الاردنيون…المخلصون للوطن والمشككون!

الاردنيون…المخلصون للوطن والمشككون!

د. ذوقان عبيدات

بدأت التفكير في تفكيك الخطاب الشعبي – النخبوي – الأردني حتى رأيت مدى الشتائم التي لحقت بالمناضلة نوال السعداوي، فاعتبرت أنه جزء من خطاب أردني يتفق عليه نخبة من موظفين متقاعدين مدنيين وغير مدنيين، فقررت أن أستمر في تحليل خطاب النخبة مؤجلا الكتابة عن نوال السعداوي لعلهم يخففون الهجمة عليها، وبالتالي على من يناصرها!

في خطابنا نستخدم كلمات مفتاحية وأدوات عملية خلفها قيم معينة أوجدت خطابا أردنيا تقريريا حاسما لا فصال فيه، معالم هذا الخطاب تمثلت في : خطوط حمر عديدة، فهناك خط أحمر هو الوطن، وآخر هو العشيرة، وثالث هو النهج .

مقالات ذات صلة

وعشرات الخطوط الأخرى على مؤسسات مدنية وعسكرية وشبه مدنية، وشبه عسكرية، فكما سادت في مدارسنا ثقافة الممنوعات، سادت في خطاباتنا ثقافة الخطوط الحمر.

والخط الأحمر فاصل حاسم يميز بين المتهم المدان، وبين الوطنيّ الشهم، فلا منطقة وسطى! وتشابكت خطوطنا الحمراء: خطوط سياسية، وخطوط اجتماعية، وخطوط تتعلق بالتدين لا بالدين، وخطوط تربوية، وخطوط وطنية، أنتجت هذه الخطوط : أنت مع البلد أو ضد البلد، ولما كان الصوت قويا والخط الأحمر دمويا، نمت طبقة حارسة لهذا الخط، تكونت من مخلصين قليلي الثقافة أو كثيريها، وانتهازيين مثقفين، يمكن إلحاق لقب حراس الوطن والويل لمن يقترب من هذا الخط ولو بحسن نية!

استخدم حراس الوطن ألفاظا عزيزة مثل : القامة الوطنية الرفيعة، والنشامى، وأصحاب العطوفة، والباشوية، وحتى بعض أساتذة الجامعات. فكانت النتيجة : في الأردن فئتان وهما:

المخلصون للوطن والمشككون!

والنتاج الثاني هو قوة الخطاب . فالمخلصون للوطن يتحدثون بألفاظ: أؤكد لكم، ثم يقولون هذا رأيي، يصلون أعلى درجات اليقين ويقولون هذا رأيي!! وغالبا ما يحتفلون بالدعم والتأييد للوطن باستخدام برقيات الولاء للوطن ، والدبكة من أجل الوطن، والعشائر عمود الوطن وبياناتها الاحتفالية، فكل هذه الأشياء هي عرس وطني، ومن يبتعد عنها (كاثوليكي) لا يؤمن بالزواج ولا الأعراس.

والنتاج الثالث لهذا الخطاب الأحادي هو الإرهاب الذي يكتب رأيا اقترب من خط أحمر وهمي، وعلى سبيل المثال : على الرغم من أننا نعيش في الوطن وندرك أن الأردني يحمل رأيا ويعلن آخر لكي لا يتعرض للإرهاب المجتمعي أو إرهاب من وضعوا خطوطا حمراء !

سمعت وقرأت من يقول: إن من يدعو للحرية والإصلاح يتخفى خلف هدفه في هدم البلد وقيادته، وما أستطيع قوله دون عقاب : إن أنصار نوال السعداوي ربما أكثر من شاتميها، ومع ذلك لا صوت إلا للشاتمين، وهكذا في قضايا الوطن والإصلاح وحرية التعبير !! حين أسمع أصواتا مختلفة حتى صوت المنادين بالتعليم عن بعد وقعوا تحت الإرهاب وسكتوا ، أقول نحن بخير ، فمتى نسمع كلنا هذه الأصوات ؟!.

بالمناسبة… من يدلني على سبب اعتقال الحراكيين ؟!.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى