الكيان الصهيوني يضرب اتفاقية وادي عربة في مقتل

الكيان الصهيوني يضرب اتفاقية وادي عربة في مقتل
د.رياض حمودة ياسين

يسعى #الاحتلال الى هدف مركزي استراتيجي يريد تحقيقه من خلال تهويد الأقصى، من خلال تنفيذ اقتحامات متكررة في محاولة لتحويل الأقصى إلى ساحة مواجهة وسلب أوقاف القدس صلاحياتها وهي التي مرجعيتها الحكومة الأردنية،وللعلم فقد سلبت سلطات الاحتلال مفاتيح #المسجد #الأقصى من الأوقاف التي تتبع للحكومة الأردنية هذا اليوم.

منذ العام 1990م تحول الأقصى الى مركز #معركة على الهوية والوجود حتى اليوم بشكل متصاعد عبر انتفاضاتٍ وهبات متتالية، وكان الأردن الرسمي خلال تلك الفترة يوقع اتفاقية وادي عربة واتفاقية الغاز وناقل البحرين والمناطق الحرة المشتركة ، ومؤخرا التصريحات الرسمية التي يُفهم منها أن الأردن متمسك باتفاقية وادي عربة ولا يرغب بمواجهة مع الاحتلال،وبالتالي يبدو أن الأردن الرسمي لا يريد الانخراط في مواجهة في الأقصى بأي حال من الأحوال..

لسنا بحاجة لفقه قانوني ، ولا قراءات عميقة في القانون الدولي لتلك المعاهدة العقيمة، وربما آن الأوان أن نعيد النظر بجدية لطرح الغاء هذه المعاهدة الباطلة الساقطة بحكم الأجراءات والمرجعيات،ولن يجد مجلس نوابنا كبير عناء ليعيد النظر بإلغائها أو على الأقل إعادة النظر فيها..
الغريب أن الدول الراعية لتطبيق المعاهدة لاتعترف بها أصلا وتصر بتناقض مواقفها في الوقت نفسه ان تؤكد على الشرعية الدولية وقرارات مجلس الامن ذات الصلة.،وللتذكير فقط، جاء في المعاهدة على أن الهدف منها هو تحقيق سلام عادل وشامل بين البلدين استناداً إلى قراري مجلس الأمن 242 و338 ضمن حدود آمنة ومعترف بها، ولتحقيق السلام المنشود ينبغي –كما جاء في الديباجة– تخطي الحواجز النفسية بين الشعبين الأردني والإسرائيلي. وهذا معناه أن الديباجة المرجعية لهذه المعاهدة قد تهاوت بحكم قيام دولة الاحتلال بضم الاراضي العربية في القدس الشرقية ومناطق في الضفة الغربية وليس آخرها الإعلان عن ضم ثلث الضفة الغربية من خلال النوايا لضم غور الاردن وشمال البحر الميت.
نصت المادة الثانية من المعاهدة على انه سيطبق الطرفان في ما بينهما أحكام ميثاق الأمم المتحدة، ومبادئ القانون الدولي التي تحكم العلاقات بين الدول وقت السلام، وبشكل خاص يعترفان بسيادة كل منهما وسلامته الإقليمية واستقلاله السياسي وسوف يحترمانها.
وهنا التساؤل عن ميثاق الامم المتحدة الذي لم يطرأ عليه تعديلات منذ زمن طويل رغم التغير الهائل في خريطة التوازنات الدولية وطبيعة العلاقات الدولية،والسؤال كذلك هل احترمت أو تحترم دولة الاحتلال سيادة الاردن وسلامته الإقليمية،وهي تحاول ضم جزء مهم وحيوي من غور الأردن والضفة الغربية التي مازالت في حكم القانون الدولي أراض محتلة بعيدا عن سقطات اوسلو وتقسيمات حروفها المشتتة المبعثرة بين لغات غير مفهومة في السياسة الدولية والإقليمية.

كذلك جاء في المادة الثالثة وضمن الحدود الدولية أن الحدود الدولية والدائمة والآمنة بين الأردن واسرائيل والمعترف بها دوليا دون المساس بوضع الأراضي التي دخلت تحت سيطرة الحكم العسكري الإسرائيلي عام 1967.وهذا معناه أن الضفة الغربية يفترض أن لا تمس وكذلك الحال بالنسبة لمرتفعات الجولان التيتم الاعلان عن ضمها بشكل يجافي كل القرارات الدولية التي أطرت مرجعيتها هذه الاتفاقية.
الأهم في المعاهدة ماورد ضمن المادة التاسعة بعنوان:الأماكن ذات الأهمية التاريخية والدينية،حيث سيمنح كل طرف للطرف الآخر حرية الدخول للأماكن ذات الأهمية الدينية والتاريخية. وهنا من المهم التأكيد على فكرة وجود ما سمي الوضع القائم او الراهن،الذي يؤكد الدور التاريخي الأردني ضمن الوصاية على المسجد الأقصى والمقدسات الاسلامية في القدس،ومايتضمنه ذلك من السماح للمصلين المسلمين بالدخول ولغير المسلمين بالزيارة. وقد ورد ذلك في اتفاقية الوصاية الاردنية الفلسطينية على الاماكن المقدسة تحديدا بتاريخ 31 آذار 2013، وذلك من خلال المادة ج: “وانطلاقا من الأهمية الدينية العليا التي يمثلها لجميع المسلمين المسجد الأقصى المبارك الواقع على مساحة 144 دونما، والذي يضم الجامع القبلي ومسجد قبة الصخرة، وجميع مساجده ومبانيه وجدرانه وساحاته وتوابعه فوق الأرض وتحتها والأوقاف الموقوفة عليه أو على زواره (ويشار إليه بـ “الحرم القدسي الشريف”). ويُفهم من ذلك أن المسجد الأقصى غير قابل للشراكة أو التقسيم المكاني أو الزماني بأي حال من الاحوال.
اسرائيل تنتهك الواقع القائم وتعتدي على التراث والمقدسات وهي كدولة الاحتلال غير امينة على هذه الممتلكات المحمية بموجب القانون الدولي، وهي تنسى أوتتناسى انها دولة محتلة يفترض ان تراعي المحافظة على هذا التراث وصيانته وفق المعايير والقوانين الدولية ومواثيق اليونسكو وقرارات لجنة التراث العالمي التي بموجبها تم تسجيل تراث القدس الثقافي على لائحة التراث العالمي المهدد بالخطر منذ عام 1983،هذا بالاضافة الى المرجعيات المعروفة بدءا باتفاقيات جنيف الاربع لعام 1949 واتفاقية لاهاي لعام 1954 بشأن حماية الممتلكات الثقافية في حال النزاع المسلح واتفاقية حماية التراث العالمي الثقافي والطبيعي لعام 1972 وبادراج مدينة القدس القديمة من جانب الاردن في قائمة التراث العالمي عام 1981 وفي قائمة التراث العالمي المهدد بالخطر عام 1982 وكل قرارات اليونسكو بما فيها قرارات المجلس التنفيذي للعام 2016م والتي باتت مرجعية دولية جديدة.
لم يعد بعد الاقتحامات والاعتداءات المقصودة معنى للمعاهدة والكل يعلم بأنه ومنذ اعلان القدس عاصمة موحدة لدولة اسرائيل لم يعد اي وضع قانوني،فقد تم خرق كافة مقررات الشرعية التي أقرها المجتمع الدولي بشأن الوضع القانوني لمدينة القدس وعدم التغيير والتبديل في الطابع التاريخي الاصيل لهذه المدينة التي تعدّ قيمة تاريخية عالمية بمرموزاتها كمدينة للتعايش الديني العالمي ،وهذا معناه ان مسؤولية حمايتها لم تعد منوطة بالعالم وهيئة الأمم بل بدولة الاحتلال التي تحاول شرعنة سيادتها الزائفة على الأرض فيها والمقدسات.
rhyasen@hotmail.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى