منصة “حقك تقرف”
القرف أو الاشمئزاز هو أحد الانفعالات الأساسية في بني البشر والتي من المفترض كفلها الدستور الأردني في المادة (15) الذي وضعت على الدولة التزاما دستوريا بكفالة حرية الرأي والتعبير بكافة الوسائل والتي من ضمنها “القرف” من الحكومة وسننها وتصرفاتها وافعالها ونهجها وتكوينها الضعيف وخلطها للأمور وحتى من منصتها ” حقك تعرف” الذي هو حق كفله الدستور وسلبته الحكومات وشوهته ولم تصدق في روايتها بما ادي غياب الثقة بالمطلق.
حق المواطن ان يقرف مما صرح به رئيس الوزراء السابق طاهر المصري ، عن حقيقة كيفية إدارة الدولة وهو الذي أصبح فيما بعد رئيس مجلس الاعيان ورئيس مجلس النواب عندما صور الحكومة وكناها بانها مثل ” البعير “حين قال:” حجم التآكل الذي يضرب فـــــي بنيتنا الاجتماعية وما تعرض له عقدنا الاجتماعي من خلل في بنيته الجذرية أدى إلى تراجعات عديدة، وأن قانون الضريبة القشة التي قسمت ظهر البعير. “(٣١/٥/٢٠١٨)، ثم تصريح اخر له بتاريخ ١٩/١١/٢٠١٨ حيث قال ” نحن كمرجعيات لا يؤخذ برأينا ولا استغرب ذلك فهنالك مسؤولون علي راس عملهم لا يعرفون القرارات التي تتخذها الدولة ولا يؤخذ برأيهم حتى وهم في موقع المسؤولية” انتهي الاقتباس.
وهذان التصريحان يؤكدان عدم اهتمام الحكومة برآي ومصلحة الشعب وضربها للتوصيات الناتجة عن المظاهرات والاعتراضات السلمية بحذاء السلطة واستخدام مجلس نواب تابع لإخراج مفردات املائية وخارجية، وثانيا ان الحكومات ورؤسائها هي صورية لا قيمة ولا قرار لها وأنها تفاجئ بما يحدث اثناء عملها وتسخف آرائهم ولا يعتد به ولا يستشارون من أصله سواء اثناء تواجدهم علي راس عملهم او بعد خروجهما وتهمل توصياتهم.
حق المواطن ان يقرف مما صرح به رئيس مجلس الاعيان فيصل الفايز لوكالة الاناضول حول صفقة القرن التي هي أساسا إقامة نظام بديل بعد ان استقر الوطن البديل اردنيا: حيث أوضح: “نحن معنيون بما يرضي الشعب الفلسطيني، وهذا هو الأهم، إذا قبل الفلسطينيون بالحل فسنقبل نحن بالحل، وإذا لم يقبلوا فلن نقبل”. ٢١/١٢/٢٠١٨. انتهي الاقتباس.
هذا التصريح معناه توطين ملايين اللاجئين وانتهاء حق العودة، والموافقة على مؤامرة النظام البديل، معناه ان الأردن قراره تابع للسلطة الفلسطينية والتي هي منقسمة بين “عباس وجماعته من جهة ” وحماس وتنظيماتها من جهة. وماذا لو رفض الفلسطينيين أي ولاية هاشمية علي القدس هل ستوافق أيضا الأردن على ذلك من منطق الأردن سيوافق على كل ما يوافق عليه الفلسطينيين؟.
حق المواطن ان يقرف ويعبر عن قرفه دون اعتقال، ودون مصادرة رأى، ودون احتجاز او تهديد، ودون مسائلة.
حق المواطن ان “يقرف” من قضية الفقر والبطالة، من معالجة قانون الضريبة، قانون الجرائم الالكترونية، من حادثة البحر الميت ومقتل ١٢ طفلا بريئا، من عدم تقديم وزراء للمحاكمة بتهم التقصير والإهمال والرشوة السياسية، من قضية عوني مطيع والدخان ومن عدم احضار بطل فساد الفوسفات، من عدم محاسبة سكن كريم، من قرارات نواب المحمول، من مئات القرارات والتصرفات التي عادت علي الوطن بالمديونية و الخسارة و الفشل و غياب الخطط و المحاسبة.
حق المواطن ان يقرف لأنه لا مثلا علي سبيل الذكر لا الحصر لا يعلم تفاصيل حقيقة اغتيال وصفي التل، هزاع المجالي و شنق او انتحار توفيق أبو الهدي ، اقصاء الملك طلال عن الحكم، تفاصيل المنح الخليجية والمعونات العسكرية الامريكية، ميزانية الديوان الملكي ، المخصصات الملكية ومن اين يصرف الحاكم و عائلته ، قضية التسهيلات البنكية، حقيقة وكيفية إدارة اتهامات سميح البطيخي ومحمد الذهبي ، دون تجريدهم من رتبهم العسكرية حسب قانون محاكمة الضباط ، دواعي محاكمة ليث شبيلات والرجل الذي استدعي من المانيا ليقول كذبا انه دفع له مليون دولار، محاكمة صلاح أبو زيد وزير الاعلام الأسبق و السفير الأردني في لندن سببها ومسبباتها، أوجه الصرف خارج الموازنة، أراض الدولة و ملكية السفارات في الخارج ، كميات النقد و غير المعلن رسميا المطبوع والمستخدم، اين ذهبت مليار و سبعمائة مليون دينار من موازنة د. عبد الله النسور، حقيقة شراء الضمان لأرض الطنيب بمبلغ يزيد عن سعر السوق بأربعين مليون من دنانير الوطن تقريبا و لماذا لم تحال الي دائرة الفساد ، كيف تم تعيين في وظائف الدولة خار المنافسة و ديوان الخدمة المدنية ، وغيرها من الأمور التي لا يعلم بها الا كريستيان ديور وفرسا تشي ومن يرتاد محالهما الباريسية.
عندها فقط يمكن البدء في تفعيل ” منصة حقك تعرف” كيف يتم اختيار المقارف و القراف لتشكيل حكومة يقرف بها الشعب و يقهره.
“حقك ان تقرف يا مواطن” والذي هو حق فطري وطبيعي من كل شيء مقزز ومستفز تقوم به الحكومة ومعاوينها في مجلسي النواب و الاعيان و الأجهزة التابعة وحق المواطن ان يقرف من كذا و كذا مما لا يصرح بالكتابة عنه، حقك ان يقرف المواطن دون تشريع وموافقة من مجلس نواب او مجلس الاعيان.
وكما قال الاعرابي:” والمرء ما دامت حشاشته قرف من الحدثان والألم ” والمعني لا يحتاج الي توضيح.
قرف الشعب و رائحة الحكومات علي شاكلتها و تشكيلها و افعالها و تجاوزاتها الاجتماعية و انتهاكاتها الأخلاقية للسياسات العامة ومنصاتها المعطلة لم تعد مستحبة .
aftoukan@hotmail.com
