ثلاث محذورات مهددة تواجه الأردن

ثلاث محذورات مهددة تواجه الأردن.. الحل ليس في واشنطن وانما في الداخل
زكي بني ارشيد
لست قارئا بالكف، ولا مترجماً لرواسب القهوة بالفنجان، ولا أعلم الغيب، ولا أعرف الأبراج المرتبطة بالشهور، او مطالع النجوم، ولكني أقرأ السطور، وما بينها، واجمع الحروف بنقاطها وظلالها، وربما أصل إلى قراءة الممحي أحياناً، وحسب الإجتهاد الذي تصقله الخبرة والمراس.
في اول السطر المتوافق مع اول العام الجاري، وأول الربيع القادم، اخبار مفزعة تناقلتها منابر إعلامية مزودة بذخيرة أمنية، وهواجس مفزعة، وتغيرات جذرية، وتحليلات مرعبة، تؤكد أن القادم القريب مرتبط بهندسة الهياكل، وإعادة التشكيل على المستوى المحلي الأردني، والصعيد الإقليمي أيضاً.
بعد المقدمة حديث السرايا والقرايا، ومدار الساعة وأخواتها أن الوجبة السياسية الأميركية القادمة بل والمفروضة على الأردن تحمل في طياتها حديث الإفك، والمنكر الأكبر.
يقول الراوي في مسنده المقطوع الذي لا يخلو من الإثارة المفزعة
(أخطر زيارات الملك إلى أمريكا .. والتفاصيل مفزعة). ثم يقول:
(…بعد أن تكالبت عليها -اي على الدولة الأردنية- “صواعق” سياسيّة؛ محليّة وخارجيّة، إضافة إلى “ألغام” اقتصاديّة يشعر الأردنيون معها بأنهم وصلوا مرحلة نفاد القدرة على الصبر.
اليوم تصطدم سياسات الأردن الداخليّة والخارجيّة، معاً، بحائط لم تنجح أيٌّ من الحكومات منذ سنوات في اختراقه..) انتهى الاقتباس.
بلغة غير دبلوماسية، وبعيدة عن المجاملات، والفزعات، فإن المحذور الأول هو إستمرار البلادة السياسية الرسمية التي تتعامل مع هذا الخطر الحقيقي الداهم، بعجز واضح وانانية مقيتة وحسابات ضيقة، لا تصلح لإدارة دولة وصلت إلى حافة الهاوية، ولا زال الجدل محتدماً حول المبتدأ والخبر، أيهما أسبق الإصلاح الإداري ام الإصلاح السياسي؟! تماماً مثل الجدل البيزنطي الذي أغرق حاولج الإجابة على السؤال من الأول ؟ الدجاجة ام البيضة؟ وما استفاقوا إلا على صياح الديك مؤذناً بسقوط روما، جدل الدجاجة والبيضة اشغلنا بشكل مقصود عقوداً من الزمان ولا زال مستمراً، وتفرع عنه الانهماك في كيفية التعامل مع الاحتجاجات الشعبية واحتواء الدعوات الإصلاحية، وتدجين المعارضة الوطنية.
اما المحذور الثاني فهو المهدد للوحدة الوطنية، والمدمر للنسيج المجتمعي، والذي يقتات عليه اليمين المتطرف الانعزالي، ويتمثل بنقل الأزمة من الخارج الإقليمي والدولي إلى الداخل الوطني، وخوض المعارك الهوائية في الحديث عن التوطين والتجنيس، وفي ذات السياق التعاطي مع مراهقات إقليمية مجنونة تطالب بنصب العداء لحركة المقاومة الإسلامية (حماس)، واستهداف القوى الوطنية الداعمة للمقاومة والمطالبة بالإصلاح، بعد أن نجحت الإدارة العبرية في اصطناع نظرية العدو البديل وساقت بعض الأعراب خلفها في تحالف لما يسمى بالحرب ضد الإرهاب تارةً، وضد الخطر الإيراني مرةً أخرى، وجاء الدور على تيار المقاومة، والحركات الإصلاحية.
ثالث الاثافي متعلق بإعادة التموضع الأردني داخليا وخارجيا، وحيث أن المصالح الأردنية تستوجب المحافظة على توجهات الثقافة التكوينية بتحديد العدو الخارجي وهو المشروع الصهيوني المهدد للوجود الأردني والمستقبل العربي، ما يقتضي أيضاً تحرير القرار والمسار من الارتهان الخارجي، وعدم الانسياق أو التبعية لمنهج التفتيت والتقسيم او تعزيز الصراعات وزرع التناقضات.
كلمة الفصل، بعد الاعتراف بفشل المقاربات السابقة لا يصح الإستمرار في نفق المغامرات والمراهقات السياسية، الحل ليس في واشنطن وإنما في الداخل الوطني والشراكة السياسية المؤهلة لإفشال المؤامرات الخارجية ومواجهة التحديات الداخلية.
هذا هو الطريق الذي يحتاج إلى حقه بإماطة الأذى ورد التحية السلام.
الأمين العام الرابع السابق لحزب جبهة العمل الإسلامي

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى