السياسات التربوية والتخبط في اتخاذ القرارات

السياسات التربوية والتخبط في اتخاذ القرارات (1)
د. عامر بني علي العياصرة
“إيقاف برنامج التأهيل التربوي”
إنَّ من أهم المقومات اللازمة لتحسين أي عمل وتجويده والنهوض به إعطاء الفرص للكفاءات لما يتوفر لديهم من خبرة ودربة وعطاء في مسيرتهم الوظيفية وذلك في السياق الطبيعي
للتدرج الوظيفي في سلك الدولة للوصول إلى الإنتاجية والإبداع للنهوض وبناء المؤسسات الوطنية الحكومية بمسمياتها  المتعددة ولا سيما في المجال التّربوي.إلا أن واقع الحال في بناء الدولة بوزاراتها  ومديرياتها ودوائرها وأقسامها المتنوعة
يظهر خلاف ذلك عبر إعطاء الفرص لم لا يستحقها مما جعلنا نصل إلى حالة من التخبط في إتخاذ القرارات الارتجالية غير مدروسة التي يجري اتخاذها بطريقة فردية من مجموعة من المسؤولين المنغلقين على أنفسهم  فكرة ورأيا  دون أدنى تشارك  وتعاون مع غيرهم فمنصب الوزير منصب سياسي بعيد كل البعد عن التخصصية الوزارية، علاوة على أنّ الحكومات المشكلة في مجملها  حكومات بيروقراطية أوتوقراطية غير تكنوقراطية وقائمة على أساس من 
ولاءات شخصية وحزبيه وأمنية وعشائرية واسترضائية وبميول مناطقية.
ومن هذه القرارات العشوائية إيقاف برنامج التأهيل التربوي الخاص بابتعاث المعلمين العاملين في وزارة التّربية والتّعليم  للدّراسة في الجامعات الأردنيّة  كان له دوره الكبير في
حصر أعداد المتقدمين للوظائف الإدارية حيث كان هذا البرنامج اداة مساعدة للتقدم للوظائف التربوية الإدارية الشاغرة والمتمثلة بتخصص دبلوم عالي في التربية أو أعلى منه في ذات الموضوع ( التجسير للبكالوريوس بعد الدبلوم، والدبلوم العالي بعد البكالوريوس ثم الماجستير والدكتوراه)  ضمن أسس وشروط ومعايير عدة منها الاقدمية، والخبرة، والتقارير السنوية ومعدل التخرج للموظف.فكان هذا التوقف للبرنامج بسبب ما يسمى فروقات بدل كتب وتنقل  للمعلمين الدارسين في هذا البرنامج خلال الأعوام 1999 ولغاية 2014 م وهو مايعرف في ميدان المعلمين  بقضية رديات الدبلوم ” وهي أموال من  حق المعلمين المبتعثين  إلى الجامعات وقد أثارها معلمون في الميدان التربوي وقاموا برفع قضايا على الوزارة بشأن ذلك كانت نتيجتها لصالح المعلمين وعممت بعد ذلك فكرة رفع القضايا على كل من اُبْتعت من الوزارة للمطالبة بحقوقهم فاستنفذت هذه القضية كل الأموال المخصصة للبرنامج لكثرة المعلمبن المستحقين للرديات  وانعكس ذلك سلبا على استمرار البرنامج وتوقف بذلك تطوير المعلمين لأنفسهم بالابتعاث ضمن البرنامج  وخصوصا في ظل الظروف الصعبة التي يعيشها المعلمون بتردي أوضاعهم المادية التي تجعلهم يصرفون النظر إلى تعليم أبنائهم أكثر من التفاتهم إلى أنفسهم للحصول على مؤهلات تساعدهم  في تدرجهم الوظيفي كانوا يتلقونها مجانا ضمن هذا البرنامج، فالتقدم لوظيفة إداري مثلا _ مدير أو مساعد أو
مشرف وغيره _  يشترط حصول المعلم على دبلوم عالي أو أي مؤهل تربوي أعلى في ذات التخصص. فأي ظلم قد وقع على المعلمين بذلك ….؟!  وهناك من اخذ فرصته..؟!  وآخرين قد فقدوها بإيقاف البرنامج برديات من أخذ…؟!  وقمة الظلم الواقع على المعلم أن يكون صاحب مؤهل علمي متقدم بشهادة ماجستير أو دكتوراه تخصصية وليست تربويّة  فلا يحق له التقدم
لشاغر أي وظيفة إدارية  وحتى لو كان حاصل أعلى الشهادات في تخصص غير تربوي وكأنّ المؤهل التخصصي في نظر الوزارة تراجع وتخلف في أداء المعلم ونسيت الوزارة أن في دخول المعلم المتكرر للحصة أنّه الإداري الأول بامتياز.
فأي عقلية لهذه الوزارة بسياساتها المتخبطة وقراراتها الرجعية الظالمة …؟!  وأي ظلم هذا …؟!  ألا تكفي خبرة المعلم  التربوية الميدانية الواسعة..؟!  أم أن الأفضل  تقييده وظيفيا
بشهادة كرتونية ومعلومات نظرية تنظيرية بعيدة كل البعد عن واقع التعليم  ..؟!  فهناك معلمين بسنوات خبرة كبيرة تعلموا الكثير الكثير فلماذا لا يؤخذ هذا الأمر بعين الاعتبار ..؟!  ألا يكفي حصول المعلم على دورة تربوية تؤهله لذلك…؟!  فالمؤهل التربوي لا يجب أن يكون شرطا أساسيا في تقدمه أو تأخره  بل يجب أن يكون  للخبرة التدريسية دورها وللدورات التدريبية  التي تحصل عليها على مدار خدمته دورها ويوضع بذلك تحت التجربة ويقيم  فكم من معلم لا يملك مؤهلات عليا كشرط يؤهله ومعه من الدوراتوالخبرات  الكثير كقائد يجب أن يتصدر.  وكم من
إداري حصل على أعلى الشهادات التربوية و هو يفتقد لمهارات  القيادة والاتصال والتعامل فكثير من المعلمين حرموا الإدارة والبعثات بتقاريرهم الظالمة و آخرون منهم لعقوبات قد وقعت عليهم ظلما وجورَا  بسبب مشرّع جاهل ومدير ناقم فالمدير هو أساس النجاح ومع كل أسف هذا الأمر في أغلب مدارسنا مفقود فأغلبهم  _المدراء_  لايعرفون بالقوانين وتعديلاتها وإن عرفوها فلا يطبقون منها إلا القوانين الجامدة التي فيها ضرر على من تحتهم من المعلمين وكأن المعلم بنظرهم  عدوا لهم .
وأخيرَا وبعد الذي ذكرت فإن عودة برنامج التأهيل التربوي أصبح مطلبَا ميدانيَا ملحَا للمعلمين وذلك لأثره المباشر والملموس في تنمية ثقافتهم الّتربوية النّظرية المكملة لخبرتهم
الميدانية الكبيرة  ناهيك عن أثره المباشر والملموس في ترفيعاتهم وتدرجاتهم الوظيفية في المدارس العاملين فيها .

مدرسة حسن الكايد المهنية الشاملة الثانوية للبنين .
عضو نقابة المعلمين الأردنيين _جرش _ سابقا.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى