.”حلّك في بير”

[review] 

مقال يوم الخميس
13-9-2012
النص الاصلي
 
بسب ما عانيته شخصيا هذا الصيف من عطش وشح، وما عاناه غيري وعبّر عنه من خلال احتجاجات وحرق اطارات واغلاق شوارع ، وبسبب تدفق أعداد هائلة ومفتوحة من اللاجئين الى الرمثا، مما ينذر ان الوضوء في العام القادم سيكون تيمماً والاستحمام “انجكشن” والغسيل “تطريق” و الشرب ” مصمصة” وغسل الوجه “زي رشة الكالونيا” ..فقد أنتهيت الاسبوع الماضي بحمد الله من صيانة “بئر الدار ” تحت إشراف وتنفيذ “القصّير” ابو قاسم وأولاده..
صحيح ان “ابا قاسم” ذلني في الاسبوع الذي نزل فيه الى البئر من كثرة الطلبات ، فإبريق الشاي الصباحي الذي كنت اعده له كان يحضّر في مختبر كيمائي لا في المطبخ- مزاجه في شرب الشاي عجيباً غريبا- فهو يفضّله خفيفاً جداًً لا ثقيلاً، حلوه فوق الوسط ولونه “يشبه الميرندا”، وكلما احضرت له الابريق رفع الكأس الى اعلى ثم قال: “رجّعه”..فأعود واغلي له ابريقاً جديداً..ثم أسأله هيك مليح؟ فيرد دون ادنى مجاملة: لأ مطرح ما “…” شنقوه، رجّعه..كان عليّ ان اغلى من 4 الى 5 اباريق صباحية حتى يرضى عنّي الرجل ..وعندما اصل الى نقطة التعادل في مزاج “ابو قاسم” كان يقول بانشراح وحبور وصوت مرتفع : هسّع صرت تفهم!..طبعاً كلامه يشير الى انني كنت “قليل فهم” في المرات السابقة…
حاجتي لتصليح البئر وتجديد قصارته وتصليح جدرانه، وإعادة بناء الخرزة..كان يجعلني ابتلع صبري على مضض من طلبات “المعلّم”..المتمثلة:بــ ” قلاب” حصمة نص فلقة..و60 شوال اسمنت..وقلاب وسط بودرة طرية..
المشكلة بعد ان أقوم بتحضير كل الطلبات يتذكر انه بحاجة الى بربيش سعودي 12 متر …وماسورة “هالطول”..قفّتين ، دلو رايب فاضي، ، “ترمس مي ” ..عرباية دز..ومسمار باطون 6…ولمبة توفير طاقة لينزلها الى جوف البئر.. الرجل لم يكن يكتفي بهذه الطلبات “الفوقية” بل كان يصيح أحياناً من قاع البير: بدي مقشة..و سلك تربيط ..و ليفة حمام!..طبعاً لكثرة ما صعدت درج السطح ونزلت عنه ،ولكثرة ما “تعربشت” على خزائن المستودع وتخمخمت في أرجاء الحاكورة بحثا عن “سيخ حديد هالطول”…تكوّن لي عضل في الفخذين والساقين اهم من عضل العدّاء المغربي سعيد عويطة…
ابو قاسم يستحق التعب..فهو اختصاصي قصارة “آبار”، يجيد عمله جيداً، ويحسن حساب المقادير ..وكل هذه الطلبات المتكررة والغريبة ، تبقى اهون من عطش ساعة أو “دبق العرق” التموزي المشين..المهم قد تم تدشين البئر الجمعي بحمد الله، وقد بنيت خرزة اسمنتيه خضراء يانعة تتضلل بياسمينة الدار ، واصبح الوضع عال العال ،كما اوصلت اليه شبكة مواسير من “ظهر الحيط” لغاية جمع مياه
الامطار المهدورة ، و ركبت فوقه باباً حديدياً محكماً ودلو “كاوشوك” زيادة في الرومانسية..كما نفذّت وصية ابو قاسم وهو ينكّت ملابسه ويغسل ادواته في البرميل عندما قال : ( خالي ابو عبد الله لا تفتحه من هون لاسبوعين أحسن ما “ينلفح”)..قلت له لن افتحه الا في نهاية تشرين حتى لو “صار معاه سكّري”..
**
بصراحة اعتبر اصلاح البئر اهم عمل مفيد قمت به منذ خمس سنوات الى الآن..لا لشيء، فقط لأنني سأغتني بأهم عنصر في الحياة واِشح مادة في الاردن “الماء”..سيما وان رُبط ذلك الانجاز بــ”نياطة” الحكومة حتى تسقيني او تحن علي بساعة من الضخ المتقطع ..
**
أخيراً من اعتمد على الله رواه…ومن اعتمد على وزير المياه “ظل يركض وراه”.. ولي في نملة سليمان “قدوة حسنة”..
 
عزيزي العطشان : صدقني “سرّك في بير” و”حلّك في بير” ايضا..
 
ويا رب الغيث…
 
 
 
احمد حسن الزعبي
ahmedalzoubi@hotmail.com

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى