اين بناء المجتمعات و الأمة من منظومة الدولة

اين بناء المجتمعات و الأمة من منظومة الدولة
م. محمود ” محمد خير” عبيد

ان بناء الأنسان هو الأساس لبناء المجتمعات النموذجية القائمة على احترام القانون, المباديء , القيم و الأخلاق. فالقيم الانسانية لها من الأثر الكثير و الكبير في النفوس، ورقيّها، ورفعتها. اخلاقياً واجتماعياً حتى يتم تحقيق الأهداف و الأنشطة و السلوك من اجل الأتجاه نحو الأفضل باستمرار، و العمل على إسعاد الفرد والجماعة، والعمل على نجاتها من السلوكيات السيئة و الأنحدار الى هاوية التطرف و الأنقياد خلف الجريمة.

ان بناء المجتمع يعتمد على التعامل مع افراده بالإحسان و المساواة بين جميع اطيافه و البعد عن التمييز بين احد منه و الجميع تحت سقف الوطن سواسية لا فرق بين انسان و اخر الا بمدى انتمائه و عمله من اجل مصلحة الوطن و المجتمع الذي يعيش به, و على المجتمع احترام كافة الأطياف الفكرية و الدينية و الطائفية و اجلال خصوصية كل فرد و عدم تجاوز خصوصيته باي شكل من الأشكال طالما لا يؤثر على الأخرين و على المجتمع العمل على تحقيق الإنسانية والإخاء بين البشر و الذي هو الهدف السامي الذي وجدنا على اساسه على هذه الأرض.

فها نحن نرى اليوم دولًا استطاعت اعادة بناء مجتمعاتها بعد العديد من المحن و الكوارث التي المت بها لتصبح من أرقى الدول وأفضلها في مجالات شتى بفضل قدرتها على تجاوز كافة الأعتداءات التي ضربت بنيتها الأجتماعية و الأنسانية و الأقتصادية و ذلك بفضل انها استطاعت ان تقر بقيمة الإنسان، وأنه العنصر الأساس في بناء الدولة, الوطن و المجتمع و من ثم بناء العالم و الأرض, و لذا اقرت هذه الدول بانها لا تملك الا الأنسان لتستثمر به و لكي تستعيد كيانها و و قوتها الأقتصادية و الأجتماعية فكان الأستثمار في انسانها.

فها نحن نرى هذه الدول اليوم التي استثمرت في بناء مجتمعاتها و احترمت كيان انسانها اصبحت دول رفاهية اجتماعية واسعة ومتوازنة، و اصبحت قادرة بان تكون في مقدمة دول العالم من ناحية الأداء الوطني, الأداء الصحي, الأداء التعليمي, الأقتصادي و جودة الحياة و سر ما وصلت اليه هذه الدول هو اهتمامهم ببناء الإنسان، والاستثمار فيه، وإكرامه.

في ضوء ما تقدم اين نحن كمجتمعات انشغلت قياداتها بزرع الفتن و جذور الفرقة من اجل ان يتفردوا بالسلطة و الفساد و الخيانة و بيع الأوطان دون حسيب او رقيب, استثمارهم الدائم كان و ما زال و سيبقوا ما داموا مستحوذين على السلطة في بناء منظومة حكمهم و فسادهم بما يتناسب مع خياناتهم و اطماعهم, و العمل على استثمار مقدرات الدولة و الشعوب و العمل على دعم و تاسيس منظومة الأمن و الجيوش من اجل حماية عروشهم و سلطانهم و ليس للزود عن الأوطان و الدفاع عن امن و امان الشعوب الذين هم اساس الوطن و ليس العروش, فعروش سلاطين الديكتاتورية و سلامتها تاتي في المرتبة الأولى في اجندة اهتماماتهم فالأوطان و الدول في منظورهم و فكرهم السادي و الديكتاتوري مزرعة خاصة لهم و هي قائمة على شخصهم و وجودهم على عروشهم و تفردهم بالسلطة و تكبرهم و عنجهيتهم و ايمانهم الأجوف بانهم لو سقطوا عن عروشهم فسوف تسقط من بعدهم الأوطان و الشعوب و ها نحن نراهم يتسابقون فيما بينهم سلاطين الخيانة و الفساد و التجهيل من اجل استثمار اموال الأوطان المنهوبة و مقدرات الشعوب التي استحوذوا عليها و اعتبروها حق مكتسب لهم في بناء المشاريع الخاصة بهم و باولادهم و زوجاتهم داخل و خارج دولهم و اوطانهم في دول اسيادهم الذين منحوهم الولاية على هذه الشعوب و اعانوهم على نهب مقدرات هذه الأوطان و اغراق الشعوب في الجهل و الخوف من الجهر بكلمة الحق و محاسبة الفاسدين و المفسدين و من اجل انشاء القصور و البذخ على رغد العيش الذي يعيشونه و حاشيتهم الفاسدة على حساب جوع شعوبهم و اغراهم بالمرض و الجهل اضافة الى العمل على نشر ثقافة الفساد و الأستحواذ على مقدرات الدول و تشجيعها دون النظر الى بناء المجتمع السوي, القوي القائم على الأنتماء و الولاء للأوطان متناسين و غافلين ان اللبنة الأساسية في بناء اي حضارة او دولة يبدأ من بناء الأنسان و المجتمع المترابط.

فها نحن و منذ ان اعلن استقلال دولنا الزائف و تحررها من الحكم العثماني و الأستعمار البريطاني و الفرنسي و الذي استخدمه بعض من ثاروا و انقلبوا على هذه القوى سببا” للانقلاب على الحكم العثماني و الثورة على الأستعمار الأنجليزي و الفرنسي من اجل كذبة نعيشها في يومنا هذا اطلقوها عندما غرروا بالشعوب للوقوف الى جانبهم الا و هي نهضة و تنويرالأمة و الحفاظ على مقدراتهم و اموالهم , لنكتشف بعد قرن من الزمن زيف ما قام به البعض من انقلابات و ثورات و ان ما تم ما هو الا تحقيقا” لأجندات خاصة متمثلة بهرولتهم خلف السلطة و الخيانة و الفساد و طمعهم بالعروش و امتيازاتها و ان ما اعلنته هذه الزمرة ممن يطلق عليهم ثوار من اجل نهضة الأمة قاموا باعلان استقلالنا الزائف و الذين هم و وورثتهم عمال للأستعمار و صبية لهم و حثالة زبانيتهم عملوا و ما زال يعملوا على تجهيل الشعوب و افقارهم و الأستحواذ على مقدراتهم و المتاجرة بصحتهم و مقدراتهم اكثر بمراحل مما تم ابان الحكم العثماني و الأستعمار الأنجليزي و الفرنسي فها نحن اليوم ازددنا جهلا” و ها هي شعوبنا تلهث خلف لقمة العيش التي خطفها السلاطين و اتباعهم لصالحهم و صالح حاشيتهم بحيث ليس هناك متسع للنهوض بمجتمعاتنا و شعوبنا حتى لا يستطيعوا ان يرقوا بفكرهم و ثقافتهم و علمهم الى رتبة يستطيعوا من خلالها اعلاء كلمة الحق و تعرية خيانات و خبث من قاموا بتدمير مجتمعاتنا و حتى لا يستطيعوا الأرتداد على خونة العروش و صبية المستعمرين و حتى لا تكتشف الشعوب ان الكذبة الكبرى التي انقلبوا بها على الخلافة العثمانية سواء اختلفنا و اتفقنا معها و على المستعمرين و المتمثلة بتحييد و تجهيل مجتمعاتنا و عدم الأهتمام بثقافة و علم و معرفة و حاجات ابناء هذه الرقعة من الأرض ما كانت الا خدعة من اجل الأستحواذ على السلطة و الطمع بالعروش فالشعوب و المجتمعات كانت و ما زالت و ستبقى اخر اهتماماتهم و هم العبيد للأستعمار الذي تحالفوا معه مقابل ان يقبضوا ثمن خيانتهم لشعوب هذه الأرض المباركة فها هو الجهل و العوز و الفقر و الدمار الأجتماعي و الأقتصادي اصبحت جذوره متمكنة في مجتمعاتنا و المجتمعات يوما بعد يوم تزداد جهلا” و فقرا” و مرضا” . لقد تناسوا زبانية و صبية الأستعمار ان نهايتهم سوف تكون مزبلة التاريخ و لن يكون هناك من يحمي كراسيهم و عروشهم او يحميهم عندما يسقطوا لأنهم لم يراهنوا على بناء المجتمعات التي تكن الولاء لهم و لمنجزاتهم بل راهنوا على اسيادهم الذين سوف يفضحوهم و يحاكموهم في اول فرصة تسنح لهم و سوف يتم تعريتهم امام شعوبهم و سوف يتم مصادرة اموال الشعوب المنهوبة التي سرقوها و نهبوها لصالح اسيادهم, اما حان الوقت لكم ان تستيقظوا يا حثالة الشعوب يا من تطلقون على انفسكم حكاما” و ان تنهضوا بمجتمعاتكم و ان تقدموا لهم اساسيات الحياة الأنسانية الكريمة التي كفلتها كافة الأديان السماوية و المعتقدات الأنسانية من علم و ثقافة و عمل و تحقيق كافة سبل العيش الكريم لشعوبكم حتى ترتقوا بدولكم الى مصاف الدول المتقدمة و التي في مجملها تعتمد على نهضتها و ثقافتها على العقول المهاجرة من اوطاننا و التي هجرت نتيجة القمع و التهميش و عدم التقدير و المحسوبية و اعطاء الفرص للجهلة من الذين ينافقوكم بولائهم من اجل تدمير الوطن و المجتمع . كم من عرش سقط على مدى العقدين الماضيين و كنتم شهود على سقطوطهم يا صبية الأستعمار من اقرانكم الذين سقطوا لأنهم كانوا يراهنوا على دعم اسيادهم و لم يبنوا مجتمعات تحميهم يستطيعوا ان يراهنوا عليهم و على ولائهم, اين اليوم معمر القذافي و اين زين العابدين بن علي و اين صدام حسين و اين حسني مبارك و اين ستكونون انتم غدا” فمصيركم ان تلحقوا بركبهم اذا ما استمريتم بسياسة تجهيلكم و افقاركم و تدميركم لمجتمعاتكم و سرقة مقدرات الشعوب و خيانة الأوطان و الأنتصار لعائلاتكم و ابنائكم و ازواجكم و اسيادكم على حساب الأوطان. فاذا ما سقطتم لا تعتقدوا بان احدا” سيمد يد العون لكم الجميع سوف ينتفض من حولكم حتى اقرب المقربين لكم من منافقيكم اليوم فانتم لم تزرعوا سوى بذرة الشر و الخيانة و الفساد و سوف لن تحصدوا الا الجحود و النكران و عدم التقدير فانتم في اعين الكثيرين من ابناء مجتمعاتكم اليوم ليس الا صائدين فرص خائنين لأوطانكم و شعوبكم ناهبين لمقدرات الأوطان تقدمون المنح و الهبات و المكرمات لمن يقدمون لكم الولاء و الطاعة على انها منكم و ما هي الا حق من حقوق الشعوب و ليس لكم منة عليهم المنة عندما تقدمون المنح و المكرمات و الهبات من مالكم الخاص النقي النظيف و ليس من اموال الشعوب و الوطن الذي قمتم بنهبه فليس لكم منة على احد بالمكرمات و الهبات و تشييد الأبنية و اسداء النصح و التعليمات فما شيدتموه من مؤسسات و جمعيات و منظمات و صروح علمية و صحية و اكاديمية و التي نسبتموها لكم و هي من تم اقامتها من اموال الوطن هي للوطن و الوطن احق بان تنسب اليه فاذا ما كان لأحد منة على الشعب فالمنة للوطن.

السؤال متى نستيقظ و ننهض بمجتمعاتنا لنرتقي الى مصاف الدول المتقدمة التي تحترم عقول و فكر و ثقافة ابنائها و قدراتهم و تعمل من اجل رفع سوية صحتهم و علمهم و ثقافتهم هل سنحيا لنرى كافة خونة الشعوب الذين عاثوا فسادا” على هذه الأرض الطيبة المباركة و قد استقر بهم الحال هم و من ساندوهم و نافقوا لهم في مزبلة التاريخ حالهم كحال من سبقوهم من طواغيت الشعوب. فالأنسان في كافة بقاع الأرض كل ما يلتمسه هو ان يعيش بعزة و كرامة و نزاهة بعيدا” عن الفاسدين و المفسدين و الخونة لشعوبهم و اوطانهم على هذه الأرض و ان تحترم ارائه و خصوصيته فهل يمكن لهذا الحلم ان يتحقق لأبناء هذه البقعة من الأرض التي امتحنها الله على مدى التاريخ بالكثير من الخونة و الفاسدين فنجدهم تارة يرتدون قناع القومية و تارة يضعون قناع التدين و تارة اخرى قناع النسب و جميعهم اقنعة نفاق و كذب تؤدي الى الفساد و الخيانة.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى