النهج . . مهاتير محمد ورجب إردوغان / محمد نغوي

النهج . . مهاتير محمد ورجب إردوغان

مهاتير محمد (92 سنة)، تسلم رئاسة وزراء ماليزيا منذسنة 1981 ولغاية سنة2003، أي أنه أمضى في الحكم (22) سنة، وتعتبر أطول مدة لرئيس وزراء ماليزي، وفي عهده أصبحت ماليزيا دولة يشار إليها بالبنان من حيث التطور الاقتصادي ومحاربة الفساد، وأصبحت مضرب المثل والقدوة للشعوبالإسلامية، وأصبح مهاتير محمد نفسه بطلاً إسلامياً في نظر الشعوب الإسلامية بفضل ما حققه من إنجازات عظيمة لدولته، وبعد غياب دام (15) سنة عاد مهاتير محمد إلى السلطة مرة أخرى سنة 2018، ليجد أن ماليزيا التي بناها، قد تراجعت إقتصادياً وتعاني من زيادة معدلات الفساد السياسي والاقتصادي.
رجب إردوغان (64 سنة)، أمضى في سُدة حكم تركيا (15) عاماً، وذلك كرئيس للوزراء وكرئيس للجمهورية، وقد عمل ومازال، على تعزيز الاستقرار والأمن السياسي والاقتصادي لتركيا، التي تطورت في عهده في المجال الاقتصادي بشكل كبير، حتى أصبحت مضرب المثل في التقدم والتطور في نظر الشعوب الإسلامية، وأصبحت الشعوب الإسلامية ترى في إردوغان نفسه بطلاً إسلامياً ينبغي أن يقتدي به كل الزعماء المسلمين.
إن عودة مهاتير محمد وهو في هذا السن (92 سنة) إلى السلطة، وقدرته على إصلاح ما أفسدته أيدي السياسيين والفاسدين الماليزيين، إن بقي في العمر بقية، هو أمر موضع شك، فالرجل لم يعد في سن يسمح له بمزاولة نفس النشاط الذي كان يقوم به وهو في سن أصغر، مهاتير محمد احتاج إلى (22) سنة لبناء ماليزيا المتقدمة، والفاسدون احتاجوا فقط إلى (15) سنة لضرب معاول الهدم في ذلك البناء.
إن ما جرى في ماليزيا من تراجع إقتصادي بعد أن غاب زعيمها مهاتير محمد لعدة سنوات، هو أمر مرشح (للأسف) للحصول في تركيا أيضاً، إذا غاب رجب إردوغان عن السلطة، لا بل ان التحديات التي تواجه تركيا اليوم، أكبر بكثير من تلك التي واجهتها ماليزيا خلال فترة بنائها على يد مهاتير محمد، فتركيا اليوم تخوض حرباً داخلية وخارجية مع الإرهاب، والمصالح الدولية والإقليمية كلها تعمل ضد تركيا وسياسة رجب إردوغان.
المثالان الماليزي والتركي دفعاني للتفكير عن أسباب ذلك، ولماذا تطور الدول الإسلامية وتقدمها دائماً يجب أن يرتبط بشخوص معينة؟، لماذا لا تضع الدول المسلمةبنفسها (نهجاً) ثابتاً بمثابة Manualتسير عليه في دروب التقدم والتطور، بغض النظر عن من يجلس على الكرسي ؟.
بعد إنتهاء الحرب العالمية الثانية، كانت كل من ألمانيا واليابان قد تحولتا إلى أنقاض ودمار، وخلال بضع سنوات استطاعت هاتان الدولتان أن تنهضا من تحت الرماد، وأن تصبحا من أكثر دول العالم تقدماً وإزدهاراً، وأصبحت التجربتان الألمانية واليابانية يشار إليهما، بالمعجزة الألمانية والمعجزة اليابانية، ومع ذلك، هل سمع أحد باسم زعيم ألماني أو ياباني يُعزى له الفضل في هذا الإنجاز ؟،أبداً، والسبب في ذلك هو أن هاتان الدولتان وضعتا منذ البداية (نهجاً) له رؤية وهدف تسعيان إلى تحقيقهما، ورسمتا درباً يوصلهما إلى تحقيق تلك الرؤية وذلك الهدف، وكل مستشار ألماني أو رئيس وزراء ياباني يتقلد الحكم كان يسير على هذا الدرب.
إن الإنجاز في الدول الإسلامية للأسف يرتبط بالشخوص، ومصير مثل تلك الإنجازات (لا قدر الله)أن تتراجع بذهاب شخوصها، ولا بد لماليزيا وتركيا وأي بلد مسلم يريد أن يتقدم ويحافظ على تقدمه ويعززه من جيل إلى جيل ومن رئيس إلى رئيس، أن يضع نهجاً ثابتاً ولا يتغير إلا بقدر ضئيل يتناسب مع المتغيرات الطارئة، أما بالنسبة للدول العربية فهي أبعد من ذلك بكثير، لأنه ليس فقط (تطور الدولة !!!) هو فقط المرتبط بشخوص معينة، بل حتى وجود الدولة ككيان سياسي موحد أصبح مرتبط بوجود شخص معين، والأمثلة واضحة في كل من ليبيا وسوريا واليمن.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

تعليق واحد

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى