الأفلام ” المُزعجة” تشهد نجاحاً باهراً في مهرجان الأفلام ؟!

سواليف_ اختُتم مهرجان الأفلام المُزعجة الثلاثاء 24 يناير/ كانون الثاني 2017 في مدينة تورناي البلجيكية، هو أحد أغرب المهرجانات السينمائية في العالم، وأول ضحاياها منظمو المهرجان ذاته، والذين يقومون بتقييم الأعمال قبل عرضها.

يعرض المهرجان الأفلام التي قد تكون مُنعت من المشاركة في المهرجانات الأخرى بسبب قسوة مشاهدها أو بسبب ارتفاع مستوى الإزعاج فيها.

المهرجان في دورته السابعة، عرض 41 فيلماً وحقق هدفه بحسب مؤسسيه، بشكل فاق التوقعات؛ فحقق 23 ألف مشاركة مقارنة بـ18 ألف عام 2016 ، بينما كانت انطلاقته عام 2011 قد حققت 3 آلاف مشاركة فقط.

قاسية
بعيداً عن الأرقام والإحصاءات، يقول أحد مؤسسي المهرجان فالانتان هيوفن، إن المهم هو ردود فعل الناس ورضاها عمّا يقدم لها، وتابع: “نحن نريد عرض الأفلام المزعجة الصاخبة والقاسية، هذه الأفلام تستفز الجمهور ليدلي بانطباعه، كما تحفر هذا الانطباع في ذاكرته ليتحدث عنها لاحقاً”.

وأضاف في تصريحاته لـ”هافينغتون بوست عربي”، أن “هذه السنة حققنا نجاحاً واضحاً، فالجمهور قضى وقتاً أطول في المكان والجو السائد ساعد على ذلك”.

على صعيدٍ آخر، إذا كنت صحفياً تحاول استطلاع آراء بعض المشاهدين بشأن أي فيلم من أفلام المهرجان، فقد لا تحصل على إجابات سوى الدموع أو الغصات وردود الفعل غير المتوقعة، تماماً كما هي قصص بعض الأفلام المشاركة في المهرجان .

إلا أنك قد تلتقط بعض الضحكات هنا وهناك، حينها تعرف أن الجمهور كان قد التقى بصنّاع العمل والممثلين شخصياً دون تكليف، ولكن، “رغم حفاوة الاستقبال، لا مكان في مهرجاننا لمقاعد الشخصيات الهامة VIP”، إذ يكشف هيوفن.

اللاجئون والسينما العربية

واستطاع فيلم وثائقي عربي فيلم “رحلة هروبي” شق طريقه ليكون الفيلم الأكثر إزعاجاً من بين الأفلام المشاركة عن هذه الفئة، فقصته ترويها عدسات أجهزة الجوال الخاصة بمهاجرين سوريين وأفغان وإريتريين.

فالفيلم يوّثق عذابات هؤلاء الناس وهم يقطعون البحار والصحارى بواقعية تامة ومدهشة، بحثاً عن ملاذ آمن في أوروبا، ويناقش مواقف السياسيين الرافضين لوجود اللاجئين في بلدانهم.

والعمل ككل شهادة قوية ومزعجة وإنسانية تعبر عن الآلاف من قصص اللجوء التي تزعج المشاهد بتفاصيلها وعمق إنسانيتها.

فيلم “هروبي” استحق، حسب رأي مؤسسي المهرجان وتصويت الجمهور، لقب الفيلم الوثائقي الأكثر إزعاجاً.

وهو من إخراج إلكي ساسي، إذ يحكي معاناة اللاجئين في رحلة الهروب من العنف ببلادهم، ويظهر واقعية القصص المروية بعيداً عما تنقله شاشات التلفزيون والأخبار.

هذا، وعلق هيوفن قائلاً: “على الجميع مشاهدة هذا الفيلم؛ لأنهم سيعيشون الدوافع ويقدرون حجم الشجاعة التي يملكها هؤلاء الناس، ليقطعوا مثل هذه الرحلة المليئة بالمخاطر فقط ليعيشوا بحرية”.

فيما كشفت إحدى المتطوعات لتنظيم المهرجان وهي شابة سورية تدعى تغم الحايك لـ”هافينغتون بوست عربي” إنها خرجت من عرض الافتتاح هاربةً من مشاهدة الفيلم البلجيكي “الملاك الميت”، قائلةً إنها لم تستطع إكماله؛ فهو يروي قصة امرأة حامل ترتكب جرائم قتل بأقرب المقربين منها نتيجة المرض النفسي الذي تعانيه.

مشاركة نغم في التطوع بالمهرجان شكلت فارقاً بالنسبة لها، فلم تكن تجربة عمل فقط؛ بل كانت “تجربة غنية بالأفلام المزعجة التي تروي بعضاً من القضايا الإنسانية المهمة” حسب قولها، فقد أعجبها كما أعجب الكثيرين الفيلم الفلسطيني “3000 ليلة” للمخرجة الفلسطينية مي المصري التي تناولت قضية الأسرى من خلال الفيلم؛ لما تمثله من أهمية إنسانية وسياسية، حسب رأيها.

الفيلم يروي قصة شابة اسمها (ليال) تعتقلها قوات الاحتلال في نابلس عام 1980 ويتم التحقيق معها بخصوص مساعدة شاب أصيب أثناء الاشتباك مع القوات الإسرائيلية.

الحكومات والسياسيون والأفلام المزعجة

كان المهرجان قد قدم سابقاً أفلاماً استفزت مؤسسات وحكومات بأكملها أو جهات لها أيديولوجيات مختلفة.

ففي دورته الثانية عام 2012 ، عرض المهرجان الفيلم الفرنسي “كلاب الحراسة الجدد”، حيث كان أهم فيلم عرضه المهرجان، ويسرد قصة سيطرة نخبة فرنسية معينة على الإعلام في ذلك الحين، حيث إن السلطة الرابعة وقتها كانت تخدم التوجه الليبرالي، فقدم الفيلم نقداً ماركسياً لقطاع الإعلام في فرنسا الذي سيطر عليه الليبراليون.

وعن هذا، يقول هيوفن: “أجل، لربما نُزعج سياسيين أو جهات معينة. وهم مرحب بهم هنا، علّنا نستفزهم ليروا الأمور بصورة أوضح حول العديد من القضايا الهامة”.

المهرجان من خلال أفلام عديدة مزعجة، يطرح قضايا حساسة مختلفة، تحرك مشاعر الجمهور وربما تحدث تغييراً ما هنا أو هناك، حسبما يرى منظموه.

هافينغتون بوست

اظهر المزيد

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى