القاعدة العسكرية الأمريكية في النقب حماية أم تعاون / حنان عمارنة

القاعدة العسكرية الأمريكية في النقب حماية أم تعاون

تمهيد:

تظهر العلاقات العسكرية بين الولايات المتحدة الأمريكية و”إسرائيل” كأهم أوجه التعاون بين البلدين، وذلك عبر اتفاق ضمني ودائم يدفع الولايات المتحدة لضمان الأمن القومي “إسرائيل” والحفاظ على تفوقها العسكري في المنطقة.

وتعتمد “إسرائيل” في تحقيق أمنها على قدرات عسكرية متفوقة، وتعمل وفق مبدأ الكيف التقني “الإسرائيلي” في مواجهة الكم العددي العربي. ولضمان هذا التفوق، تحرص “إسرائيل” على توثيق تحالفها مع الولايات المتحدة بصفتها الدولة الأولى عالميا التي تمتلك تقنيات عسكرية متفوقة.

مقالات ذات صلة

وتعددت اتفاقيات التعاون الأميركي “الإسرائيلي” في المجال العسكري والأمني وبلغت 25 اتفاقية تصب معظمها في مصلحة دولة الاحتلال، وتعمل على زيادة قدرتها العسكرية وتزويدها بالتقنيات المتقدمة في المعدات العسكرية ونظم التسليح، بما يضمن دوام تفوقها على الدول العربية المحيطة بها.

مكاسب إسرائيلية:

واستفادت “إسرائيل” كثيرا من المساعدات الأميركية عبر ثلاث صيغ لنقل الأسلحة:

أولا:

برنامج المبيعات العسكرية الخارجية، وهو يجري بين الحكومات بعد إقرار وزارة الدفاع الأميركية البنتاغون.

ثانيا:

تتعلق ببرنامج المبيعات التجارية المباشرة، وهو المفضل لنقل الأسلحة إلى دولة الاحتلال، حيث يجري بين الشركات والحكومات بتنظيم وترخيص من وزارة الخارجية.

ثالثا: القطع الدفاعية الزائدة، وهو برنامج يمر عبر البنتاغون لتمكين الدول الأخرى من الحصول على معدات عسكرية أميركية مستعملة لم تعد أميركا بحاجة إليها.

وبلغ هذا التعاون العسكري أوجه بافتتاح قاعدة عسكرية أمريكية في صحراء النقب جنوب فلسطين المحتلة وتم الإعلان عن افتتاحها بكلمة من تزفيكا حاييموفيتز قائد الدفاع الصاروخي الإسرائيلي، “لقد افتتحنا مع شركائنا في الجيش الأمريكي قاعدة أمريكية هي الأولى في إسرائيل” ،تعتبر هذه القاعدة أول قاعدة عسكرية دائمة في فلسطين المحتلة، بعد أربعة أعوام من البناء والتشييد، بررت “إسرائيل” الكشف عن القاعدة في هذا التوقيت بأن “هذه الخطوة لا تشكل ردًا مباشرًا على حادث محدد أو تهديد محتمل بل تشكل مزيجًا من الدروس المستفادة من الحرب على غزة عام 2014 وتحليلات الاستخبارات للمخاطر المستقبلية .

ويثير تدشين قاعدة أمريكية في صحراء النقب في هذا التوقيت تساؤلات عدة منها دوافع هذه الخطوة وما تبعث من رسائل ودلالات، هل هي حماية؟، أم تعاون عسكري بين دولتين حليفتين؟،أم هي إعادة رسم استراتيجية أمريكية في المنطقة؟ .

دوافع إنشاء القاعدة:

وتأتي هذه الخطوة بعد تزايد قلق “إسرائيل” بشأن تطوير إيران للصواريخ بعيدة المدى، وقد وضعت جنباً إلى جنب مع الولايات المتحدة نظاماً دفاعياً متعدد الطبقات، هذه القاعدة التي ستكون مزودة بالصواريخ المضادة والرادارات المرتبطة برادار مركزي بمنطقة ديمونا نقطة الضعف التي تم كشفها من خلال المناورات المشتركة السنوية “جينيفر كوبرا” من تأخر وصول الإمداد العسكري “لإسرائيل” في حال تعرضت لهجمات صاروخية مكثفة من حزب الله، حماس أو إيران وتقرر السير بهذا المشروع لتكون هذه القاعدة قادرة على مواجهة هذه الصواريخ عن قرب .

ويشمل الدفاع الصاروخي الإسرائيلي متعدد المستويات نظام “أرو” الذي يهدف إلى اعتراض صواريخ باليستية بعيدة المدى في الطبقة العليا من الغلاف الجوي، التي قد تطلق من إيران، والقبة الحديدية التي تتصدى للصواريخ قصيرة المدى من قطاع غزة. بينما يهدف “سوط داود” إلى مواجهة الصواريخ متوسطة المدى التي يمتلكها مسلحون من حزب الله، المدعوم من إيران.

كما هناك دافع يتعلق بالقلق الأمريكي من تمدد النفوذ الروسي في منطقة الشرق الأوسط، وربما يزيد هذا القلق بالنظر إلى تمدد النفوذ الإيراني أيضًا وذراعه العسكري “حزب الله” سواء داخل سوريا أو اليمن، وهو ما يمثل تخوف حكومة ترامب من جانب، و نتنياهو من جانب آخر.

ربما هذا القلق هو ما دفع الإدارة الأمريكية إلى إعادة النظر في استراتيجيتها الإقليمية في الشرق الأوسط، والتفكير مرة أخرى فيما يتم إعلانه وتناقلته وسائل الإعلام بخصوص انسحاب أمريكي كامل من المنطقة حسبما تردد إبان فترة حكم باراك أوباما.

حماية أم مجرد تعاون عسكري:

هذا القرار العسكري الأمريكي بإنشاء قاعدة عسكرية بصحراء النقب، يفتح تساؤلا أي أخطار آنية تهدد” إسرائيل”، أو في محيط صحراء النقب، وهو المكان الذى لم يختر بشكل عشوائي قطعا، فعلى الأقل يظل شمال دولة الاحتلال هو المصدر الأقرب للتهديد، بالنظر من زاوية الرؤية المتاحة لنا حتى اليوم إيران، حزب الله. فأي مشهد قادم تراه أمريكا وتعلمه “إسرائيل” قطعا ولم يتح سبر أغواره حتى الآن، هل المنطقة تستعد لاستقبال مشهد أعلى من الفوضى يستلزم هذا التواجد الأمريكي القريب؟، أم أن للأمر علاقة بالقضية الفلسطينية التي تنتظر افتراضا حدثا سياسيا كالمصالحة المنتظرة مثلا أو انتفاضة ثالثة.

الوجود العسكري الأمريكي في النقب وما يتضمنه من تغير في ملامح استراتيجية البيت الأبيض في المنطقة يضع في المقام الأول الأمن القومي “الإسرائيلي”، خاصة وإن تلاقت مصالح الدولتين معًا.

مما يقودنا إلى الوجود العسكري الأمريكي الحالي في “إسرائيل”، وبالأخص في هذه المرحلة الصعبة من الوضع العربي بشكل عام والفلسطيني بشكل خاص؛ أنها درع حماية لإسرائيل كما أنها مركز زلزال في المنطقة.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى