المفوض السامي لحقوق الانسان في الأمم المتحدة يوجه رسالة للحكومة الأردنية حول قانون الجرائم الإلكترونية

رسالة المفوض السامي لحقوق الإنسان في الأمم المتحدة حول قانون الجرائم الألكترونية

دولة السيد بشر الخصاونة

رئيس الوزراء

وزير الدفاع في المملكة الاردنية الهاشمية

سيدي؛

أود أن الفت النظر، مع التقدير لحكومة المملكة الاردنية الهاشمية على تعاونها المديد والبنّاء مع مكتبي، وبشكل خاص تعاون وزارة الخارجية وبعثاتكم الدائمة في جنيف ونيويورك.

من خلال هذه الروحية أود أن اشارككم ملاحظات مكتبي المتعلقة بقانون الجرائم الالكترونية الجديد الذي أقرّه برلمان المملكة في 2 آب 2023. كما شهدنا جميعا، فإن العصر الرقمي حمل معه فرصا وتحديات معقدة لحرية التعبير في كل دول العالم. لقد ساعدت منصات التواصل الاجتماعي المواطنين على المشاركة والمساهمة في الحياة العامة، على سبيل المثال، في الاصلاحات الثلاثية في الاردن على الطريق لتحقيق أجندة 2023. نفس المنصات استخدمت لتخريب العلم، ونشر معلومات مغلوطة، وكذلك نشر خطاب الكراهية على مستوى عالمي. علينا مواجهة هذه التحديات باسلوب يتفق مع معايير حقوق الانسان العالمية، مما يستدعي انخراط الحكومات، والقطاع الخاص بما في ذلك شركات التقنية، والافراد في هذا المجهود.

بناء على هذا الفهم، يؤسفني أن قانون الجرائم الالكترونية الجديد لم يستفد من هذا النمط التشاركي القائم على المداولات التي تمكن المشرعين من الاطلاع على آراء المختصين والمعنيين حول طريقة التعامل مع هذه المواضيع المعقدة، وتحدد بوضوح اسلوب مكافحة الجرائم الالكترونية . تحتاج التشريعات المتعلقة بمكافحة الجرائم الالكترونية، الحقيقية، وحماية الحقوق إلى تفكير واستشارات عميقين للتأكد من أنها لا تحدّ، من دون داع، من الحقوق المحمية بموجب القانون الدولي لحقوق الانسان.

إن الاردن بصفته عضو في العهد الدولي للحقوق المدنية والدستورية، وحسب التفسير الذي وضعته اللجنة الدولية لحقوق الإنسان، مطالب بوضع قانون للجرائم الإلكترونية يتناول وعلى أضيق الحدود الممارسات التي تجري على وسائل التواصل الاجتماعي دون أن تشكل جرائم صريحة وحقيقية. إن تجريم النشاط الالكتروني من خلال عبارات فضفاضة يزيد من القلق حول احتمال خرق حقوق الانسان. على التشريعات المتعلقة بالجرائم الالكترونية تجنب التجريم المبني على المحتوى الذي يمثل رأيا يُعبّر عنه على المنصات الالكترونية. ملحق بهذه الرسالة تقييما مختصرا لبعض مواد القانون حسب التحليل الذي قدمه مكتب المفوض السامي لحقوق الانسان في الأمم المتحدة. أطلب منكم مراجعة القانون وفق التقييم المرفق، وفي كل الحالات، إذا تم تطبيق القانون مراعاة الضوابط الواردة في التقييم. إن مكتبي على استعداد لتقديم الدعم التقني والخبرة الضروريان لتستعين بهما المملكة الاردنية الهاشمية في هذا المجال.

فولكر تيرك

ملاحظات مكتب المفوض السامي لحقوق الإنسان في الامم المتحدة.

  1. الإجراءات القانونية الضروية:

إن غياب الاستشارات القانونية السابقة لتقديم القانون يزيد المخاوف المتعلقة بشفافية هذا القانون، والطريقة التي تم بها اتخاذ القرارات المرتبطة به.

  • العبارات الفضفاضة، والضوابط، والعقوبات غير المناسبة:

إن استعمال عبارات فضفاضة وغامضة في المواد 14، 15، 16، 17، 19 من قبيل “أخبار كاذبة”، “التشهير” القدح والذم” ” الترويج والتحريض والمساعدة على السلوكيات اللاأخلاقية” “اغتيال الشخصية” “التحريض على الفتنة وتقويض الوحدة الوطنية” “الاعتداء على الأخلاق العامة” “التجديف” تفتح المجال لتفسيرات كثيرة بما يتضمنه ذلك من خرق الحق الدستوري في ممارسة حرية التعبير، والحق في الحصول وتقديم المعلومات بحرية والذي يحميه القانون الدولي.

المادة 15 (ب) تسمح بالادعاء بالتشهير واغتيال الشخصية في حال نقد الموظفين العامين حتى في حال غياب الادعاء الشخصي من الموظفين المذكورين. كما تنص المادة 24 على أن أي شخص ينشر أسماء أو صور أو معلومات عن الاشخاص الذين يتولون تنفيذ أحكام القانون، وحيث أن هذا النشر يمكن أن يسيء إليهم أو يعرض حياتهم للخطر،   يمكن أن يواجه عقوبة بالسجن حدها الادنى 3 شهور مع غرامة مالية تتراوح ما بين 5 آلاف دينار (7049 دولار)، و25 ألف دينار (35246 دولار). تقدم هذه المادة تعريفا فضفاضا لطرق التعامل مع مفهوم التشهير، ويمكن أن تقود إلى إيقاع العقوبة عند أي نقد.

كما أشارت لجنة حقوق الانسان؛ يجب صياغة القوانين المتعلقة بالتشهير بعناية حتى لا تتحول إداة لقمع حرية التعبير. على الدول الأخذ بعين الاعتبار إلغاء تجريم التشهير، وأن يستخدم القانون الجنائي بشكل حصري في الحالات البالغة الأهمية، وأن السجن ليس العقوبة المناسبة.

بشكل عام، فإن هذه المواد التي تشتمل على إنزال عقوبة السجن والغرامات الكبيرة، تشكل خطرا داهما ومقلقا للشعب يمكن أن يدفعه إلى التوقف عن اهتمامه المشروع بالشأن العام. إضافة إلى ما سبق هناك غياب واضح لأخذ الوضع الاقتصادي للجناة الفرديين بعين الاعتبار عند تقرير مبلغ الغرامات المالية.

  • السلطات الواسعة:

يثير قانون الجرائم الالكترونية الجديد المزيد من القلق حول السيطرة على منصات التواصل الاجتماعي. تسمح المادة 33 للمدعي العام أو المحكمة إجبار أي موقع الكتروني أو منصة تواصل اجتماعي، أو شخص مسؤول عن حساب عام، على إزالة أو حجب أي محتوى يراه خرقا للقانون، وكذلك حظر المستخدم أو النشر بشكل مؤقت، ودفعه لتسليم معلومات المستخدم الشخصية. إضافة إلى ماسبق تسمح هذه المادة للسلطات حجب المواقع الالكترونية ومنصات التواصل الاجتماعي، وخدمات الشبكة الوطنية، أو حجب إمكانية الوصول إلى المحتوى المتهم بخرق القانون. تقوض هذه المادة حقوق الاشتراك على الانترنت، وتثير المزيد من القلق حول توريط الطرف الثالث بالمسؤولية، مما يقود إلى الافراط في التنظيم، ومراقبة محتوى الانترنت.

  • المسؤولية عن إدارة المحتوى:

يحمل القانون الشخص المسؤول أو الذي يدير موقعا الكترونيا، أو منصة تواصل اجتماعي، أو يقوم بإدارة مجموعات، أو حسابات عامة، أو قناة أو أي شيء مشابه (المادة 25). في حين أن المؤسسات العامة مستثناة من هذه المادة، مما يثير القلق حول توسيع مسؤولية الطرف الثالث عن المحتوى على الانترنت.

تلزم المادة 37 شركات التواصل الاجتماعي التي يزيد عدد مشتركيها عن 100000 مشترك فتح مكاتب لها في الاردن. كما أن عدم التزام هذه الشركات بهذا الشرط يعرضها إلى حظر الاعلانات، والتقييد التدريجي على ترددها على الانترنت لجعلها بطيئة أو غير قابلة للاستعمال. سيؤدي هذا الاجراء إلى تقليص عدد المنصات المتاحة للمستخدمين في الاردن.

  • الأثر على المنظمات غير الحكومية، والعمل الخيري، والأعمال الصغيرة:

يمكن لشروط الترخيص والعقوبات التي يفرضها القانون (المواد 21 و 22) تشكيل عائق أمام الشركات الناشئة والأعمال الصغيرة، والمنظمات غير الحكومية ومنظمات المجتمع المدني، وغيرها من المؤسسات التي تدير الفضاءات الرقمية، وإعاقة الأعمال المشروعة وجمع التبرعات والنشاطات الخيرية على الانترنت.

  • إضعاف مجهولية الهوية الالكترونية

تعاقب المادة 12 إخفاء العناوين الالكترونية، مما يعيق الخيارات التي تسمح باتصالات آمنة، وإخفاء الهوية الالكترونية. في بعض الحالات النادرة قد يكون تقييد حق إخفاء الهوية الإلكترونية مشروعا، خاصة في القضايا التي ترتبط بجرائم وتحقيقات جرمية محددة، وإن أي تقييد أو تشفير أو الكشف عن الهوية الالكترونية يجب أن يكون موجها ومتناسبا وأن يتعامل مع كل قضية على حدة، ويجب ألا يكون في أي حال من الأحوال ممارسة عامة.

على القوانين المحلية أن تنص صراحة على السماح للأفراد بحماية خصوصية اتصالاتهم الرقمية باستخدام تقنيات التشفير مثل VPN، وتطبيقات الرسائل النصية الأخرى.    

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى