طحنٌ نراه عند الأذى / راتب عبابنه

طحنٌ نراه عند الأذى
إضافة جديدة على تقصير الحكومة وعدم اكتراثها بالمواطن الأردني سواء بالداخل أو بالخارج تضيفها لقائمة عدم الإكتراث الطويلة. ويتمثل التقصير من جانب الجهات المعنية – وزارة الخارجية وشؤون المغتربين، نقابة الصحفيين ورابطة الكتاب الأردنيين – بتباطؤ هذه الجهات بالكشف عن حقيقة اعتقال الكاتب الصحفي تيسير النجار المعتقل في أبو ظبي.
لا يعقل ومع مرور مدة اعتقاله أن لا يتم توصل أي من الجهات لخبر شافٍ يريح أهله وذويه وزملائه ومحبيه والمهتمين. لم نسمع من وزارة الخارجية وهي الجهة المعنية مباشرة بشأن كهذا أي بيان يجلي الغموض. ولم نسمع أيضا من الجهات الإماراتية ما يكشف هذا الغموض.
إن صح مانشر حول تخابره مع دولة قطر، فلتعلمنا الجهات المعنية بماهية التخابر حتى تتضح القضية وحتى لا يبقى الرأي العام مشغولا بالبحث عن إجابات. وان كان تخابر السيد النجار مع دولة قطر، واذا صح، يضر بالمصلحة الإماراتية فمن حق الإمارات أن تطبق قوانينها بعدالة ووضوح بعيدا عن التكتم والغموض. وإن ثبت العكس، يجب أن يكون لحكومتنا موقف وقول يتناسب مع طبيعة ما يجري.
لسنا مع فكرة الفزعة بقدر ما نسعى لمعرفة الحقيقة من خلال اهتمام واضح يقع على كاهل وزير الخارجية في المقام الأول. ومثلما جهاتنا المعنية مطالبة بالمتابعة والخروج بالحقائق فإن الجهات الإماراتية المعنية مطالبة أيضا بالكشف عن حقيقة وظروف وأسباب الإعتقال احتراما للعلاقات المميزة بين البلدين الشقيقين وارتقاءا لمستوى هذه العلاقات الأخوية المبنية على الإحترام والتفاهم والود.
عند الدول التي تحترم نفسها وتحترم مواطنيها تقوم الدنيا ولا تقعد عند حدوث ماهو أبسط بكثير من اعتقال مواطن. يستدعى السفير للتوضيح والشرح وربما يعاد النظر في العلاقات إذا تبين أن في الأمر إجحاف أو تجنٍ على المواطن. “الإنسان أغلى ما نملك” قول نردده وصداه يدوي في دول أخرى.
وهنا لا ندعو لقطع العلاقات كما يمكن أن يفهم ظاهريا، بل كلنا حريصون على علاقاتنا الطيبة مع كافة الأشقاء طالما هم يبدون نفس الحرص. ندعو لتحرك جاد وصادق واهتمام بمواطن أردني ظروف اعتقاله غامضة ولا تتوفر أي معلومات من خلالها يمكن أن يطمئن أهله ومحبوه.
كما يعلم الجميع، وزير الخارجية ليس تخصيص خمسة دقائق لمكالمة هاتفية مع نظيره الإماراتي يستوضح بها عن أسباب اعتقال مواطن أردني مغترب وهو من صلب اختصاصه، إذ الجزء الأكبر من وقته ينقضي في الطيران ولا نعلم إلا القليل جدا عن أسباب سفراته وبماذا يخدم الاردن. رابطة الكتاب ونقابة الصحفيين تحركتا على استحياء ودون جدوى، حتى ما تناقلته الصحافة عن سبب ألإعتقال لم يتم تأكيده أو نفيه من الجهتين الأردنية أو الأماراتية.
اصبحنا وكاننا نشاهد فلم ترقب وتشويق ينطوي على لقطات رعب لا نعلم كيف سينتهي وكيف تتكشف حبكاته وعقده.
نود ان نخلص للتساؤل المتكرر على لسان المواطنين الأردنيين والقائل: متى سيولى المواطن الأردني الإهتمام المطلوب من حكومة دائمة التشدق بحرصها عليه؟؟ إننا نسمع جعجعتة ولا نرى طحنا. لكننا نسمع الجعجعة ونرى الطحن بوضوح عالٍ ((HD عندما تتوفر أدوات الحاق الأذى بالمواطن. لكن عندما يحتاج هذا المواطن لتحصيل حق او لتنفيذ مطلب، فلا تجد حكومة تسمع أو ترى. عند قيام احدهم بإبداء رأيه بدولة ما، يحبس بحجة تعكير صفو العلاقات دون التفات لكرامته وحقوقه وانسانيته.
متى نغادر هذه الثقافة الحكومية التي فحواها الإستقواء على المواطن والتنمر عليه ومنعه من تفعيل ما ميزه الله به عن باقي مخلوقاته وإبداء الرأي بينما مسؤولونا بالوقت نفسه يتغنون بكون الأردن دولة ديمقراطية ودولة مؤسسات.
قال جلالة الملك يوما أن “كرامة المواطن من كرامتي”. هل حكومتنا تعتبر ذلك شعارا للإستهلاك أمام المواطنين ومفرغا من محتواه؟؟
حمى الله الأردن والغيارى على الأردن والله من وراء القصد.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى