حذاري أيها الوزير أوديسيوس من وادي الثعالب

حذاري أيها الوزير أوديسيوس من وادي الثعالب
جهاد أحمد مساعده

استولى على إحدى المؤسسات عصابةٌ حمقى من اللصوص، فنصبوا فخًا للمسؤول عنها، فقبحوا الحسن وحسنوا القبيح له.
ومن حمق تلك العصابة، وإجادتهم في ممارسة فن النفاق، وهز الذنب له، حتى لو خلق الله لهم أذنابًا ما وجد العاملون في تلك المؤسسة أرضاً يمشون عليها، فأخذوا يُدَلِّسون ويُلَبِّسون، ويقلبون الحق باطلًا بالتجريف، والتحريف، والتبديل، والتغيير، والتزييف، سعيًا منهم للسيطرة بإحكامٍ على عقل ذاك المسؤول.
ولكون العصابة هم مجموعة من الحمقى، لا بُد أن نتعرف لصفات الأحمق وخصاله التي يستدل عليها من أفعاله وصورته.
فقد قال الحكماء في الأحمق: إذا كان الرأس صغيرا رديءَ الشكل، دل على رداءة في هيئة دماغه، وإذا قصرت رقبته دلت على ضعف دماغه وقلته، وإذا كانت عينه زرقاء وفيها صفرة كأنها زعفران تدل على رداءة أخلاقه، فالأحمق يكفيه فضلًا في كثرة أسمائه، فهو ذاك الرقيع، المائق، الماج، الباحر، الهَنَبَّق، الأخرق، الهبنقع.
وقال بعض الحكماء أن من أخلاقه الغرور والفجور، والعجلة في الأمور، والسفه في الكلام، والجهل في فقه الأحكام، والظلم والجور، فهو ضائع هائع، مفرط، غافل، متكبر، ماكر، إن افتقر قنط، وإن استغنى بطر، وإن قال لم يحسن القول، وإن ضحك نهق.
فيغضب من غير سبب، ولا يتكلم ما لم يُكلم، ويتوهم أنه عبقر، فإن أعرضت عنه أشر، وإن أقبلت عليه عَقَر.
عصابة من الحمقى تبدأ بالتضييق على الشرفاء بناءً على رأي مستشاريهم، وكأننا في عصر الجهل والظلام وشريعة الغاب، فنسيَ أنَّ لهذه المؤسسة أسدًا مهابًا، وقائدًا شجاعًا قادرًا على اجتثاثِ الفاسدين والمفسدين، ونصرة الحق.
فالظلم والمعاناة أصبحت عنوانًا لإنجازات وهمية لتلك العصابة، وقصصهم البطولية سرعان ما ينقشع عنها السحاب، وتشرق أرض الوطن بنور الحقيقة، فالظلم لا يدوم، وأن غرك أيها الأحمق المنصب الذي لم تحلم به أبدا، وظننت أنك قادرٌ على ظلم الناس، فإن أول عاصفةٍ كفيلةٍ في كشفكَ وكشف عصابتك من الظالمين، فلا تغترَّ بنفسك، وتظن كما ظنوا أن مناصبهم محصنة، فأتاهم الله من حيث لا يحتسبوا.
عصابةُ اللصوص وقائدهم الشيطانُ نهايتهم وخيمةٌ، ومن يقلل من عمل الآخرين وإنجازاتهم للوطن، هو أعمى البصر والبصيرة، للأحمق صوتٌ مرتفعٌ تسمع له جعجعة عالية كالطبل الأجوف، يصدقه كل أبله عديم الفكر والنظر.
ولتلك العصابة إطار فني تصنعه وتخرجه عبر ارتداءهم ملابس تخفي جرب بطونهم، ومكياج يغطي قبح وجوههم، وعمليات التضليل الأخرى التي يمارسونها، من خلال تصوير وجوههم الشيطانية بأنها وجوه ملائكية.
فيبدأ كبارُ الممثلين منهم بتجسيد ذلك المسؤول أنه صاحب ملحمة الأوديسة التي تبدأ قصتها بعد نهاية ملحمة الإلياذة، وتروي قصة عودة أحد أبطالها.
أيها المسؤول: لا تنخدع بكلامهم المنمق، سيقولون لك أنك أوديسيوس صاحب فكرة حصان طروادة، وأنت يا صديقي قد نزلت في وادي الثعالب، سيتكالبون عليك في أول قرار يقف ضد رغباتهم ومصالحهم الشخصية.
فلا تُصدق بما يقولون لك، وكن سيفًا يُسلط على رقاب الفاسدين؛ وانظر وتأمل، واستشر من سبقك، فما ندم من استشار.
حمى الله الوطن من المفسدين والفاسدين، وكفانا الله من شرورهم.
<

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى