رفيقةُ دَربي وَطَن / الدكتور أنور الشعر

رفيقةُ دَربي وَطَن
الدكتور أنور الشعر


ريحانةَ عُمري… رفيقةَ دربي… وعشقَ سنيني
تَوأمَ الروحِ في جَسَدي
بَلسمَ النفسِ الحائرةْ.
يا ربيعًا ينسجُ أحلامي
ويُفجِّرُني نهرًا…
يعشقُ البحرَ… يهديه أزهارًا
للنوارسِ… ريشًا بالفيروز يلوِّنُها
نسماتٍ على أوتارِ العُمرِ
نغَماتٍ… يشدو بها
ولعينيكِ… مَهرًا يُرسلُها
فالمَدى عيناكِ
والنبع ندى
ظِلٌ جَفناكِ
والمُدى… تحرسُ العينينِ… وتحمي ظِلَّهما.

  • * *
    … يا بذرةَ عِشقٍ في الأَحشاءِ تجذُّرُها
    أنبتتْ وردةً من شِغافِ القلبِ …أَريجُ جَدائلِها
    والعصافيرُ تعزفُ فوق تقاسيمِ الروحِ لحنًا
    والمرايا…
    تَجثو في محرابِ الأَبديةِ… تَزرعُها نجماتٍ
    عِقدَ حُسنٍ لجيدِكِ شِعراً تنظمُها.
    من ضوءِ الفجرِ نسجتُكِ في الوجدانِ دَمًا
    في أَوردتي دافقًا… حُبًا
    رَوَّى خافقي… والروحُ يرقرقُها
    تسمو… ويداعبُها بالندى ومواويلِ اللَّيلِ
    ويزينُها بالصبا ونسيمِ البحرِ…
    فوقَ أَهدابِ روحِكِ يُطْلقُها.
    وضّاحٌ وجهُكِ… والعقلُ زينتُه
    فجرٌ يتجافى عن اللَّيل… يومِئُ للشمسِ
    ويُعِدُّ لها النجماتِ ولائِم
    يهديها خواتمَ عرسٍ
    وشالاتِ الفرحِ القادِمْ.
  • * *
    … أيقونةَ عُمري ودربي
    في الأُفقِ رسمتُكِ مَرجَ سنابلْ
    تزهو به ريحُ الجنوبِ… وأسرابُ الياسمينِ
    تشدو لكِ ألحانًا
    كتبَتْها الفراشاتُ …فجرًا ورديًا
    رسمتْها حدائقَ أزهارٍ …أقواسُ قزحْ.
    نقَشَتْ أيامي في دفاترِ الدهرِ رسمَكِ صفصافةً
    ثَغراً باسماً
    مُشْرعاً للآلئِ بحرٍ… حليًّا مرصعةً
    عِفَّةً للجيدِ
    طُهراً للجدائلْ.
  • * *
    حوريةَ أيامي…
    فيروزُ الشطآنِ بين أياديكِ أَنثرُها
    فرحًا…
    وطنًا…
    كنعانيةٌ طرَّزته بماءِ الوردِ
    وجنين… وبيسان
    والكرمِلِ ظِلِّ النجومِ… شقيقِ البَحرْ.
  • * *

    يا شحرورةَ السوسناتِ…
    ونديمةَ سِربِ الفراشاتِ…
    أُغنياتِ العصرِ الرومانسي…
    شَعرًا يتدلّى من فوق نخلةْ…
    نبعَ نهرٍ فوق التلالِ
    وصخورِ الزمانِ
    يتهادى… يلاعبُها
    ويدغدغُ أحلامَها
    يرقى فوق هاماتِها…ويطوِّعُها
    بسمةً للصبحِ الفضيِّ المتراكمِ فوق غصونِ الزمنْ.
    رفرفاتُ العصافيرِ بين الأخضرِ والأزرقِ
    تولجُ الفجرَ في الغسَقِ
    تخضَرُّ الموجاتُ في حضنِ البحرِ
    تولجُ الأحمرَ القاني في أخضَرِهِ
    يزهران بنفسجةً في أحضانِ الياسمين.
    أيُّها الياسمينُ… ترفَّقْ… فهذي البنفسجةُ
    عطرُها من رَحيقِ دَمي
    أيُّها الياسمينُ… ترفَّقْ…
    علَّها في ظِلِّكَ تنمو روضًا… أَو… أنهارًا
    تتحدى أصنامًا… أَقزاما
    تتخطّى جبالًا وأسوارا
    تصفعُ اللَّيلَ…
    يا ليلُ… ألا انجلِ بالصبحِ
    يا ليلُ… أطلتَ مقامَكَ فينا… والمقيلَ
    عجِّلْ يا ليلُ
    عجِّلْ يا ليلُ الرَّحيلا
    كيْ نُواري شهيدًا… يبحثُ عن طفلٍ
    عن اسمٍ… وعن وطنٍ
    ضاعَ ما بين الصحراءِ وما بين العولمةْ.
  • * *
    يا نبعَ الحنانِ… وشطرَ الجمالِ… وبنتَ الدلالِ
    دومي وطنًا يتكدَّسُ فينا… مرايا تكسِّرُنا أغصانًا
    يبَّستْها دروبُ التيهِ…
    وليالي الشَّتاتِ الحزينة…
    أطفالًا… ترجعُنا لرصيفِ الأَحلامِ
    ورحيقِ الذاكرةِ …
    نتأرجحُ… بين تفاصيل الكلماتِ
    حَجَلَيْنِ رماديين:
    حجلًا كاملًا… وظِلالَ حَجَلْ؛
    وطنًا غائرًا فينا مثلَ صفصافةٍ
    ظِلٍ للنَّهر
    من رَحمِ البَحرِ
    رحمٍ للعصافير
    أفراخُ القطا تحمي ظلَّها…
    وطنٌ…
    بين فاصلتين مُسجَّى يوزَّعُ بين الأطيافِ
    كالهدايا.
    أَفراخَ القطا…
    أرجعينا إلى الصفصافةِ… فالوطنُ القابعُ
    بين فاصلتين مُسجّى
    هذا… وطنٌ للنسيانِ
    لا للذّاكرة.
    أفراخَ القطا…
    انطرينا على الدرب
    إنّا لاحقون بِكِ…
    لا بقيصرا
    ورفيقةُ دربي معي
    مدٌّ… زمنَ الجزر
    فرحٌ… زمنَ الحُزنِ
    حُبٌ… زمنَ القهرِ
    أملٌ… في مقتبلِ العمر
    حِضنٌ لفراخ ِ العصافير
    تفتحُ الأبوابَ…
    وتعِدُّ الشايَ وخبزَ الطابونِ
    والزعترَ والزيتونَ
    لرفاقٍ يختزلون زمانًا
    ضائعًا في دروبِ الشتاتِ
    على قارعات المنافي الطويلةْ
    عادوا… يحملون الأحلامَ
    في أيديهم عوسجاتٌ
    في القلوب وطن،
    وأنا…
    في يدي عوسجاتٌ…
    في قلبي… رفيقةُ دربي
    فرفيقةُ دربي… وطن
    رفيقةُ دربي وطن.
  • * *

مقالات ذات صلة
اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى