قُمْ للمعلِّم ….! / المحامي موسى الأعرج

قُمْ للمعلِّم ….! / المحامي موسى الأعرج

– لعلّ الاعتداء على المعلّمين من قبل طلابهم، أو من قبل أولياء أمور الطلاّب أصبح مشكلة في المجتمع تتناقض مع قيمه وتحتاج إلى علاج ناجع، هذا المجتمع الذي طالما توارث قولاً مشهوراً في مجال التربية والتعليم، هو “لك اللحم ولنا العظم”، وذلك مبالغة في الكناية عن تفويض ولي أمر الطالب للمعلم بتأديب وتربية الطالب، كما كان للمعلم احترام وتقدير لا ترقى إليهما مهن أخرى، فقد كان المعلّم يلقى التقدير والاحترام لا من الطلاّب وأولياء الأمور فحسب بل من أهل الحي أو القرية كافة، وكانت مقولة أمير الشعراء المشهورة “قم للمعلم”، مستقرة في أذهان الطلاب بسبب استقرارها في أذهان أولياء أمورهم، بل إن مقولة “من علّمني حرفاً كنت له عبداً”، المغرقة في الكناية، كانت على لسان معظم أبناء المجتمع.

– فهل أصبح الطالب غير ذاك الطالب، وأصبح ولي الأمر غير ذاك الولي، أم أن المعلم قد أصبح غير ذاك المعلم، سؤال يجب أن تنطلق منه كل معالجة لهذه المشكلة التي أصبحت تتردد أصداؤها في جنبات كل بيت، وأغلب ظنِّي أن الجواب على السؤال بالإيجاب، الأمر الذي يدعو لمعرفة الأسباب التي كانت وراء هذا التحول، قبل وصف العلاج، وقد تأخَّر العلاج.

– يقترح البعض العلاج في ضرورة تغليظ عقوبة الاعتداء على المعلّم، وذلك من خلال إجراء تعديل على قانون العقوبات، ويقع هذا الاقتراح في سياق مناقض تماماً لما استقرت عليه سياسة التشريع الجزائي، التي أصبحت تقوم على “الاصلاح”، لا على “الردع”، حيث انحسرت في العالم كما هو معروف، نظرية “العقوبة الرادعة” لتحل محلها نظرية “الإصلاح والتأهيل”، فمنذ مدة طويلة استبدلنا “السجون” بـ “مراكز الإصلاح والتأهيل”.

مقالات ذات صلة

– وعليه فنقطة الابتداء في معالجة المشكلة هي البدء بالإصلاح، البدء بإصلاح الطالب، والبدء بإصلاح المعلّم، وإذا صلُح الطالب وصلُح المعلّم فسوف يصلح ولي الأمر، لأن طلاب اليوم هو ولاة أمر طلاب الغد، وإصلاح الطالب يكون بإصلاح المناهج التعليمية، وتغليب الجانب التربوي، ليس على حساب الجانب التعليمي، وإصلاح المعلم يكون بإصلاح عملية التربية وإدارة التعليم والقواعد التي تحكم خدمة المعلمين، وأول ما يجب أن يتم تناوله بالإصلاح في هذه الأخيرة قاعدة ترقية المعلمين بالأقدمية.

– نستطيع القول، دون تردد، أن عملية إصلاح مؤسسة التربية والتعليم (الإدارة والطالب والمعلم) قد بدأت منذ حوالي سنتين، وأنها تلاقي من العقبات أكثر مما تلاقي من التسهيلات، ولكن الإصلاح قد بدأ، وأن إحدى العقبات الكأداء التي قد تم تجاوزها أو كاد، هي عقبة “التوجيهي”، هذا التوجيهي الذي كان أنتج معظم المعلمين العاملين، أما الطالب فلن يصلح إلاّ إذا صَلُح المعلّم.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى