خبز الكرامة

خبز الكرامة يصنع من طحين الطباشير أيضاَ..

مقال الإثنين 7-10-2019
خبز الكرامة
لم نخبئ موقفنا منذ اللحظة الأولى ،ولم نتردد في الانحياز له مهما كانت النتائج …ببساطه لأنه وجه الوطن ، فكيف لي أن أخذل وجه وطني ،أو أهرب منه عند ندائي، كيف لي ان أبدو جباناً وهو من علمني الشجاعة ، وأن أدّعي “التأتأة” وهو من علمني البلاغة ، وأن أفضل مصلحتي وهو الذي امتحنني طويلاً في درس “الإيثار” …لذا كنّا معه،ونبقى معه ، وسنبقى معه فنحن الأبناء ونحن الطلاب مهما شاب الشعر أو زحف العمر على ملامحنا ، ما يطلبه منا في أي وقت وفي أي ظرف لا نستطيع الا أن ننحني له ونقول : “حاضر أستاذ”..!.
**
ولا أدري كيف كان يجرؤ المسؤول الحكومي أن يقول لا في وجه معلمه، أو يجلس معه جلسة تفاوض ، الآباء لا يُفاوَضون على حقوقهم ، الآباء لا يُفاوَضون على برّهم ومحبّتهم الآباء يقال لهم “لكم المال كله” والعمر كله والاحترام كله..
المعلّم هو من علّمني حياكة الكلمة ، وزراعة النقطة ،وصناعة المفردة،وفكك الأرقام لأفهم المعادلة ،وعلّمني كيف أضع النقاط فوق الحروف، هو من رفعني الى سطر الحياة ، وأرادني أن أبقى ترويسة في دفتر الحق ، لا على هامش الباطل أمحي أو أنسى..هو الذي أسعفني بإكسير الكرامة عندما لدغني عقرب اليأس والخوف..هو الذي أحيا بي أملاً كدت أن أفقده ، لأكتشف أن من كان يقرع الجرس في أول النهار ، هو نفسه من يقرعه قبل الانهيار..
أخيرا..وأنا أصطحب أولادي صبيحة الأحد 6-10 كان لجرس المدرسة صوت مختلف ،فيه روح العبادة ، وفيه رائحة الولادة ، كان الجرس يرسل لحناً جديداً للكرامة ، يطرب البيوت المستيقظة على شمس الإرادة ، يدندن بالانتصار ، كانت النجمة تريد ان تفرّ من العلم الثائر فوق السارية ، تقبّل الهامات تجلس على المقاعد ، تنشد للقادمين الى فرض العلم لمقيمي صلاة الحرف الأولى نشيد “موطني”..
وأنا أصطحب أولادي الى المدرسة، لأول مرّة أعرف أن عشق الوطن قد يدخل من باب صغير يحرسه معلم ، أو من ابتسامة معلمة أو من حقيبة طالب صغير يؤرقه تعرّج الحروف على بياض الدفتر ، لأول مرّة أعرف أن خبز الكرامة يصنع من طحين الطباشير أيضاَ..

وإنها البداية…

احمد حسن الزعبي
ahmedalzoubi@hotmail.com

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

‫3 تعليقات

  1. اذا ظن من يُمَنِّنُ عَلَى المعلم بِعَطَايَاهُ انه قد أجزل العطاء فقد جافاه الصواب!!! نعم نحن جميعا مع ان تكون علاوة المعلم اعلى من علاوة كافة المهن والتخصصات لأنه لن تكون تلك المهن أساسا من غير ذلك المعلم بل يجب أن تتغير المفاهيم و ان نبتعد عن شيطنة الحق إذا أكرمنا المعلم فإننا نصنع الحضارة ( بالعلم ترقى الأمم و بالأخلاق تدوم) و على كافة النقابات المهنية أن تتفق على أن علاوة المعلم لن يدانيها علاوة لأن المعلم هو من صنع الطبيب و المهندس و المدير,و الجندي و و….كل المهن جزء من وطن والمعلم هو من يصنع الوطن.

  2. أيها الكاتب الجليل كنت داعما حقيقيا للمعلم مؤازرا تشحذ الهمم في الوقت الذي سقط فيه الكثير من مدعي الكلمة والقلم في هذا الاختبار …
    طوبى لنا حرفك الحر وطويى للوطن بابن بار اسمه أحمد وطبت بكل خير

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى