بعد تصاعد “الجرائم الأسرية” أ.د حسين محادين يحذر … الأسرة جدارنا الأخير والمُستهدف

سواليف – خاص – فادية مقدادي

شهد الأردن خلال الأسبوع الحالي عددا من الجرائم المروّعة التي هزّت المجتمع الأردني كونها حدثت لأفراد داخل الأسرة الصغيرة.

أولها جريمة ذبح لطفلتين في الجفر من قبل والدهما قبل أيام.

والثانية فجر اليوم الاربعاء حيث قام شاب بقتل والدته الستينية بواسطة بلطة في منطقة ماركا.

وبعدها بساعات أطلق رجل الرصاص على رأس ابنه في منطقة البادية الشمالية ووصفت حالته بالخطرة.

عدا عن حالات محاولات النتحار التي تحدث بشكل شبه يومي في مناطق مختلفة من المملكة، مما يجعلنا نقرع صفارات الإنذار وليس الجرس وحده، حتى ننتبه وننبه فيآن واحد لما يحدث داخل المجتمع الأردني والذي صارت طبيعة الجرائم التي تحدث فيه غريبة عنه وعن قيمه وموروثاته.

في سواليف توجهنا للأستاذ الدكتور حسين محادين ،عميد كلية العلوم الاجتماعية-جامعة مؤتة ، وعضو مجلس محافظة الكرك”اللامركزية” ، ليقدم لنا تحليلا علميا ورؤيا اجتماعية لما حدث ويحدث ، فقال :

الأسرة عموما هي مصنع المجتمع الاول “والشرعي” لتربية وتنشئة الافراد على المسموح به والمنهي عنه، وهو ما يُعرف ببساطة في مرجعية الافراد التربوية والقيمية الاشمل ، حيث تعبر سلوكيات الافراد المشتركة عن مضامين هذه العلاقات الحوارية او الصِدامية .

والاسرة من الناحيتين الدينية/الاعتقادية، او الدنيوية اللادينية الآخذة في السيادة في حياتنا الراهنة كتعبير ذهني وسلوكي للخصوصية الثقافية لأي مجتمع.
وأضاف : هذه السلوكيات المتفاعلة ما بين الافراد من جهة؛ ومن الجهة الثانية طبيعة تفاعلهم مع المجاميع والمؤسسات الرسمية والاهلية المختلفة في المجتمع الاردني؛ مع التذكير بأن هذه التفاعلات اليومية المقبولة تبقى ضمن المقاسات المطلوبة التي تربيهم عليها الاسرة كوكيلة عن المجتمع وملبية لطلباته الاخلاقية والثقافية والسلوكية معا.

وحذر الدكتور محادين من أن الاسرة هي جدارنا الاخير والمُستهدف ، وبين أنه حري بالتحليل ما يشهده مجتمعنا واسرنا تحديدا من جرائم بين ابناء رابطة الدم الاولى في اسرنا، لأن الاسرة تمثل عموما الجدار الاساس الاخير والمستهدف والواجب علينا الحفاظ على هويتها الانسانية المنفتحة وليست المنفلتة كما اخذنا نلاحظه من تغيرات بنيوية مثل:-
تاخر سن الزواج ، العلاقات المدنية خارج مؤسسة الزواج للجنسين غالبا، مجهولي النسب، ارتفاع نسب الفقر وتورم الانوان الفردية، الجنس الالكتروني والعلاقات العابرة للمضامين الدينية والقيمية ممثلة بضعف الضبط القانوني وكلها كانت سائدة بقوة قبل اليوم،. الخ.
وأضاف ان حصانة الاسرة وتوازن ادوارها التنشيئية لاسرنا المستهدفة بحضورها واستمرايتها انما يدعم البناء الاجتماعي والقانوني للمجتمع ومنظومة قيمه المحلية التي تتاثر حاليا وبتسارع في ما يجري في العالم من تغيرات، خصوصا بعيد ظهور وسطوة ثقافة العولمة واخطرها الخصخصة الضاغطة بقوة على افرادنا وممارساتنا الحادة في كل مؤسساتنا ،ولكن تبدو جلية في الاسرة الاردنية وبشكل قاسِ ودامِ كالعنف الاقتصادي والجنسي والكوروني والاسري الاعم المتنام عبر التكنولوجيا و التحول المنفلت نحو اقتصاد السوق الذي هو بلا قلب انساني، لأن همه الاول والنهائي للقائمين عليه افرادا ودول كبرى هو الربح فقط، ومراكمة الراسمال المادي والاحتكار التجاري، بغض النظر عن شرعية الوسيلة للربح وبالتالي تفشي الاستغلال ومصاحباتهما السلوكية، وهما المؤثران بالواقع الحالي علينا كمجتمع عربي مسلم نامِ ولكن بصورة تبعية وانسياقية واضحة من قٍبلنا كمقلدين للنموذج الغربي المعولم السائد تكنولوجيا وحياتيا حتى وصل الى بنية وتفكك وتغير منظومتنا القيمية في اسرنا ومجتمعنا الاوسع.
وتابع : من هنا فقط يمكن فهم، لماذا ازدادت الجرائم في حدود اسرنا الاردنية جراء استهدافها كجزء من العالم النام من الخارج نتيجة لغزو وسيادة النموذج الغربي والعولمي كمتغير خارجي ضاغط منذ بداية القرن الماضي وبالتدرج، ومن داخل الاسرة عبر اعادة توزيع الادوار بين افراد الاسر ابتداءً من ادوار الابوين وتراجع تاثيرهما وبصورة متسارعة في عملية التنشئة الدينية والقيمية اتجاء الابناء والبنات ولصالح تأثر الابناء بالنماذج التي تُبثها وسائل التواصل الاجتماعي المتوالدة عبر ثقافة الصورة “80% من معارفنا التي نتشربها من حاسة البصر” التي تبُثها اذرع العولمة بكثافة، ويقلدها الابناء بنهم بالضد من نمطية تنشئة الاباء ، بدليل تعلقهم في مشاهد العنف والحروب اكثر من قيم الحوار، ومحاكاتهم العمياء غالبا من قِبل الابناء للعلاقات الفردية والمصلحية لهم كافراد اولاً “الانا المضخمة بعيدا عن الجماعة” مقابل إضعاف مخطط لقيم التكافل والالتزام الاخلاقي التاريخية ضمن ثقافتنا من حيث المسموح به والمنهي عنه وهكذا، وكما يؤكد عالم النفس فرويد على ان السنوات الستة الاولى من الطفولة هي التي تحدد موقفنا كافراد من الجنسين من انفسنا ومن علاقاتنا مع الاخرين.
وختم الدكتور محادين قوله بالقول :

اخيرا…واستنادا الى اطروحات علم اجتماع الاقتصاد والقانون ايضا؛
فأن مثل هذه الجرائم (اي كان نوعها واشكالها ضمن العلاقات الاولية في اسرنا في المجتمع الاردني المتحول وبسرعة ممزقة للنسيج القيمي والاجتماعي نحو قيم الحداثة/ المالية والفردية) المدانة اخلاقيا وقانونيا وحياتيا على العموم..لذا من المتوقع وبناءً على الرصد والتحليل العلمي باجتهادي، من المتوقع ارتفاع اعداد مثل هذه الجرائم اعدادا واشكال في ظل ارتفاع نسب البِطالة والفقر وغياب العدالة النسبية وازديات التمايز الاجتماعي بين قِلة تملك الموارد والقرار في المجتمع وكثرة فقيرة ومحبطة اخذة في التطرف والغِلظة للاسف خصوصا بالنسبة للشباب الاردني من الجنسين وهم الذين يمثلون قاعدة الهرم السكاني للمجتمع الاردني.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى