تَجاعيدٌ نَقِيَة

تَجاعيدٌ نَقِيَة

سالم فلاح محادين

الأبُ هُوَ الشَّخص الوَحيد الذي يَتَمنى أن يراكَ أفضَلَ منه، ومِن هُنا أبتدئُ مُشارَكَتِي اليَوم في الحَديثِ عن #الآباءِ وأدوارِهِم في حياةِ أبنائِهِم وأهَمِيَّة وكَم الأمانِ المُتأتي من تَواجُدِهِم داخلَ مُحيطك كابنٍ أو ابنةٍ على امتدادِ واختلافِ مَراحِلِكَ السِّنية.

تَتَوجهُ الكَثير من مَشاعِرِنا وأحاسيسِنا وحُروفِنا والتَّعابير التي نرسُمها نَحوَ الأُمهات ولَهُنَّ بلا أدنى شَك كامِلَ الأحَقِية بمَحبَتِنا واحترامِنا عطفًا على ما يُقدِمنَ من مَجهوداتٍ خُرافيةٍ، وفي المُقابِل لا ينالُ الآباء ذاتَ الأوصاف والتَّقدير حيث أنَّ أدوارَهُم تأخذُ في الغالبِ داخِلَ أنفُسِ الأبناء مَنحَى الاعتيادية فيظهرونَ كجُنودٍ مَجهولين تَبدَأُ استشعارَ ما يُؤدونَهُ من أفعالٍ فقط: إذا قَلَّت أو عِندَ الفَقد.

الأمُ هي المُختَصَةُ بِمَنحِكَ جَانبَ الحَنان، بينما يَلعبُ الأبُ دَورًا شُعورِيًا وعاطِفيًا مُختلفًا حَيثُ أنهُ رمز الأمان وتلكَ الطَّمأنينةُ التي تَتَشكلُ على هيئةِ إنسانٍ يُسَخِرُ كُلَّ حياتهِ فَقط لأن يَراكَ في أفضلِ حالٍ عبرَ امتِلاكِهِ حَقًا لدلالةٍ وُجُوبيةٍ مُثبَتَةٍ بالأدلةِ والبَراهين أنّ سعادتَهُ الحقيقيةَ تَتَمثلُ في رُؤيتكَ وقد حَققتَ ما عَجِزَ عن تَحقيقهِ أو ما حَرَمتهُ إياهُ الظُّروفُ والإحداثياتُ المُتَعددةُ التي اعتَرَضَت طَريقهُ بِشكلٍ أو بِآخَر.

تَجاعيدهُ النَّقيةُ لوحَة حُبٍ رَسَمَتها السِّنينُ على وَجهِ الزمن فكانَت الليالي مِرآةً انعكسَ الكِفاحُ عَبرَها إليهِ لتتلاشى الآهاتُ بولدٍ أصبحَ طَبيبًا يُشارُ إليهِ بالبَنان أو ابنةٍ خطت بهندسَتِها قَصيدةَ فَرَحٍ غازلت القَلبَ السِّتينيَ المُرهَقْ، ذاك أيضًا عَسكَرِيٌّ فذ تَشَرَّب من أسرةٍ رائعةٍ كيف يَعشَقُ تُراب الوَطن، والآخرُ أستاذٌ يُعلِّم الطُلابَ ليَتَسلحوا بِعلمهِم ضِدَّ صِعاب العُمر، تلكَ تَزوَجَت وكُلما ابتَسَمَت وتَفانَت في بيتِ زَوجِها دعا بالخيرِ لمن رباها، ووو الخ….. ؛ من أبناءٍ صالحين لَمَعَ صِيتُهم أينما حَلُّوا وارتَحَلُوا.

فإلى كُلِّ أبٍ طاهِرٍ قَنّنَ حَلالَهُ المُتواضِع بصُعوباتٍ جَمَّة بُغيةَ إطعامِ أبنائه وتَنشِئتِهم وتربيتِهِم وتَعليمِهِم أيضًا، إلى آباءٍ لم يُولَد أبناؤهم وفي أفواهِهِم مَلاعِقَ مِن ذَهَب، إلى عِصاميينَ لَوَّنوا الوَردَ بأصابِعَ ذابَت كالشُّموعِ لتَرتَسِمَ على مُحَيا الوَطن حَدائقَ من اليَاسمين وشبابًا لو سادَ العدلُ لفاحَ عبيرُهُم بالقُرب، إلى هَؤلاء الآباء وَجَبَت منا الرَّحمات والدَّعوات وتَحيةً تِلوَ التَّحِيَة.

salem.mahdeen@yahoo.com

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى