رحيل / مروان البطاينه

رحيل …
كلنا راحلون .طال المقام ام قصر..
.هذه بعض من هلوساتي ..
اهديها لكل من تعثرت خطواته في هذه الحياة
وتبعثرت امنياته في ارض الله الواسعة…
وهو عبثا يحاول لملمتها…
بدموع وابتهالات ..اهديكم ماء الموق..وبقايا روح..

بلد غريب بارد الاحساس كبرودة طقسه..
كان يمشي مطأطئ الراس مثقلا بالهموم
يقلب بصره بين غابات الاسمنت من حوله …
كانما عناصر الحياة تبخرت من تلكم المدينه
وغادرها كل روح حي …
لم يحظ بقليل توفيق و لم يدخل جوفه
بصيص امل منذ عده دهور..

شاب في صباحات العمر يسقط في الشارع
مغشيا عليه ..لم يلتفت اليه احد الا بعد حين…
قال احد المارة…هل مات
فردت سيدة عجوز…كلا انه لا يزال يتنفس
لهف قلبي عليه فاسعفوه …

في قسم الطوارئ سجي الجسد البارد ..
هل ثمة امل في حياة ..سالت ملائكة الرحمة …
سألت طبيبا يقف قبالة الجسد المنهك بؤسا وغربة ووجعا..
يرد الطبيب ..اخشى ان عليه ان يلحق موعدا
اخر ليس في عالمنا..
هل عرفتموه ..؟
ردت..اخرى ..
هو غريب هو غريب
تنهد الطبيب وقال اجزم انه يجود بآخر الانفاس..
مسكين هذا الفتى.. اعتقد انه واجه واقعا مؤلما…وحظا عاثرا..

مقالات ذات صلة

عبثا حاول ذلك الشاب ان يخبرهم عن حاله
ان يرشدهم الى وجعه او ان يعطهم عنوانه..
فقد تجمدت الكلمات في جوفه وتحشرجت الانفاس…

حلق بعيدا عائدا الى قريته التي غادرها محملا بالالم والامل ..
تجول في وديانها وتسلق تلالها وانتظر حبيبته عند نبعة الماء
وكالعادة اخلفت الموعد ولمَّا تأت..
عانق حبات المطر المنسابه على جبين الاشجار ولعب مع العصافير
و طارد الفراشات..بث في الاثير العلوي شوقا لامه ولاحضان ابيه ولشقاوة اخوته …

نادى …ابتاه ارجوك احملني الى حيث انتمي
ردني الى جذوري التي انبتت براعمي
كم اتمنى ان ادفن فيك يا وطني
كم اتمنى العوده..فقد انهكني طول الغياب…
لكن كلماته لم تغادر جدران الغرفة فقد خانه الاثير
وخذله الصدى..فعادت كلماته اليه عطشى..
غير مرة صرخ ..اريد ان اعود ان اعود ..
لكن لم يكن ثم مجيب….

لم يطل الامر كثيرا ..اذ
سرعان ما انقطعت تلكم الهواجس وتجمدت الامنيات..

..تدحرجت دمعة من مقلة الفتى ودوي صوت في الجنبات
طوط طوط طوط … وارتاح الجسد المتعب بعد عناء
ودق جهاز القلب المعلق على قارعة السرير..
قائلا قد اذن له بالرحيل..
لا بكاء ولا انين ..لا مشيعين ولا معزين…
وبعد بضع دقائق ..تم اعلان موت الغريب

**قد تكون الغربة صعبة وموجعة…لكنها لن توجع
كما غربة الروح في الجسد وغربة الحر الفقير في الوطن…

رد الله غربتنا وغربتكم..
طوبى للغرباء…

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى