة
3- إعداد مشاريع قوانين مالية واصلاحات ضريبية “تصاعدية” واجراءات وتسهيلات جاذبة ومحفزة للاستثمار والنشاطات الاقتصادية
4- إعداد مشاريع قوانين مالية وضريبية محفزة ومشجعة للقطاعات الانتاجية الوطنية والصادرات وخاصة قطاعي الزراعة والصناعة.
5- العمل على استثناء الاردن من قانون جاستا الأمريكي وبقية العقوبات المفروضة على الدول وخاصة المجاورة .
6- تطوير الجهاز القضائي والعمل على استقلاليته كأولوية، وتطوير الاجهزة الرقابية والمحاسبية وربطها مؤقتاً بالسلطة القضائية ، تتولى السلطة القضائية بعد تمتعها بالاستقلالية مراجعة ومعالجة كافة قضايا الفساد واسترداد الأموال المنهوبة
7- هيكلة الوزارات والمؤسسات مع تحديد سلم رواتب بحده الادنى والاعلى لكافة الموظفين ممن يتقاضون رواتبهم من الموازنة العامة
8- تنظيم سوق العمل الأردني وضبطه مع رفع كفاءة أداء منظومة التعليم والتدريب المهني والتقني وتطوير برامجها التدريبية لتحاكي التطور الصناعي والتكنولوجيا التقنية الرقمية .
9- إعداد خطة عمل “قصيرة ومتوسطة وطويلة” مع حوافز مالية وتشريعية للتشغيل الذاتي للمتعطلين عن العمل
هذه إجراءات مستعجلة ستسهم في تنشيط حركة الاقتصاد واستيعاب تدريجي للبطالة وزيادة المشاركة المجتمعية في الإنتاج والنشاطات الاقتصادية المختلفة، وتؤسس للبناء عليها للسير في المراحل اللاحقة من اعادة ترتيب بيتنا الذي لن يكون فيه حاكم ومحكوم؛ بل سنكون فيه جميعنا للوطن والوطن للجميع.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى