ثناٸية: الجوع والوجع

ثناٸية: الجوع والوجع
شبلي العجارمة

” قال له حدثني عن عن أبيك ,فقال له إن أبي قد مات من الجوع, فقال له “کان أکل خبز طيب” , فرد عليه قاٸلاً “هو لو لقی خبز کان ما مات “.
لا شك فقد جاع الرجل وتوجع ثم مات هذه باختصار کل الحکاية , فألامنا باتت مرکبة ,ثلاثية الأبعاد إن لم تکن V.H.D, وجع وجوع وموت , وأوجاعنا لها مذاقاتُُ تختلف عن بعضها البعض کما للجوع نکهاتُُ أيضاً ,فلدينا وجع مفاصل الدولة من الرأس حتی أخمص القدم ,والدولة هنا تجنباً للقداسة أقصد بها “دولة القهوة” الرکوة بلهجة أهل الشام الدمشقيين, ولدينا وجع القاع وکذلك وجع التقاء رأس البريموس بقاع الرکوة أو دولة القهوة,كما لدينا وجع تسرب الصلصة من خاصرة الطنجرة وهو ما يقال له السرسبة بإحدی اللهجات , ونعاني من وجع المدك للبريموس وفقر في الجلدة بالذات الجلد المستوردة والتي تساعد علی عدم تهريب ضغط الوجع من کرش البريموس لفتحة ومجری المدك, کل السمکرية وبغض النظر عن تخصصاتهم المتشعبة للمدك أو باطني بريمسات أو طرابيش الراس أکدوا لنا بأن الألم ناتج عن النکاشة ,نعم نکاشة البريمس التي کانت تصنع في الصين ,وعند إنتاجنا لها لتدر دخلاً قومياً طغت موضة الغاز وسقطت هذه الصناعة الوطنية ,لکن النکاشة أصبحت تتجلی بصور وحالات ظهور مختلفة لکنها حتماً ذات رأس مدبب وخصر رفيع ناحل يأخذ بالعرض کلما تأخر للخلف .
الطرابيش تم تغييرها من الحديد للنحاس للتنك للزنك ,ولکن في کل مرة يتکاثف الشحبار وتخنتق عين البريموس لکن النکاشة تقوم بالواجب مع ضرورة تغيير الطربوش عند سمکري أٓخر من أجل الطبخ والقضاء علی الجوع باستٸصال الأوجاع مترامية الظلال لکن النکاشة هي سيدة الموقف بافتعال العلل وامتلاك حلولها .
وللجوع قصة لا تقل عن ألم ومواجع البريمرس ومفاصل دولة القهوة , فالجوع ينتشر منذ أزمنةٍ بعيدة أيضاً علی شواکل کثير وصور متعددة, والجوع استجابة لرغبات الشبع المتطورة ,فکلما ثار لغم فساد بعد فوات الأٓوان استشری الجوع وازداد ضراوةً وقسوة علی بطون الجوعی , فللجوع مذاق عام بخصم دينار علی کل جاٸع أو أكثر لقاء خدمات وهمية مقابل ولادة شبعان جديد لأسرة أکثر شبعاً ,والجوع يتبلور بمعاطف الکهلة وعصاٸب الحراٸر علی عتبات مکاتب البريد وصناديق المعونة مع الفجر الأول ,والجوع تطور للصراع علی حاويات أحياء الأرستقراط والشبعی علی حدود التخمة ,والجوع هو سفر مجلس النواب کما صرح بعضهم فقط للتنزه وتبادل التعارف بينما يسافر ابن الجاٸع الجنوبي والشمالي وابن الوسط مدة يوم ويستأجر غرفة في فندق صفر نجمة أو يثقل دمه علی أحد أقرباٸه ليحظی بشرف صورة سيلفي مع ناٸبه الذي کان يقبل کل قسوة أطفاله قبل الوصول للعبدلي إلا ما رحم ربي وهم قلة .
الجوع هو حرمان أبناء الجوعی المتفوقين من مقعد دراسي بحجة سوء الاختيار ,وهضم حقه في بعثة خارجية بسوط الشروط التعجيزية لفتح المجال علی البارد المستريح لأبناء الشبع والتخمة,والجوع قصف أعمار أبناء القری ذوي الکفاءات الوظيفية عند وصول اللقمة للفم وتکليف شبعان ومتخم بالمناصب لمکان لا يعلم عنه سوی المکان والراتب والسيارة ,الجوع حقول تجارب فاشلة علی المدارس الحکومية بمعلمها ومناهجها ومبانيها لأنها لا تخص إلا طبقات الجوع الموجوعة لأن أبناء الشبعة يتعففون عن المدارس التي تدرس منهاج اللغة العربية والتربية الإسلامية من المدارس الاستعمارية بغطاء وجه أکثر حضارية وانسجام للواقع ,الجوع هو أن حراسة محيط الوطن وخاصرته وقلبه منوط بأبناء الجوعی ولو أنهم تظاهروا ببرستيج الوظيفة لکنهم نتاج الجوع والوجع من وطنهم ولوطنهم .
…تطول ثناٸية الجوع والوجع علی وجه الأرض التي باتت قطةً جاٸعة لا تأکل إلا الجوعی لترثي شقوقها العميقة قبل أن تصبح قطعُُ تحت أنياب الذٸاب لا بل الکلاب المستذٸبة !.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى