.”معك خمستين”؟؟!

[review]
في جيب الجاكيت الرمادي ، أحتفظ بمخزون استراتيجي من "الشلونة والبرايز، والأرباع" يوازي مخزون البنك المركزي أو يزيد ،دأبت على جمعها منذ اليوم الأول من رمضان..تحسبّاً للعيد السعيد. ومن منطلق من (فرّح طفل فرّح ولي ).. لن أدع طفلاً أعرفه ولا أعرفه الاّ وسأغدق عليه من عطاياي "شلن أو بريزة" ،طبعاً بعد أن أبتزّه بتقبيل يدي اليمنى والسلام على الحاضرين فرداً فرداً وغناء "يا طيبة" كاملة ً دون شهيق أو تقطيع أو نسيان وذلك من باب البرّ ليس الاّ…

في يوم العيد أجد أن الشيفرة الأكثر شيوعاً بين الرجال هي :"معك خمستين"،وعادة ما يمدّ الأول "ام العشرة" بين إصبعيه ليضع الآخر تحت الأمر الواقع.. فتجد الثاني يتفانى في تدبير "الخمستين" للشخص الطالب على غير العادة ثم يعرض عليه "بدّك أكثر" كدليل على أنه يتفهّم موقفه جيداً ويرغب في مساعدته ..فالحدّ الأدنى لصلة الرحم – عند الموظّف المتوّسط – "خمسة دنانير"..وهذا ما قد أفتيت به يوم الوقفة السابقة من العام الماضي.
التقبيل هو نقش العيد ، لذا فلا بدّ من الاستعداد جيداً لاستقبال عدّة نكهات للكالونيا والنيفيا ومعاجين الحلاقة وزيت الزيتون و"الفازلين" على شفتيك بعد أن يتم اكتسابها من خدود الأجاويد ، كما عليك أن تتحلّى بالصبر وإبداء الرضا إذا ما أجبرت على عمل "كاسات هوا" مجّانية من كبار السن عندما يصرّون على تقبيلك والربت على كتفيك و"تمصيع" أذنيك من باب المحبّة ..
وكما هي العادة ستتكررّ نفس العبارات أثناء المعايدات،مع اختلاف الظروف ، هذا العام مثلاً، سيصرّ بعضهم على أن رمضان المنقضي كان" خفيفاً لطيفاً" ويتمنّون لو أن كل العام "رمضان" ،فيوافقهم الزائرون قائلين بأصوات متفرقة "آه والله" وذلك من باب المجاملة الزائفة والتظاهر بسمو الروح .ثم يناقشون الرفع القادم للمحروقات وأثره على المواطن.كما سيتعرضون لصحة صيام وإفطار الدول المجاورة..والى ما ستؤول اليه سعر تنكة الزيت هذا العام ..دون أدنى ربط بين أي من المواضيع أعلاه.

عند الظهيرة تختتم معظم زياراتك المهمّة ،تخلع جاكيت المناسبات ، تفرغ جيوبك من التوفي والملّبس و"بيض الحمام والنوجا"..تستلقي أمام التلفاز لتشاهد مسرحيات تافهة .. تتساءل عن وجبة الغداء بعد حرمان دام شهراً كاملاً فتتفاجأ أنها "توالي" أمس ..تضع رأسك لتنام في دولاب الروتين المعتاد .فالأيام القادمة مليئة "بالتوالي".

* من ارشيف الكاتب

مقالات ذات صلة

احمد حسن الزعبي
ahmedalzoubi@hotmail.com

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى