.حجـــــــــــــــر وطــــــــــــــيــــــــــن

[review]الأحد 8-11-2009

هل تتوالد الريح؟ سألت نفسي في شتوة تشرين الأخيرة… ريح يافعة هزت زجاجي الثقيل ، واضطرتني أن أوسع للرذاذ ولأصابعها الخائفة ان تجلس على بساط ذاكرتي، تخيلتها حفيدة الريح القديمة التي كانت تطرق شباكنا الشمالي في غرفة الحجر والطين تلك..

كل شيء يحيط بنا كان يستدعي الخوف: قفل الباب معطل،جيران قليلون، والكهرباء كثيرة الانقطاع ينوب عنها فانوس قديم أو سراج مرفوع على كرسي..صفير مرعب يصدره بوري الصوبة متزامن مع رقصة شجرة على النافذة المبزرة ،اشاعات عن تسلل بعض المسلحين، وأخرى تخص نسناسا يقتحم البيوت ويقضم لحم الأولاد الطري، بنطلون معلق في مسمار على صدر الغرفة يستحيل لصا بفضل وميض السراج المتمايل..دلف ينزل باردا على الأيدي والوجوه كلسع البعوض كلما تشبع السطح بماء المطر، صحون ألمنيوم وأوان نحاسية تخطىء الدلف ، فتحرك يمينا ويسارا حتى تضبط ايقاع النغمة ..نباح كلب قريب ، وحوار عقيم بين شباكنا المتهالك والريح الجدة..كل شيء حولنا كان يستدعي الخوف الا اننا لم نكن نخاف..

أم كلثوم تغني على بطاريات بنصف عمر فيغلظ صوتها وتشتبك كلمات أغدا ألقاك لتصبح جعيعا غير مفهوم، بقايا عشاء تقشفي ، كسرة خبز وصحن زيت لا ينقص ، و حراق أسود يلون الأصابع، رشقات المطر على بابنا الأزرق ابو زريقية كان ينبىء بزيادة نغمات الدلف..بينما قصيب السقف يخفي ضلوعه تحت لحاف الطين الفوقي ويتدفأ بالتلاصق مثلنا..كنا ننام متلاصقين بعرض الغرفة مثل علبة السردين ..باختصار كل شيء يحيط بنا كان يستدعي الضجر،الا أننا لم نكن نضجر…

مقالات ذات صلة

الآن كل شيء يحيط بنا يستدعي الشعور بالطمأنينة الا أننا ننام خائفين، وكل شيء يحيط بنا يستدعي الاستمتاع الا اننا نجلس ضجرين.. نضيع العمر المتعة، ونحن نبحث عن متعة العمر…

في هذه اللحظة تحديدا اشتهي الهروب من الدلف الى تحت المزراب…أريد أن أعود كما كنت ،قلبي حجر وذاكرتي طين ..

ahmedalzoubi@hotmail.com

أحمد حسن الزعبي

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى