الخروج على النّص

نولد صفحات بيضاء ، بقابليات متعددة .. للنمو و التفكير بما يحقق لنا شخصيتنا و كينونتنا الإنسانية . و مع مرور الأيام ، و بفعل التربية بمؤثراتها المختلفة ، الأسرية و البيئية ، يتم تنميطنا . و أنا هنا لا أتحدث عن عقائد دينية .. و إنما عن تنميط ثقافي و اجتماعي .. فيواجه الفرد عادات و تقاليد ، عليه أن يخضع لها ، بحسب صبغة المجموع العام .. و لعل هذا مما يميز شعباً أو جماعة عن أخرى ، مما يسمونه .. الإنتماء !! و لكن تحت هذا الوابل من التقييد و التنميط و التشكيل .. يخضع الفرد ، مكرهاً ، للكثير من الأفكار و العادات و أشكال السلوك التي تصادر حريته أو تفكيره العلمي و المنطقي .. فيخضع الفرد للكثير من الأمثال و الأقوال و النصائح و العادات مما يصادر حريته في أدنى خصوصياته ..في ملبس أو مأكل أو طرائق التفكير .. فيجد الفرد نفسه كما الممثل على خشبة المسرح ، يردد نصوصاً مكتوبة محفوظة .. ففي الطفولة يشكلنا الآباء و المجتمع بما يقيّد طفولتنا و يجعلنا نسخاً عن الكبار .. و حتى في تعليمنا ، نحن نحفظ و نردد ، و لا مجال للخروج على النّص .. و هذا مما دعا أحد المربين التربويين إلى القول .. نحن الكبار نقتل خيال الأطفال و نحدّ من إبداعهم ، بذلك النوع من التعليم التقليدي .. نكبر ، و نبقى محاصرين بمقولات و قيود ، تضغط كيف لا نفلت من صبغة المجموع .. فالويل لمن يخرج عن ” القطيع ” و آسف لهذا التعبير .. كما أستدرك هنا ، أنني لا أدعو للإنفلات و الحرية المطلقة ! و إنما ، ما أدعو إليه ، أن نترك للفرد التميّز و الإبداع و الابتكار .. و لولا ذلك ، ما تقدمت البشرية ماذا لو سار المبتكرون و المكتشفون و العلماء على نفس الطريق الذي سار فيه الأقدمون .. لكم أن تتخيلوا وسائل النقل و أدوات العمل و وسائل الاتصال .. أن تبقى كما في عهد الأولين .. إننا نعيش اليوم في عالم متسارع التغيّر و التغيير .. و من لا يجاري هذا العالم سيفوته القطار .. إن كان فرداً .. أو أمّة .. لعل المطلوب الآن ، وسائل و أنماط تربية جديدة .. تطلق طاقات الفرد .. و خياله و إبداعه .. و مطلوب تحريره من قيود ” النّص ” و وصاية الكثير من القيود على العقول… – احمد مصطفى المثاني

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى