أكتب عما يكتبون / د.محمود الحموري

أكتب عما يكتبون

الدكتور فيصل محمود الخالد الغرايبة من المؤلفين الذين خدموا علم الإجتماع والتراث العربي المعاصر خدمة جلى بما اسداه من التدوين والتمحيص والمتابعة. فكتابه “أكتب عما يكتبون ويكتبون عما أكتب” من أهم ما كتب وأكثرها فائدة وهو مرجع لكل من يريد البحث والدرس وجمع الكتب لحفظ فرائد ما تحتوي.
وفي كتابه الذي اكتب بصدده، مقتطفات من روض علم الإجتماع، كتبها فيصل غضة نضرة، وعرضها على القراء كغذاء دسم للعامة والخاصة، جلاء لعيونهم وترويضا لاذهانهم. فالعالم يجد فيه بغية والأديب يرى فيه حاجة والطالب يلقى فيه فائدة، وكل قاريء مهما كانت ثقافته وتنوعت دراسته هو مستعذب لما يقرأ، مستلطف لما يفهم ومستفيد مما يطالع.
ولقد كان فيصل غرايبة ذواق فيما اختاره لنا في هذا الكتاب، فعرف كيف يطرح ما فيه من بدائع فكر ألآخرين وفكره ليثير اهتمامنا بما كتب لنتابعه متابعة عذبة تشوق وتروق.
ولقد أحسنت دار الابتكار للنشر والتوزيع في طبعتها الأولى للكتاب عام 2019 طباعة هذا الأثر النفيس ونشره وتوزيع، كما احسن إلي الدكتور فيصل عندما اهداني اياه ذات مساء، ونحن نجلس سوياً على منصة رابطة الكتاب الأردنيين في حوارة إربد، بحفل إشهار كتاب الأديب مطلق ملحم، وعنوانه “حزمة من حصاد قلمي”
يتطرق الكاتب الدكتور الغرايبة في كتابه خلال مرحلة حياته فكتب؛ كيف كان الوزير الأردني والعربي، كما العالمي والذي ما يزال بسيطا في ممارسته لعمله، عندما كان يستخدم سيارته الخاصة، وكيف كان عدد الموظفين محدودا، لكنهم كانو يعملون في كل ساعة من النهار لخدمة المواطنين، حتى تنجز معاملة المواطن بسرعة وكفاءة، مقارنة مع ما آلت اليه الدولة من ترهل حكومي وانفاق غير مبرر على حساب رفع الضرائب على المواطنين، فأسهم في تقلص دخلهم وعوزهم، وزاد من عجز موازنة الحكومة، مع ارتفاع المديونية.
ويتفاعل المؤلف في كتابه مع الشباب الذين هم كل المستقبل، كبوابة للتغيير بمنهجية الأسلوب العلمي، لحض الشباب على نبذ العنف والتطرف والإنخراط في السعي والمثابرة لتحويل المجتمع العربي إلى شريك فاعل في الحضارة العالمية بمكوناتها الثقافية والتكنولوجية، من أجل أن يحمل زمام المبادرة في ثقافة مهارات هذا العصر. ويدعو الدكتور الغرايبة الشباب كذلك إلى الانخراط في العمل الحزبي، وإيجاد المشاريع الريادية المشغلة للآخرين كمصدر للدخل، وللاسهام في رفد الإقتصاد الوطني المعتمد على الذات، بدلا من إنتظار الوظيفة.
وفي العتبة الاجتماعية كتب الكاتب، يعاني مجتمعنا من الانفصام الاجتماعي بين النخبة والأغلبية،وهناك أمراض إجتماعية تتعلق بالمظهر الباذخ على الولائم والكماليات والاستهلاك المفرط. كما يضع المؤلف اصبعه في كتابه على مسببات العنف الذي يعتبره نتيجة التنمر والاقصاء والمحسوبية وغياب العدالة وسيادة القانون. وتحدث الكاتب عن الطبقة الوسطى التي قال انها تلاشت واصبحت أقرب للطبقة الفقيرة، وتحدث عن كيفية احيائها كشريحة تشكل اغلبية المجتمع.
لم يبقي الكاتب في كتابه ذو العتبات الثلاث وهو يواجه التحديات والمطبات، كما يقول دولة الدكتور عدنان بدران، عند تقديمه لكتاب عتبات المستقبل للمؤلف مسألة إلا ودخل فيها للوصول إلى آفاق جديدة في تحقيق الذات من دمشق إلى عمان وتونس الخضراء والبحرين ثم أمريكا وبريطانيا وبلدان أخرى للدراسة والبحث والتدريس والتدريب، الا حقق النجاح فيها بمثابرته وارادته وعصاميته الفريدة.
ويذكر المؤلف عن زيارته إلى وادي السيليكون (the silicone valy) بجوار جامعة ستانفورد في كاليفورنيا، الذي شاهد فيه عن كثب، كيف تتحول مخرجات البحث العلمي إلى اختراعات وإبداعات وتصنيع، مما جعل الولايات المتحدة الأمريكية رائدة في تحويل المعرفة الجديدة من البحث العلمي إلى تكنولوجيات مبهرة، حيث يعمل هناك من المهندسين والمخترعين والمبتكرين من اذكياء العالم المتميزين، اكثر من ربع مليون في البحث والتطوير والإبداع والابتكار ورفد الصناعة الأمريكية بالاقتصاد المعرفي …
لقد اسهب الأستاذ الجليل فيصل غرايبة بكتابه أكتب عما يكتبون ويكتبون عما اكتب، وفي هذه العجالة فقد سمحت لنفسي ان اكتب بجهدي المتواضع، عما كتب ويكتبون …

وللدكتور فيصل غرايبة اكتب عما كتب ولعلي اقول؛

كتابك بديع يا صديقي، ينبض بالروح، ويبشرني بأن تفاصيل الحياة تتبدل وكل شيء يتغير ولكن الإنسان هو الإنسان …
فالحياة يا صديقي معادلة بسيطة تتمحور بين الثابت (مثل الولادة والزواج وانقضاء الأجل) والمتغير مثل البيئة والتعليم والتكنولوجيا … وغيرها، لكن الجهد يا عزيزي عزم ومحبة، بدأها الخالق عز وجل، “فالله محبة” وقد بذرها في خلقه، لكنها تترعرع في مخلوقات فتنمو بذرتها في جماليات النفس فيكثر عطاءها، ليصبح كما الحسون يتهادى على شرفة مشمسة تطل، لتضئ بريق الحياة، وقد يصبح كالسنجاب أو الفأر يتغذى على الحاويات او يقرض صناديق الحديد الصلب والأخشاب فلا يتمناه أحد، ولكنه يصلح للتجارب المخبرية والحقن في علوم البيولوجيا والطب، ومصيره اما أن تصطاده لتقتله او لتسرطنه …
وسرطان الكثير في أمتنا هو التوكل، وانتظار السماء علها تمطر على جل المتقاعسين الذهب او الفضة …

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى