ICU 2 / محمد العيسى

ICU 2
ألو..
ألو ، اه بشر شو صار؟؟
الحمد لله يخوي طلع الاعفاء وراح تتعالج البنت وتصير كويسة باذن الله .
بالله جد يزم روح ربي يفرح قلبك زي ما فرحتني الحمد لله..
نعم الحمد لله دائما وأبدا ولكن في هذا الموضع بالذات يكون الحمد على المكروه والله لا على النعمة ، عندما يصبح المواطن وهو في أشد مرضه عالة على الوطن ويبقى قيد الانتظار رهين الاعفاء الذي أصبح المنقذ لغالبية المواطنين وان لم يخرج الاعفاء فسيبقى حبيس الألم وجعه يمتد من عروس الشمال إلى معان يتألم فتصرخ عمان وتبكي الزرقاء وتكفكف دموعها الكرك..

“ماما جدليلي شعري” ببراءة وألم نطقت بها سدين وهي تجهزة أمتعة الرحيل بجدائلها الصغيرة التي أصابها غيث دموع أمها التي لا تملك لها سوى الدعاء ، سدين التي دخلت مستشفى “رحمة” بسبب آلام في الرأس لم تكن تعي بأن دخولها هذا سيكون الفاصل بينها وبين أمتعة المدرسة وكتابها الذي يحمل في طياته درس عن حب الوطن وطبورها الصباحي وهي تنشد وصديقاتها موطني موطني ومن ثم تصفق مبتسمة نحو السماء..

كانت حالة سدين بحاجة الى طبيب أعصاب ولكن لم يتواجد في المستشفى ، فما كانت للجريمة الا ان تبدأ بتشخيص خاطىء من طبيب وصف حالتها بـ “توسع في حجرات الدماغ” ومن ثم أدار ظهره رافضا تصويرها صورة طبقية لعدم امتلاك أهلها لمبلغ خمسين دينار وبقيت رهينة الألم حتى اتمت الجريمة ممرضة أقدمت على اعطاءها ابرة مخفض ضغط دون قياس مسبق للضغط مما أدى الى تشنج سدين ومن ثم تقوم المستشفى بنقلها الى مستشفى الملك عبدالله وهناك سلمت سدين روحها إلى الخالق..

هذه المعاناة ليست فقط معاناة سدين وهذا الاجرام ليس فقط في مستشفى رحمة ، الطامة الكبرى والتي عايشتها عدة أيام تكمن في احد المستشفيات الحكومية وربما الخاصة والتي نتباهى بها ولكن للأسف ما رأيته ورآه الكثير من المرضى وأهل المرضى يفوق التصورات ، وأخص في مقالي هذا ذكر وحدة العناية المركزة رقم اثنان ICU”2” ، هذه الوحدة التي هي بعيدة كل البعد عن مسماها وما هي إلا مقتل للمرضى ومرحلة مؤقتة لاستقبال السكرات ولكن بمذاق طبي بشع.

مقالات ذات صلة

للوحدة المذكورة مدخلين الأول مدخل رئيسي والثاني مدخل الزيارات ولكن الغريب أنها أيضا ممر الى قسم الباطنية وممر الى المباني الاخرى كون ان اغلب المداخل مغلقة سوى هذه الوحدة ، أخبروني بالله عليكم يا من تحملون شهادات الطب هل من الصحي ان تكون وحدة العناية المركزة مدخل لأقسام اخرى وهل يجوز أن يضعوا المريض بمرض السحايا الى جانب المريض الاخر دون وحدات عزل داخلية!! هل يجوز أن تبقى النوافذ مفتوحة وهي تطل على حمامات المسجد ، هل يعقل أن أدخل لزيارة مريضي فلا أرى ممرض الى جانبه وتستمر لساعات ، ايعقل ان أدخل وأرى الجهاز الذي يحافظ على ضغط المريض ويحميه من الهبوط أيعقل أن أراه يعطي تنبيهات بأنه قد نفذ ويكون المريض حساس جدا لهذا الجهاز ومن ثم إذا نادى أهل المريض الممرض يشعرون بالذنب لان طريقة استقباله للمعلومة توحي وكأنه لن يهتم لامر مريضهم في غيابهم لانهم “علمو عليه ” ، وفي النهاية يخرجوك بكل برودة من الوحدة وينادوك بعدها لترى مريضك قد جرد من كل تلك الاجهزة وقد تم تجهيزه ليرقد في ثلاجة الموتى..

الأمر لا يحتاج الى أدلة او اثباتات الأمر بسيط جدا أي أحد يذهب الى هناك سيرى ما أقول على أرض الواقع ، أين وزارة الصحة أين رئاسة الوزراء أين مجلس النواب أين مدير المستشفى أين الاطباء!! ، هذا حال سدين وغيرها وأنا أكتب الآن والله إني على يقين من أن هنالك الان كم هائل من الحزن لدى المرضى وذويهم نتيجة التجبر بهم ، ولا أقول سوى حسبنا الله ونعم الوكيل…

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى