تَيس و هَبلى!!! / د . ناصر نايف البزور

تَيس و هَبلى!!!
مَنْ مِنّا لم يسمع بقصص قيس و ليلى و مَن مِنّا لا يحفظ بعض أشعار قيس بن الملوّح الخالدة…. قيس بن الملوّح الذي لوّعه الهوى في عشقه لابنة عمّه ليلى العامرية… عاش قيس و ليلى معاً منذ طفولتيهما و كبرا و كبر حبّهما…لكن القدر شاء أن تتزوّج ليلى من غير قيس بسبب “تياسة” أهلها…
هامَ قيس على وجهه في السهول و الأودية و القفار بعد زواج ليلى… قال شعراً تتفلّق له الأكباد حتّى كابد زفرات الموت و سكراته وحيداً… بعيداً…شريداً… 🙁
كان بإمكان ليلى “الهبلى” أت ترفض الزواج من الغريب و أن تتمسّك بحبيبها قيس… و كان بإمكان قيس “التيس” أن يجد فتاةً أخرى أجمل من ليلى… و كان من الممكن أن يقول شعراً أجمل من الذي قال… و كان من الممكن أن يطول به العمر و يحيا حياة رغد و دِعة… و كان و كان…. لكنّ الذي كان كان… حتّى لقي قيس حتفه 🙁
أحياناً أتأمّل أحوالنا و علاقتنا مع حكوماتنا فأجدها تشبه إلى حدٍّ بعيد أحوال قيس و ليلى أو تيس و هبلى… عشنا معاً منذ الصغر كما عاشا… أفراد حكوماتنا من أبناء جلدتنا و أبناء عمومتنا كقرابة قيس و ليلى… ضعفها و استكانتها أوردتنا المهالك كما أردت استكانة ليلى قيسا… بِتنا نهيم على وجوهنا كما هام قيس… 🙁
لكنّ الفارق بسيط… فقد تحمّل قيس ما تحمّله و لم يحاول أن يرتبط بغير ليلى ليس لأنّ ليلى كانت ابنة عمّه و لا لأنها كانت “أمّورة”، و لكن لأنّ قلبه تعلّق بحبّها و روحه بروحها… أمّا نحن فلماذا نتعلّق بحكوماتنا … فقلوبنا متنافرة و أرواحنا متناحرة… فوجب على قيسنا “الملوّع” أن يجد عشيقة “حكومة” حتّى لو كانت أقل جمالاً من حكومتنا “العامرية” و إلاّ فسيحكي التاريخ قصّتنا و مأساتنا: قصّة “تيس و هبلى” !!! و الله أعلم و أحكم

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى