خيطان يضرب من جديد!

خيطان يضرب من جديد! / المحامي أشرف الزعبي

يستطيع المطلع التلاعب بالألفاظ، وإستخدام مركباتها السياسية، والإقتصادية، والاجتماعية، للوصول إلى الحكمة المموهة، كما يستطيع العمل على صرف الذهن عن الأحوال والحقائق الصحيحة، أو تلك المقبولة عقلاً، إلى عكس مدلولاتها الصحيحة، فيقوم من يمارس هذه الأفعال، بصرف نظر الآخر، وتضليله عن الوجهة الحقيقية للتفكير.

قرأت مقالين للصحفي فهد الخيطان، في جريدة الغد، أولهما تسويات ودولة بثوب جديد، والآخر إعلان للمئوية الثانية ماذا نريد، وتوقفت عندهما بعد أن أستفز وعيي القانوني والسياسي، فقررت للمرة الأخيرة أن أرد عليه.

يطرح خيطان في مقاله الأول، فكرة الإصلاح عبر السلطة التنفيذية، ممثلة بالحكومة، وبإشراف مباشر من مؤسسة العرش، ويقول – في غزل وولاء – إن كل نقطة تحول بدأت من هذه المؤسسة، ثم يمطر هذه المؤسسة بوابل من المقاربات الثابته، ويصل إلى أن تشكيل المؤسسات التشريعية، والتنفيذية لدينا، كانت تتم على قاعدة إسترضاء فئات، على حساب اخرى، الأمر الذي ارتد عكسيا على الدولة، ولم يحقق الولاء، وينتهي لطلب قيادة حاسمة لمسار جديد، ويطلب تكريس القيم الدستورية، وعدم المساس بالدستور من أي طرف.

ونقول للكاتب، لماذا استبعدت الشعب الاردني من مشروع الإصلاحات؟ كيف ذلك وهو مصدر السلطات حسب  نص المادة (24/1) من الدستور، وأين مؤتمرات الأردنيين منذ النشأة؟ وأين هي المواثيق الأردنية؟ وآخرها الميثاق الذي تم في عهد الملك الحسين، الذي يكرس ويعيد تثبيت ما خطه الأوائل، في وثيقة المؤتمر الأردني الأول، لا بل أنه يشكل نقلة نوعية، يبنى عليها لنصل لحكم نيابي ملكي وراثي، أين نضالات الأردنيين، وحقهم في التشاركية مع الهاشميين، للمضي قدماً في سبيل رفعة هذا الوطن؟ ثم كيف لحكومة معينة، ليست صاحبة ولاية عامة، تقود اصلاح يرسمه من عينها؟

والمعارضة ليست بوعي متدني، ولا هي صاحبة مرض كما افدت! فالعمل الحزبي لدينا، تعرض ولا زال، لمحاولات خنق أوصلته لهذه المرحلة، حتى بات الحزبي سُبة في المجتمع، بعد أن كان رائداً وقائداً، وحتى تلك الأحزاب التي نادت بالقطرية، ورفعت شعار الأردن اولاً، تعرضت لذات المضايقات التي لحقت ببقية الأحزاب القومية وغيرها، مع فارق كبير في حجم القسوة، الذي لحق الاحزاب القومية، لجهة الاعتقال، ومنع العمل، وتقييد الحرية، كما طالت عمليات الخنق النقابات المهنية، الجسم الديمقراطي الوحيد، ورأينا مؤخرا ما حدث مع نقابة المعلمين. أجزم أن أوهامك أوصلتك لتقرر بوجه الأمة، أن مشروعها بالوحدة قد إنهار تماماً، وأن الميثاق الوطني للعام 1991 قد تقادم، لتصل في مداعبة واضحة لأوراق الملك النقاشية، وانت بذلك، تمحو تاريخ من العمل السياسي، والحزبي، والقانوني في الأردن، ، وتنقض ما تتحدث عنه في كتاباتك، عن الإنجازات التي حققها الوطن، فالإنجاز يبنى عليه ويعظم، لا يهدم ويتقادم كما تقول!.

فهل المانفستو الذي تطالب به هو دستوراً جديداً؟ ام منهجاً جديدأ؟ ام ماذا؟ وعن اي اعلان تتحدث؟ وأين الدستور الذي طالما تدافع عن الاقتراب منه، الدستور الذي تعرض لتعديلات نزعت عنه صفته البرلمانية الدستورية، ولم نسمع منك كلمة واحدة حول ذلك؟ أليس الدستور هو القانون الذي يرسم شكل الحكم وسلطاته؟ أليس الدستور هو مظلة الجميع حكاما ومحكومين؟ أليس الدستور هو الاولى بأن نبدأ به اذا أردنا اصلاحاً حقيقيا، يعيد للسلطات استقلالها، ويدستر قضاءً مستقلا استقلالاً تاماً.

 يحتاج الملك لمن يقدم له الرأي الحصيف و الجريء، الرأي الذي ينقل حالة الإنسداد الوطني بحذافيرها ويجترح لها الحلول، حلول تصب في مصلحة الدولة والوطن، تحت قيادة الملك كحامي للدستور، وميزان بين السلطات، ملك يسود على السلطات، ولا يمارسها، نحتاج متشاركين أن نعود لنظامنا الأساس، نظام نيابي ملكي وراثي، يكون فيه الدستور والقانون هو الملك، وأكرر مرة بعد مرة، لا خلاف بين الاردنيين والهاشميين، كما يصور البعض، الخلاف يتجه مباشرة، نحو شكل وأدوات الحكم فقط، وهذا يحتاج أن يكون الحل جذريا لا ترقيعياً، فكفى مجاملات ومداعبات لا تصب في مصلحة النظام ولا الوطن.

اظهر المزيد

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى