داعش مَح… داعش بَح!!! / الدكتور ناصر نايف البزور

داعش مَح… داعش بَح!!!

– يمّا وين الأكل… وين المنسف…و الله يمّا إنّي مَيِّت مِن الجوع… و الله عصافير بطني بتزقزق… 🙁
– و الله يمَا يا خلف بلعه و سَفُّه أبوك “أبو شيبة” و ما خلّالكم منّه ولا حبّة رز 🙁
– معقول يمّا؟؟؟
– و الله يا ميمتي ما ظل…روح شوف الثلاّجة يا حبيبي…
– يلعن أبو هالعيشة… شو إحنا بالصومال… 🙁
بمثل هذا السيناريو المتراكب في التسلسل المنطقي أو ما يُقاربه يكون الحوار اليومي بين الأم و أبنائها الكبار في الحديث عن طلب وجبة الطعام من قِبَل الولد و اعتذار الأم له لعدم توفّر المزيد منه بسبب “أبو شيبة”…. و طبعاً وراء كلِّ مصيبة أبو شيبة 🙁
و على الجانب الآخر من القمر، فالطفل الذي بلغ العام أو يزيد بقليل قد يُعبّر عن نفس حاجته للطعام باللجوء إلى مخزن طعامه و حبيبته مُستنجداً: مَح… مَح… مَح!
فتُلبّي له الأم أمنيته و إن كان الطعام قد شَح… أمَا إذا انعدم الطعام أو إذا علمت الأم أنّ الطفل “سرسري” و أنَّه غير جائع و أنَّ طلبه هو مجرّد لهو و عبث فيكون جوابها: ماما بَح… ماما بَح 🙂
هذه هي ببساطة شديدة أساسيات نظريات التعلّم التي نقوم بتدريسها لطلبتنا في توضيح اختلاف مستويات اكتساب اللغة شكلاً و مضموناً عند الكبار و الصغار بسبب التباين الواضح و الفروق الهائلة بين الصغار و الكبار في الجوانب الصوتية، و الصرفية، و النحوية، و الدلالية و الإدراكية و المعرفية الدنيا منها و العليا… سامحونا على هذه الفذلكة…
وهذا يعني ببساطة أنَّ الطفل غير قادر على نطق أسماء الطعام و هو لا يعرفها أصلاً؛ فهو لا يستطيع معرفياً التمييز بين أصناف الطعام المتعدّدة، و إنّما حصر حاجته في صوتين يتقنهما؛ فعبّر عن حاجته “مَح… مَح” ( و قد تكون الميم تعني ماما… و الحاء تعني حليب)، و كذلك فإنَّ الأم مضطرة إلى أن تتكيّف مع قدرات طفلها و أن تخاطبه بطريقة تتناسب مع مستواه اللغوي و العقلي، يعني “توخذه على قد عقله” فتقول له: مَح بَح… مَح بَح (أبيش حليب) بتكرارها أحيانأ دون الحاجة للأدلة و البراهين و الحلفان و الأيمان المغلّظة مثل “و حياة أبو شيبة، ولاّ ريتني أقبره…” التي قد تستخدمها مع أبنائها الكبار 🙂
هذا هو ببساطة ما حدث مع أسطورة القرن الحادي و العشرين “داعش”!!! فقد أصبح التنظيم كالمنسف في شهرته و تصوير قوّة انتشاره حتّى صوّرته الأنظمة لشعوبها أنّه ثالث أقوى جيش في العالم؛ بل و وصل الكذب و التدليس بـ “أبو شيبة” (الولايات المتّحدة) أن تقول على لسان رئيسها السابق اوباما و بعض قادتها أنّهم بحاجة إلى خمسة عشر عاماً للقضاء على تنظيم الدولة… حتّى صدّق العالم أكذوبة داعش الهوليوودية بأسلحتها و جيوشها و تقنياتها الإعلامية التي فاقت فبركات هوليوود… على كل حال اوباما “بح” هو الآخر 🙂
و عندما قرّر “أبو شيبة” أن ينتقل إلى المرحلة الثانية من اللعبة، كانت المفاجأة بخبر قصييييييير و مقتضب و دون الحاجة إلى أدلة و لا أيمان و لا أفلام متقنة… فكان الخبر ببساطة: لقد تمَّ القضاء على داعش… يعني داعش بَحَ… داعش بَحَ!!!
نحن لسنا أطفالاً سُذّجاً و لا أنتم بأمّهاتنا حتّى نصدّقكم بهذه السذاجة… 🙁 على الأقل “كلفوا خاطركم” بتجهيز كذبة معقولة تبيّن و توضِّح لنا كيف قام “أبو شيبة” بالقضاء على المنسف المزعوم، أعني تنظيم الخلافة ISIS، في خمس دقائق بدلاً من الخمسة عشر عاماً 🙂
قولوا لنا ابتلعتهم الرمال المتحرّكة في صحراء العراق و سوريا… على طريقة قصص ألف ليلة و ليلة… فيصبح لدينا ألف ليلة وليلتين 🙂
قولوا لنا قتلناهم جميعاً بقنبلة صوتية و ألقينا بجثثهم في المحيط لإطعام سمك القرش كما فعلتم بجثّة أسامة بن لادن…
عاملونا كمراهقين و قدّموا عملية القضاء عليهم كأفلام رامبو و التيرمِنيتر ….
عاملونا كأبناء ست سنوات و قدّموا العملية كأفلام غراندايزر و ساسوكي أو بن تن…
لكن لا تعاملونا كطفل عمره سنة واحدة فتقولوا لنا: داعش بَح… فنقول لكم: أح… أحّيه…. بايخة 🙁
و الله واتلولحي يا دالية… و الله و دح دح دحِّية…. بح بح بحِّية … 🙂
#Critical_Thinking_Campaign

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

تعليق واحد

  1. تحية للبروفيسور ناصر البزور حفظه الله. نعم ان ما حدث هو مهزلة كبرى

    اين داعش؟؟؟؟؟

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى