إفساد الديمقراطية

إفساد الديمقراطية

المهندس: عبد الكريم أبو زنيمة

الدول المتحضرة تسعى وتعمل للوصل إلى أبهى النظم #الديمقراطية كنهج اداري وحياتي وسلوكي مجتمعي للنهوض بشعوبها إلى قمة الازدهار والرفاه ، لكن التجارب والمعطيات التي نشاهدها ونعيشها في بلادنا تؤكد أن #الطبقة #الحاكمة المستحوذة على كامل الامتيازات تعمل على #إفساد #النهج #الديمقراطي وتشويهه ، فإن كانت 100 عام من عمر الدولة لم تكن كافية لنضوج هذا الشعب ليمارس الديمقراطية ولا زال غير مهيأ لها.. فكم قرن يلزمه ليصبح جاهزًا لها ! وللتذكير فإن مهاتير محمد نهض بشعبه ووطنه من الحضيض الى قمة الرفاه خلال ثلاثة عقود !!!

الحقيقة أن الشعب الاردني هو الأوعى والاكفأ ضمن محيطه ليمارس حقوقه الدستورية ويكون مصدراً لكل السلطات، لكن هناك طبقة من اللصوص نهبت الوطن ومسخت سيادته على مدار قرن كامل، وانتهجت الديكتاتورية كنهج لإدارة الدولة كممت خلاله أفواه الشعب وقيدت حرياته حماية لذاتها، ولو سلمنا جدلاً حسب زعمكم أننا لا زلنا قاصرين عن ممارسة الديمقراطية، فمن المسؤول عن قصورنا وجهلنا! ألستم أنتم من تداولتم وتوارثتم ونهبتم ولم تتركوا لنا سوى الفقر والجوع؟

ما جرى خلال العقود الثلاثة الماضية من عمر الديمقراطية الاردنية هو في حقيقته كان سياسة مبرمجة لإفساد الديمقراطية، فحجم الفساد السياسي والاقتصادي والثقافي والأخلاقي وانهيار غالبية القطاعات وتكبيل الوطن باتفاقيات مذلة ورهن سيادته جرى في ظل ديمقراطيتهم الفاسدة التي خططوا لها وأرادوها، من صمم قوانين الانتخاب كان يعرف مسبقاً أن افرازاته ستكون على مقاس سماسرة الوطن وناهبي ثرواته ووكلاء سفارات الدول الاستعمارية، من زوّر نتائجها كان يريد مجالس للدمى، فعندما تستفز كلمة “مجرد كلمة” معظم أعضاء المجلس ويقيمون الدنيا ولا يقعدوها وبذات التوقيت لا تستفزهم ولا تحرك فيهم ساكناً اتفاقية تستبيح كرامة وسيادة الوطن، فهذه المجالس والأجواء لا تعكس إلا ديمقراطية جرى إفسادها خدمة لمؤسسة الفساد وممثلي الدول الغربية!

الاغاني والطبول والاهازيج واللجان لن تؤسس لبيئة ديمقراية تفضي لسيادة القانون والعدالة والحرية وتكافؤ الفرص والمحاسبة، فمن هو فوق القانون لن يقبل أن يتساوى معنا تحت القانون، ومن يعين ابنه برتبة وزير لحظة تخرجه لن يقبل أن يصطف أبناءه في طوابير ديوان الخدمة المدنية، ومن يأكل الكافيار والسلمون لن يقبل أن يأكل من زيتنا وزعترنا، هذه الطبقة التي تنتصر لأتفة الموضوعات لن تنتصر لنا يوماً ولن تفكر في مصيرنا، هؤلاء لا يرون من خلف زجاج سياراتهم المعتمة مرتادي الحاويات وأكوام النفايات بحثاً عن رغيف خبز ولا المنتحرين من فوق الجسور .. هؤلاء لا يرون اللاهثين خلف سيارات الزكاة والمتصدقين في رمضان ولا يرون طوابير زهرات شبابنا على أرصفة الشوارع بلا عمل ! من ينقذنا من هذا البؤس هو فقط الصحوة الشعبية لكل ما يحاك ضدنا من تهديدات ومخاطر، الداخلية منها والخارجية، وهذا لن يتحقق في ظل الأحزاب السياسية المأزومة النائية بنفسها عن هموم ونبض الشارع، لا بد من مراجعة ونقد ذاتي حزبي لكل السياسات الحزبية الماضية التي لم تؤدي إلا إلى التشرذم والهزال، صحوة حزبية ترسمون من خلالها مجتمعين ومشاركين لكل مؤسسات المجتمع المدني خطة عمل وبرنامج انقاذ وطني يؤمن بها الشارع الأردني ويلتف حولها، تتخلون فيها عن أجندتكم الصغيرة والذاتية لترتقوا الى الهم الوطني.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى