معان فاصلة منقوطة / جروان المعاني

معان فاصلة منقوطة
معرفتنا يغلب عليها القلق، حيث تتكاثر الاسئلة والإجابات تأتي بمعارف اكثر قلقاً، فيصبح الحاضر مهزوزاً والغد رهنٌ بثبات اعرج .
ضمن طاقتي المحدودة حاولت ان استزيد عن امر افجعني وافجع كثير من المتابعين للأحوال في الأردن حيث قضت المحكمة بالسجن على مجموعة متهمةٍ بالإرهاب الداعشي فهذه المجموعة كانت تفكر بإعلان مدينة معان ولاية داعشيةٍ ..! وهو امر مقلق بحق وينطوي على معارف مخيفة .
تناقلت الخبر المواقع الالكترونية وقنوات التلفزة ومنها (تلفزيون رؤيا) ، وهو امر طبيعي لكن ما استفزني هو كيفية صياغة الخبر والحديث عنه كأنه امر على وشك الحدوث وانه تهديد ما زال مستمراً وهذا امر عارٍ عن الصحة، حيث الربط بين هذه المجموعة التخريبية والمجموعات الاخرى التي سبق ملاحقتها في الكرك واربد وغيرها، ما يدفعنا للتساؤل الكبير (ماذا فعلت الحكومة لتجفيف منابع هذا النوع من الارهاب ؟).
معان ايها السادة تتاخم حدود السعودية من الجنوب والشرق وهي اكبر محافظة من حيث المساحة، ومنها يخرج نفط الاردن(الفوسفات) وربما تكون خزان الماء الرئيس حيث الغدران والينابيع عدا عن تنوعها المناخي العجيب حيث الثلوج في مكان والصحراء تأكل ما يقرب من 95% من مساحتها التي تخبئ في باطنها خيرات كثيرة غير مستغلة .
معان مدينة تسكنها البطالة بشكل كبير والفقر يطارد شريحة واسعة من ابناء المحافظة مما يجعل شبابها متذمرين مستعدين للتحرك ضد الحكومة دائما، فخيراتها تُستنزف دون ان يكون لها اثر مباشر على تحسين اوضاع الناس فيزداد السخط يوما بعد يوم، وكثير من رجالها سلبتهم العاصمة عمان ونسوا ان لهم فيها اهل يعانون كما بقية الاردن من الغلاء الفاحش والإهمال المتعمد في كثير من الاحيان.
معان مدينة ترفض التغير الجذري، حيث البادية والحاضرة فيها تستويان في الممانعة ورفض الفساد الذي استشرى حد عدم القدرة على ضبط اعصاب الجماهير وهي ترى توريث المناصب وزيادة رأس المال بيد فئة في حين ان الفقر يطارد النسبة العظمى من السكان، وهو في العرف البشري امر يدعو للسخط وكثيرا ما تسبب في الثورات والخراب، ومعان كما كل الاردن يغيضها ما يجري لفلسطين والقدس فتمتزج السياسة مع تردي الاقتصاد فتظهر جماعات تتطرف بمواقفها، لكنها دوما تُبقي على الولاء والانتماء، وهو امر يدركه القاصي والداني فهي الحاضرة الاولى التي صنعت تاريخ الاردن والرابط بين كل محطات الحج باتجاه مكة المكرمة .!
على الحكومة ان تستوعب جيدا ان معان فاصلة منقوطة ترتبط بكل الجمل التي تأتي بعدها لتفسرها، وكل فعل لا يأتي من فراغ ويحمل في طياته قلق حقيقي اخشى ان يؤدي في لحظة ما لردود افعال كبرى وهو ما لا نريده ولا نشجع عليه وكل التجارب السابقة تصرخ ان الحكومة دوما تأتي متأخرة، وان تآكل دخولات الناس والغلاء المستعر يجعل منهم قنابل موقوتة تنفجر بوجه كل مسئول لا يعي خطورة الاحوال وانه اذا ارادت الدولة الاعتدال في مواقف الناس عليها ان تكون عادلة في توزيع المكتسبات من الخيرات والمناصب.
واخيراً كل دعواتنا ان يحمي الله الاردن من شرور الفتن، وكلها دعوات تتوقف عند باب المظلوم .

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى