الظواهر الصوتية المشبوهة

الظواهر الصوتية المشبوهة

المهندس: عبد الكريم أبو زنيمة


كثرت في الآونة الأخيرة #الأصوات #المشبوهة التي تجاهر بعدائها ومهاجمتها النظام السياسي الأردني، لا وبل قد ذهب البعض منهم إلى مهاجمة رأس النظام ونعته بأوصاف غير مسبوقة والانقلاب على شرعيته بمبايعة أخيه في المقابل، قد نختلف وبدرجة كبيرة جداً ويختلف الكثيرون مع هذه السياسات الحكومية لكن المعارضة الحقة تبقي النقد والاعتراض عليها تحت سقف الأطر السياسية والأخلاقية، هذه الأصوات المشبوهة لم تكن يوماً في صفوف المعارضة وإنما انتهجت هذه الأفعال لبلوغها اليأس من الحصول على المزيد من المكاسب والمنافع لها وإما للفت الانتباه اليها لتحصيل هذه المكاسب والمغانم وإما لكونها مدسوسة من قبل الجهات الأمنية لزيادة نسبة الإحباط الشعبي من الرموز الوطنية وفقد الثقة بها.
في الحالة الأولى؛ فما إن يخرج أحدهم من نادي الحكومات ومغانمها حتى يبدأ بكيل التهم والشتائم ومهاجمة الفساد الذي كان جزءاً رئيسياً فيه وهو الذي لم ينبس ببنت شفه عندما كان يتنعم بأثيرها ويذهب البعض لتشكيل تيارات وأحزاب تدّعي المعارضة، أما الحالة الثانية فنجد الواحد منهم يتطاير كالفراش من حراكٍ الى حراك ومن مظاهرةٍ إلى أُخرى ويتنقل من محطة إعلامية إلى أخرى وما أن يُرمى إليه بوظيفة حكومية حتى ينخرس ويبلع لسانه إلا ما يكيل به مدحاً للحكومة وفضائلها التي كان يهاجمها، أما الحالة الثالثة فهم أولئك الذين زُرعوا في أوساط الحركات الطلابية والشبابية وكانوا الأكثر نشاطاً والأعلى صوتاً في صفوف الأحزاب والنشاطات السياسية المعارضة وأخيراً تمت مكافئتهم بالمناصب الحكومية ومغانمها.
هذه المظاهر الصوتية التي غبنت الشارع الأردني قد حققت الكثير من أهدافها، فاليوم لم يعد الشارع الأردني يثق بعد هذه التجارب المريرة بأي معارضة سواءً أكانت فردية أو جمعية، فأي صوت يجهر بمعارضته اليوم، يتم الحكم عليه رأسًا بأنه يحاول الحصول على منصب حكومي أو غايات شخصية!
ما كان لهذه #الظواهر أن تكون أو يكون لها أي تأثير لو كانت الأحزاب السياسية الأردنية على درجةٍ من الوعي والمصداقية وتعمل على تحقيق أهداف وطنية، لكن هذه الأحزاب المتشرذمة والمتخاصمة فيما بينها “أيهما على حق؟ صدام أم حافظ؟ تروتسكي أم لينين؟ ابن تيمية أم ابن كثير؟” مما جعل منها أحزاب هلامية يسهل اختراقها وتدجينها وشرائها بأعطيات حكومية للتحكم بتوجهاتها وسياساتها وقراراتها.
أمام هذا الواقع على نظامنا السياسي أن يدرك بأنه هو الخاسر الأكبر، فشراء الذمم والولاءات لن يحمي نظاماً ولن يبني دولة آمنة مستقرة، فالثقة الشعبية متدنية جداً ودرجة الاحتقان الشعبي كبيرة جداً على السياسات الفاشلة “البطالة ، الجوع ، الفقر ، الفساد ، انهيار القطاعات الانتاجية ..الخ “، قد تنجح مرحلياً هذه السياسات لكن على المدى البعيد فكل المؤشرات تنذر بالخطر ما لم يتبنى نظامنا السياسي استراتيجية إصلاح وطنية شاملة وعلى رأسها وفي مقدمتها محاربة حقيقية وجادة للفساد.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى