اسرائيل “تغيب” عن التوتر الحاصل بين امريكا وايران

سواليف _ تغيب إسرائيل إعلامياً عن التوترات الحاصلة بين إيران وأمريكا، فبينما لا يمر يوم من التهديدات الصادرة من الجانبين، تلتزم تل أبيب الصمت بشكل تام تقريباً، باستثناء تصريح واحد على لسان وزير الطاقة يوفال شتاينتز حذر فيه من هجمات إيرانية مباشرة أو بالوكالة على إسرائيل، إذا تصاعدت المواجهة بين طهران وواشنطن.

تعلم إسرائيل جيداً العداء الذي تبثُّه إيران لها عبر إعلامها وأذرعها في المنطقة، وتعلم أيضاً أن أي مواجهة قادمة مع إيران ستكون هي اليد الأمريكية التي يمكن أن تلويها طهران في المنطقة، وتُلحق بها أكبر ضرر ممكن.

فهل يُعقل أن إسرائيل ملتزمةٌ الصمت فعلياً؟
ظهر اسم إسرائيل قبل أيام، على لسان رئيس الوزراء العراقي الأسبق إياد علاوي، الذي كشف عن سبب الاستنفار الأمريكي الذي حدث في العراق، بدءاً من زيارة وزير الخارجية مايك بومبيو لبغداد بشكل مفاجئ، وما تلا ذلك من سحب واشنطن رعاياها من العراق.

علاوي قال إن التحرك الأمريكي جاء بعد حصول واشنطن على معلومات استخباراتية من إسرائيل، تقول إنها «عثرت على مخزون من الصواريخ الباليستية الإيرانية في العراق»، بحسب ما ذكرته مجلة Foreign Policy الأمريكية.

وتشير التقارير الإعلامية إلى أن إيران أرسلت سرّاً صواريخ مدفعية طويلة المدى إلى ميليشياتها الوكيلة في العراق، وضمنها «كتائب حزب الله» و«حركة حزب الله النجباء» اللتان صنفتهما الولايات المتحدة على لائحة الإرهاب، وربما «منظمة بدر» أيضاً.

وأكد علاوي أيضاً أن المعلومات مدعمة بصور من الأرض وليس من الأقمار الاصطناعية فحسب، وهو ما يدل أن إسرائيل تعمل في صمت حول مراكز القوة لإيران بالمنطقة.

وتفيد بعض التقارير بأن الأمر لا يقف فقط عند وصول شحنة صواريخ إيرانية إلى العراق، بل إن هذه التنظيمات الوكيلة الشيعية قد طوّرت استخداماً خاصاً لقواعد آمنة في محافظات ديالى (مثل «معسكر أشرف») وصلاح الدين («معسكر سبايكر») وبغداد (جرف الصخر) وكربلاء (الرزازة) وواسط (الصويرة).

ومن المسلّم به أيضاً على نطاق واسع، أن الميليشيات طوَّرت خط تواصل وتحكُّم يمتدُّ إلى إيران عبر ديالى، يسمح لها باستيراد الصواريخ والمعدات من دون موافقة الحكومة أو عِلمها.

تحركت أمريكا فوراً، فأرسلت بومبيو إلى الحكومة العراقية، لمحاولة السيطرة على الأوضاع، فهي تعلم أن أحد أهداف هذه الصواريخ إسرائيل في أي مواجهة عسكرية مع إيران، ولذلك فإن تل أبيب لن تنتظر تلك اللحظة.

ما الخيارات المتاحة لإسرائيل وواشنطن للتعامل مع هذا التطور؟
أخبر وزير الخارجية الأمريكي، خلال زيارته المفاجئة لبغداد، المسؤولين العراقيين بأن واشنطن تريد تجنُّب الصراع، وأنها لا تريد الحرب مع إيران، في حين ظلت إسرائيل صامتة أيضاً.

لكن ذلك لا يعني أن واشنطن وإسرائيل ستقفان متفرجتين على ما يحدث بالعراق، بل العكس يتصاعد القلق في دوائر الاستخبارات العراقية والأمريكية والإسرائيلية من هذه التحركات، بحسب معهد واشنطن.

مما لا شك فيه أن إسرائيل تدرس طريقة التعامل مع هذا التهديد المحتمل، وما إذا كان عليها أن تتعامل مع هذا التهديد المحتمل في أعقاب الذهنية السابقة المعتمدة تجاه لبنان (أي عدم فعل الكثير حتى بدء الحرب).

أو وفقاً للنموذج الجديد الذي تنتهجه في سوريا (القيام بضربة مبكرة قبل أن يتطوّر تهديد الصواريخ إلى رادع هائل)، بحسب مايكل نايتس الخبير المتخصص بالشؤون العسكرية والأمنية للعراق وإيران ودول الخليج، وأساف أوريون العميد الإسرائيلي المتقاعد والخبير الاستراتيجي في الشؤون الدفاعية، اللذين قالا إن إسرائيل تدرس طريقة التعامل مع هذا التهديد المحتمل، في مقال مشترك لهما.

لكن من شأن أي من المقاربتين أن تثير مشاكل للولايات المتحدة والعراق، لذا على الحكومتين اتخاذ خطوات لتفادي اتخاذ إسرائيل هذا القرار في المقام الأول.

لكن هناك عقبات تواجه إسرائيل في خياراتها
في حال شعرت إسرائيل بأنها مضطرة إلى التحرك ضد إيران بالعراق، فإن الغارات الجوية على العراق -كما تفعل في سوريا- لن تكون خيارها الأول، فأي ضربة تستهدف محافظة ديالي أو مناطق تقع على البُعد نفسه، ستتطلب اختراق أكثر من 800 كيلومتر من المجال الجوي للأراضي الأردنية والسعودية؛ ومن ثم مواجهة أنظمة الدفاع الجوية العراقية وربما السورية.

الأمر الآخر الذي قد يواجه إسرائيل، وفقاً للكاتبَين، هو أن من شأن هذا النوع من التحرك أن يعقّد العلاقات والمصالح الأمريكية في العراق، فضلاً عن علاقات إسرائيل مع دول المنطقة.

فماذا ستفعل إسرائيل؟
يرجح معهد واشنطن أن تبدأ إسرائيل بالطلب من شركائها الأمريكيين والأوروبيين والإقليميين توفير الدعم الاستخباراتي وقنوات التواصل مع القيادة العراقية المعنيَّة، وبذلك تعزز خياراتها المستقلة.

وعندئذ ستستخدم هذه القنوات لمنع نشر صواريخ إيرانية في العراق.

وفي الوقت نفسه، لن تُسقط إسرائيل الخيار العسكري من حساباتها، وستعد خيارات عملياتية تهدف إلى تدمير القدرة على التهديد كعامل دعم أخير.

لكن ذلك لا يمنع إسرائيل من السير ضد التيار، متخطيةً الصواريخ والمعدات لتستهدف الجهات الفاعلة الرئيسة المسؤولة عن توليد خطر الصواريخ الباليستية الذي يطرحه وكلاء إيران ضد إسرائيل.

وفي موازاة ذلك، قد تسعى إلى تغيير حسابات المخاطر في طهران من خلال الإظهار للنظام أن الحرب غير المباشرة ليست أحادية الاتجاه، وأنه قد تكون للهجمات التي تُشَن من أراضي طرف ثالث تبعات على الجنود الإيرانيين والأراضي الإيرانية.

وبالتأكيد فإن الثمن الأكبر في هذه المواجهة سيدفعه العراقيون، وذلك على حساب استقرار بلدهم، لذلك كانت الرسالة الأمريكية التي حملها بومبيو للعراقيين واضحة ودقيقة: إذا لم تقفوا إلى جانبنا، فتنحّوا جانباً.

عربي بوست

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى