الواسطة وأبناء الذوات / باجس القبيلات

الواسطة وأبناء الذوات

“الفقير يشبه الصائم، يقضي وقته في اشتهاء المأكولات، خاصة تلك المرتبطة بذاكرة طفولية أو عاطفية” .
ولا شك في أن التشبيه السابق للفقير، يتفق مع الفكرة التي طرحها الكاتب ويؤيده فيها الأردنيون العاطلون عن العمل، الذين عانوا من الإهمال طويلا في ظل الظروف الاقتصادية الصعبة التي تعصف بالوطن والمواطن، وهذه الفكرة هي: أن مثل هؤلاء الأردنيين أصبحوا يقضون أيامهم باشتهاء سماع الأخبار السارة التي تبعث الرضا في نفوسهم، وتخرجهم من حياة الكد والشظف، التي لازمتهم على مدى سنوات خلت، وخصوصا في الأعوام الأخيرة التي فقدوا فيها البهجة والفرح، فالخوف من الأيام القادمة التي لا يعلم مداها إلا الله _ سبحانه _ أيقظ في أعماقهم ضيقا وقلقا شديدين .

وقد التمس الناس من الحكومة أن تكون خير معين في تلافيها هذه المعضلة التي باتت تؤرق الجميع، ولكن للأسف ازدادت الأمور تعقيدا، فمحاربة مظاهر الواسطة والمحسوبية التي تقوض فرص العدالة والمساواة وتستفز الأردنيين، لم تترجم إلى واقع عملي يلمس الأردنيون نتائجه، علما بأن الحكومة وعدت في وقت سابق أن تلجأ إلى معايير الكفاءة والنزاهة، ولكن شيئا من هذا القبيل لم يحصل، ولعل في تعيين أربعة من أبناء المسؤولين في مؤسسة الضمان الاجتماعي دليل صارخا على تهاون الجهات الرسمية حيال ذلك .

في أثناء كتابتي لهذا المقال المقتضب، استيقظت في نفسي قصة نائمة منذ زمن، تعبر عن حس وطني وإنساني للملياردير الأمريكي(وارن بافيت)، ثالث أغنى رجل في العالم، حين أعلن عزمه على التبرع ب (99%) من ثروته التي تقدر ب (52) مليار دولار لمنظمات خيرية، وتم اعتبار هذا العمل أكبر تبرع خيري في التاريخ المعاصر أنذاك، وقد تم تخصيصه بحسب ما أعلن لدعم الأبحاث الطبية ومساعدة الفقراء والمرضى، فضلا عن تشجيع التعليم والتربية في البلدان النائية، الأمر الذي قالت عنه جريدة (نيويورك تايمز) في صفحتها الرئيسة بأنه عمل جنوني ولكننا بحاجة إلى المزيد من هؤلاء المجانين .

مقالات ذات صلة

وفي ختام مقالي، أشير إلى أن كل من يتعلم اليوم من أبناء الذوات، يريد أن يجلس على مكتب وثير مكندش ويسكن في بيت شامخ محاط بحديقة، يروح ويجيء في سيارة بعرض الشارع، وهذه الأبهة هي الداء بعينه، ونحن إذا لم نجتث هذا الداء من جذوره تكونت عندنا طبقة برجوازية ضخمة لا تمت إلى واقع حياتنا بصلة، وهي أشد خطرا على مستقبل البلد من الاستعمار نفسه، لذلك أتمنى أن تحدو حكومتنا حدو الملياردير الأمريكي (وارن بافيت ) في حسه الوطني والإنساني .

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

تعليق واحد

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى