الزهرة السوداء والخروف المخنوق

#الزهرة_السوداء و #الخروف_المخنوق / #يوسف_غيشان

كان الجنرال الفرنسي، أبان احتلال فرنسا للمغرب العربي، لويس مورين، من المعجبين بالممثل الأمريكي أريسون ويلز، بطل فيلم (الزهرة السوداء)، الأمر عادي حتى الان…لكن غير العادي، أن الجنرال الفرنسي وخلال عمليات تصوير الفيلم في المناطق التي تسيطر عليها فرنسا في المغرب، أهدى مخرج الفيلم، تقديرا لبطل الفيلم، هدية ..لا أعرف بماذا أنعتها.
تم اخراج الفيلم عام 1950 وقد احتاج المخرج في أحد المشاهد، إلى مرور البطل قرب شخصين مشنوقين على شجرة. في العادة يحلّون هذه القصة بوضع دمى مشنوقة، لكن الجنرال الفرنسي قام بشنق اثنين من الوطنيين المغاربة على الشجرة، ليتم استخدام المشنوقين في المشهد…تخيّلوا!
ليس الغريب أن يشنق الجنرال الفرنسي الوطنيين المغاربة، لكن الغريب أن يقبل المخرج والممثل، وإدارة الفيلم، هذه الهدية بامتنان، ويتعاملون مع الأمر في منتهى العادية، لكأنها ممارسة يومية عادية لا تستحق الانتباه أو التعليق.
وفي حادثة أقل بؤسا، لكنها من ذات المستوى الإنساني المتدني، كنت قبل سنوات اكتب نصوصا قصيرة للوحات تمثيلية، وأقدم مخرج أحد هذه اللوحات على خنق خروف ليبدو ميتا في المشهد. وقد حضرت اللوحة على (المونيتور) خلال عملية الإعداد، وقال المخرج أنه قام على خنق الخروف، حتى لا يظهر بخار تنفسه على الشاشة…. يا للهول!
لم استطع استيعاب ألأمر، فقلت للمخرج أني رأيت الكثير من الجثث في الكثير من الأفلام، فهل كانوا يقتلون الممثلين؟؟؟؟ لكني رأيتهم يقتلون أكثر من مرة في أكثر من فيلم….
الغريب ان المخرج لم يفهم سبب ما قلته، ولم يستوعب غضبي وخروجي من الغرفة…. من ذلك الوقت لم أعد أكتب لوحات تمثيلية.
أنا لا أشبّه هول الحادثة الأولى ببؤس الحالة الثانية، لكني أحاول القول بأن الدناءة البشرية في الحالتين هي ذات الدناءة.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى