كاريوس و زاجروس / م. أسعد البعيجات

كاريوس و زاجروس
م. أسعد البعيجات

في عام ٢٠٠٠ بدأ الحديث عن مكرمات… لم أكن أعرف أن الخدمات هي نفسها مكرمات !!!.

لم أكن أعرف أن بناء مركز صحي هو مكرمة….
لم أكن أعرف أن بناء مدرسة هي مكرمة…
لم أكن أعرف أن فتح طريق أو إيصال كهرباء أو ماء هي مكرمة….
لم أكن أعرف أن حصولي على فرصة تعليم جامعي تحتاج أن تهتري كفيّ من التصفيق لأحصل عليها …

وكان من هذه المكرمات ” الخدمات ” طريق دائري يلف مدينة سالتوس…. سالتوس جميلة وتحتاج لمثل هذا المشروع لا يهم مكرمة صدقة زكاة خدمات سميها كما شئت أيها المواطن … أهم شيء النية.

هذا الطريق يوفر الكثير من الوقت للوصول الى القرى المحيطة بسالتوس بالأضافة الى تجاوز أزمة وسط البلد ودون المرور من هناك ..

فتح الطريق يحتاج الكثير من الأراضي الواسعة وكروم العنب والتين للمرور بها ويحتاج أيضا الى طول نفس من الشركة المصممة للطريق لتجاوز عقبات الأعتراضات من المواطنين …

لكن قُدِّر لهذا المشروع أن يكون في طريقه بعض الزوائد اللحمية معترضه على مساره ….

في الدول ” إلي الله مهديها ” تضع الشركة المصممة المتطلبات الهندسية مراعية بذلك السلامة العامة والتصميم ذو الجودة إلا في بلادنا تجلس الشركة المصممة مع المسؤولين في منطقة المشروع التي يمر بها الشارع لتراعي مصالحهم ومخالبهم.

في النهاية تم تصميم الشارع كخصر عجوز تجاوزت ٩٩ عاماً …. أو ربما كخصر جيل اليوم الساحل الممتلئ بالعورات …

تم هدم بيوت وإستملاك أراضي و تعويض مالكيها … لكن رضا الوالدين لهؤلاء المسوؤلين لم يأخذ منهم شبر … هذا يريد أن يمر الشارع من أمام قصره دون أن تكون هناك أراضي بينه وبين الشارع حتى لا تحجب عنه أتجاه القبلة وذلك يريد الشارع أن يمر من تحت بيته حتى لا تحجب عنه القبلة الأولى …

تم تعليق الشارع على أعمدة خرسانية من الحديد والباطون المسلح وكرفتة الشارع إهدارًا للمال العام دون أن ترمش أعينهم ..

مال الأجداد والاباء والأبناء والأحفاد ولم يقفوا عند هذا الحد لم ترمش جفونهم أيضاً في خلق منعطف خطر يهدد السلامة العامة .

مع ذلك ” جمطّها ” المواطن وسكت عن هذا التجاوز في المال والسلامة العامة من باب مقولة الأجداد ” الكف ما بتناطح المخرز ” .

ليستيقظ ذات صباح من صباحات الوطن الجميل لعام ٢٠١٥ على أصوات الحديد والخرسانة المسلحة والهمرات لبناء جدار مسلح للمسؤول كاريوس أبن المسؤول زاجروس…

كاريوس مظلوم من ما أنخلق … هو يعمل عند إيبوري ولكن لم يفطن إيبوري أن كاريوس مظلوم الا عندما أصبح زاجروس والد كاريوس مسؤول في منصب عالي …

تفقد إيبوري الأدراج والاوراق وبحث في سلة المهملات لم يجد في ملف كاريوس شيئاً سوى التثاؤب و النُعاس.

من ٢٠ سنة و كاريوس على الكرسي في المكتب لا يعمل سوى شرب الشاي والقهوة وبعض أحلام اليقظة … ومع ذلك تم ترفيع كاريوس ورُفع عنه ” الظُلم ” وتحقق ” الحُلم ” .

لم يتوقف الأمر عند إيبوري فقط.. كذلك أتروبوس تذكر أن كاريوس بحاجة الى جدار إستنادي من ٢٠٠٨ ليحرك آلياته لأنقاذه كيف لا وهو يمثل البلد في الخارج وسلامته من سلامة وأمن الوطن ..

هنا نقول لهم جميعاً كاريوس وزاجروس وإيبوري وأتروبوس

كم من طريق وشارع في المدينة أولى من هذا الجدار ؟
هل الميزانية تستحمل صرف مبلغ ٣٠٠ الف دينار لخدمة شخص واحد ؟

هل ما أدفعه لتسجيل نصف دونم أرض أو تسجيل شقة يجب أن يذهب لأسواركم وطرقككم ولتشيك مزارعكم ؟

عندما أستوقف مواطن موكب زاجروس ماذا كان رده ؟
شو رأيك أجوزك !!!

عندما أعترض مواطن موكبه ماذا كان رده؟
بسجنك !!!

سيدي زاجروس ” أبو كاريوس ”

لا تسجنه ولا تزوّجه لكن لا تأخذ من جيبه وتضعها في شوالك وشوال كاريوس.

( ١٠٠٠ ) طريق في سالتوس أولى ( ١٠٠٠ ) مرة من جدار كاريوس …

أذا أحببت أنت وكاريوس أن تستمتعوا بغروب الشمس أو تستنشقوا الهواء الغربي المُحتل عليكم بجيوب أُنوفكم لا بجيوب بناطيلنا !!!!

مقال اليوم مستوحى من الأدب البيزنطي.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى