حل النقابات المهنية من منظور قانوني

خاص بسواليف
حل النقابات المهنية من منظور قانوني
المحامي الدكتور حازم سليمان توبات

استاذ القانون الدستوري المساعد في جامعة جدارا

هل نص المادة (37) من قانون العقوبات التي تجيز حل النقابات والشركات والجمعيات وكل هيئة اعتبارية ما خلا الادارات العامة, اذا توافرت أي من حالات الحل , ينطبق على النقابات المهنية التي تأسست بموجب قانون؟
الاجابة على هذه السؤال تستلزم تحليل النصوص القانونية المتعلقة بهذا الموضوع والمصطلحات الواردة بهذه النصوص تحليلا دقيقا للوقوف على أحكامها, ولا يجب في أي حال من الاحوال الأخذ بالمفهوم السطحي لهذه النصوص وإلا عُد ذلك توظيفا للقانون في غير محله.
فالمادة (36) من قانون العقوبات تنص على أنه يمكن وقف كل نقابة وكل شركة او جمعية وكل هيئة اعتبارية ما خلا الادارات العامة اذا اقترف مديروها او اعضاء ادارتها او ممثلوها او عمالها باسمها او باحدى وسائلها جناية او جنحة مقصودة يعاقب عليها بسنتي حبس على الاقل .
وتنص المادة المادة 37 على أنه يمكن حل الهيئات المذكورة في الحالات التي اشارت اليها المادة السابقة:
أ . اذا لم تتقيد بموجبات التاسيس القانونية .
ب. اذا كانت الغاية من تاسيسها مخالفة للقوانين او كانت تستهدف في الواقع مثل هذه الغايات .
ج. اذا خالفت الاحكام القانونية المنصوص عليها تحت طائلة الحل.
د . اذا كانت قد وقفت بموجب قرار مبرم لم تمر عليه خمس سنوات .
نلاحظ من نص المادة (36) والمادة (37) أنها استثنت من أحكامها الادرات العامة, بمعنى أن حكم وقف الهيئة العامة عن العمل أو حلها المنصوص عليها في هذه المواد لا ينطبق على الإدارات العامة. ولكن السؤال الذي يطرح نفسه الأن: هل تعتبر النقابات المهنية من ضمن الادارات العامة التي استثناها القانون من الشمول بأحكامه؟ إن الاجابة على هذا السؤال يمكن أن نستمدها من حكم القضاء نفسه والذي يعتبر بعد اكتسابه الدرجة القطعية عنوانا للحقيقة. بالرجوع الى حكم المحكمة الادارية العليا رقم( 62/2017 ) المتعلق بالطعن بقرار صادر عن المحكمة الادارية بخصوص قرار اداري صادر عن نقابة الاطباء , نجدها قد عرفت المقصود بالادارات العليا وادخلت في مضمونها النقابات المهنية التي تنشأ بقانون خاص بها حيث جاء في منطوق القرار(…والقرار الإداري النهائي هو بالضرورة قرار صادر عن أحد أشخاص القانون العام ، أي الهيئات المعتبرة من أشخاص القانون العام سواء كانت بحكم ماهيتها ( مثل الدولة ، الحكومة – أو مؤسساتها ) أو تلك التي تنشأ بقانون خاص بها ويسبغ عليها المشرع صفة الإدارة العامة ، ولو كانت ذات تكوين أهلي غير حكومي مثل النقابات المهنية لأنها منشأة بموجب قوانين خلافاً للنقابات العمالية التي تنشأ استناداً إلى قوانين تجيز إنشاءها ولا تعتبر من أشخاص القانون العام، ولا تكون قراراتها بمثابة القرارات الإدارية القابلة للطعن ، التي تقتصر على الإدارات العامة أو ( الهيئات) التي أسبغت عليها صفة إدارة مرفق عام مثل المحاماة أو الهندسة أو الطب نظراً لاعتبارات خاصة ارتآها المشرع فأنشأها بموجب قوانين خاصة ( تمييز حقوق رقم 2766/98 هيئة عامة تاريخ 23/9/1999) . وفي الحالة المعروضة فمن استقراء نصوص قانون نقابة الأطباء الأردنية رقم (13 لسنة 1972) وتعديلاته يتبين أن نقابة الأطباء الأردنية أنشأت بقانون خاص بها أضفى عليها صفة الشخصية الاعتبارية المستقلة وإلزامية انتساب الأطباء المقيمين في المملكة ويمارسون عملهم فيها وتتوفر فيهم شروط الانتساب المنصوص عليها في القانون وخولها حق فرض رسوم مالية وسلطة تأديب أعضائها الذين لهم دون سواهم حق احتكار مهنتهم ولا يجوز لغيرهم مزاولتها.مما ينبني عليه أن القرارات الصادرة عن النقابات المختلفة المنشأة بقانون كنقابة الأطباء والمحامين والمهندسين … الخ وأغراضها وأهدافها ذات نفع عام ولها على أعضائها سلطة تأديبية وإن لم تدخل ضمن المؤسسات العامة إلاّ أنها من أشخاص القانون العام وذلك لأنها تجمع بين مقومات هذه الأشخاص ويترتب على ذلك أن قراراتها الصادرة في شؤون التأديب أو مسائل القيد لسجلاتها أو غير ذلك من الأغراض المتعلقة بالهيمنة على عضوية النقابة قرارات إدارية يجوز الطعن فيها أمام القضاء الإداري) انتهى الاقتباس

فمن خلال هذا القرار القضائي فقد اعتبرت المحكمة أن النقابات المهنية التي تنشأ بموجب قانون خاص هي من أشخاص القانون العام التي اسبغ عليها المشرع صفة الإدارة العامة وبالتالي فإنها فأنها تخرج من نطاق أحكام المواد 36 و37 من قانون العقوبات المتعلقة بوقف الهيئة العامة أو حلها.
فكل هيئة عامة انشئت بموجب قانون خاص لا يمكن الغاءها إلا بعد الغاء القانون الذي انشأها, ولا يمكن الغاء القانون إلا في حالتين هما:
1. بقانون أخر صادر عن السلطة التي قامت باصداره.
2. من خلال حكم صادر من المحكمة الدستورية يقضي بمخالفة القانون لأحكام الدستور.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى