"أصابع تبتكر النار" .. قصائد تتحسس همسا دافئا

خلود الفلاح

عائشة الحطاب شاعرة أردنية تعرفت إليها عبر” فوضى الأوراق” الموقع الالكتروني الذي تشرف عليه، وفي هذا العام التقينا في بلادي الحبيبة ليبيا لاستمع إلى روح نصها الشعري وعلى عائشة كإنسانة رائعة.

عبر هذه الفسحة أقدم عرضا لكتابها “أصابع تبتكر النار” منشورات بيت الشعر الفلسطيني_ الطبعة الأولى_ 2009.

الكتاب يتضمن “22” نصا شعريا نذكر منها: رجل من ماءٍ – سراب العمر – أتحسسك همساً دافئاً- تمنيتك لو – روح الفقد – أرتبك وحي القصيدة- دع النقاط على دمي- خارج المتن -أحتاج قوة بحجم بركان – لأسقط افتراضي.

نصوص أصابع تبتكر النار” حالة من البوح الأنثوي البهي تظلل به الشاعرة عائشة الحطاب يومها المزدحم بواجباتها الحياتية وقلقها في هذا العالم المتسارع الخطى.

طويلاً جلست أتوحمك
أنقب عن فتات لحظة لك
أقتفي أثر ملامح عبرت من هناك
لا زالت الطريق ترسم لنا
معابر صغيرة.. صغيرة
ولا زال الهواء بارداً
يتناسخ للمواعيد المنسية.

في تقديمه للكتاب يكتب الشاعر محمد حلمي الريشة ” عائشة الحطاب صوت شعري آني المستقبل، يخطفك من حواسك بحنان أنثوي بليغ النحت في فضاء القصيدة.

فضاء متضمخ بالاندهاش الحاد، حد الصدمة والذهول، فلذة الغيبوبة لأن عمل المخيلة فيك لا يمكنه إدراك التوقف، بل يصير فيك ككرة القصيدة حطها الشعر من علٍ.

لكن الشاعر الحق قادر على الحفر الآن في زمنه المستقبلي وهو بهذا أيضا يؤكد الإقرار في كل اقتراح حداثي آخر، أن الشاعر كائن رؤيوي مستشرف قادم من زمن لم يأت بعد، رغم مكانه الآن هنا وهو داخل محترفه الشعري يعض على قصيدته بنواجذ اللغة غارزاً إبر أسئلته الوجودية في لحم عافية الحواس”.

ثمة روح تسكن شاطئاً للحنين
ثمة جسد ينصهر في الآهِ
يعضك الجوع في الليل لتغادر منصة النوم
وتمضي بغطاء رأسك لتعزف على نوتة العقل
تراتيل النحيب.

عن كتاب “أصابع تبتكر النار” تقول عائشة في إحدى حواراتها الصحفية حمل دمائي الأولى كتجربة في حرائق الشعر ، كان غناءً تملؤه الأشجان وكان له أن لا يبقى عارياً في حضرة الحب والحلم. هي الكلمات التي لا تقوى صورة على مضارعتها، فإذا هي أمام تيار متدفق من الصور الغريبة المتباعدة تتضافر وتتكامل للنهوض بعبء التعبير عنها.

وتضيف عائشة أكتب لكل من أحمله في ذاتي إنسانا وفي قلبي حلما.. لكل وردة وفراشة ونورسه تحلق في سمائي وتحط على شباكي لتبلغني رسالة الحياة، أكتب للطفولة والمرأة والرجل الذي أتمناه أن يكون نصفا منصفا، لا نيفا ظالما، لكن من الذي سأكتبه ويكتبني هذا ما أبحث عنه دون هدف .

ما من أحد يرافقني
وما من أحد يرمم نظرتي
وجهي نوم وسحابة
موقف تاه بالوقوف.
من يضع الأقدار في يدي
أنا العظام المنحوتة في الدروب،
وأنا الكلمات التي تلمس أصابع الليل
من يتأمل تهوري وانعتاقي؟.

إذا كانت إيزابيل الليندي تقول “أكتب لأتداوى” فان عائشة الحطاب تكتب للبحث عن ما يشبه المساكنة الروحية لتعزف على وترها حكاياتها المرهقة من تعب الحياة.

تعبت من التريث
كم شدوت على وتر القلب
ضع النقاط على دمي
لتقرأني نزيفاً بجدول التأوه
استدركني فوق علو الأنساغ
لأكون ارتماءً أمتصك بنسغي
أمطرني بالهواء العليل نرجسة
دع شَعرك شمساً لإشراقي
استدركتك بحراً عابثاً بثوبي
عانقتك موجاً قادماً نحو ثغري
كم كان هائلاً ذاك التحديق كتيار النبوءة اقترفني،
وفي المساءاتِ أشعلني على أبراج الكنائس
لأكون ميلاداً بصفحات العشق المقدس.

كتاب “أصابع تبتكر النار” يروي حكاية امرأة عاشقة تشاكس القلب مرةً والذاكرة مرة أخرى.

ما بين الماء ماء
وندى امرأةٍ تقطر كأنها رقصة رهوانٍ
قطرة تتغاوى بهطولها
تأتي من رذاذ النهم
تمارس طقوس الفوضى على عتبات الزفير
إنها الفراديس الناعسة في رقة السماء.

أ.ر

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى