الحظر على المنتجات الزراعية الأردنية / موسى العدوان

الحظر على المنتجات الزراعية الأردنية

دخل الحظر الذي فرضته دولة الإمارات العربية المتحدة، على المنتجات الزراعية من الخضروات والفواكه الأردنية حيز التنفيذ، اعتبارا يوم الاثنين 15 / 5 / 2017. وقد عزت دولة الإمارات هذا الحظر لوجود متبقيات كيماوية فيها بمستوى يفوق الحد المسموح به، حسب فحوصاتهم المخبرية. وفي وقت سابق لجأت المملكة العربية السعودية لنفس الفعل وللسبب ذاته، وهذا حقهم في الحفاظ على صحة مواطنيهم من خطر الإصابة بأمراض خطيرة.
هذا الحال يطرح الأسئلة التالية : ما هو دور حكومتنا الموقرة تجاه هذه المسألة الحساسة، التي تؤثر على صحة المواطنين الأردنيين قبل غيرهم، وتضر بالاقتصاد الوطني، ثم تسئ إلى سمعة بلدنا في الخارج ؟ ولماذا تسمح الحكومة للمزارعين بإنتاج الخضروات والفواكه التي تضر بصحة الإنسان أينما وجد ؟ أين وسائل الفحص المخبرية الدقيقة التي تبين المواد الصالحة للاستهلاك البشري من غيرها ؟ وأين رقابة وزارة الزراعة ودائرة المواصفات والمقاييس على هذه المحاصيل ؟ إضافة لما تقوم به مؤسسة الغذاء والدواء، من بنشاط ملموس تشكر عليه.
عندما فرضت دولة الإمارات هذا الحظر الاحترازي، والذي أشار إلى وجود خلل بالمنتجات الزراعية الأردنية تضر بصحة المستهلكين لديهم، اعتقدت أن حكومتنا ستعلن حالة الاستنفار في جميع الدوائر المختصة، لتقصّي الحقيقة ومعالجة المشكلة من جذورها، لتوفير غذاء صحي خال من السموم للمستهلكين المحليين والأجانب وحماية للاقتصاد الوطني. ولكن للأسف لم يحدث شيء من ذلك، وكأن ما جرى يخص دولة أخرى ولا يخص الأردن.
الحدث الثانوي الذي شهدناه هو فقط ظهور معالي وزير الزراعة على شاشة التلفزيون الأردني في برنامج ” ستون دقيقة ” بملابسه الأنيقة – كبقية أعضاء الطاقم الوزاري في مثل هذه المناسبة – محاولا إقناعنا بسلامة الخضار والفواكه المنتجة محليا، من خلال فحوصات عشوائية تقوم بها الجهات المختصة. كما بشّرنا معاليه بأن المواطن الأردني يستهلك نحو 75 % من الإنتاج الزراعي المحلي. بمعنى أن 75 % من المسرطنات هي حصة المواطنين الأردنيين.
لا أعرف ما هي درجة الدقة في الفحوصات العشوائية، التي أجرتها وزارة الزراعة على تلك المنتجات كما أعلن معاليه، والتي أثبتت فحوصات دولة الإمارات العربية عكسها. ولا أعرف نسبتها من مجمل الكميات المصدّرة ؟ ولكن أتساءل : لماذا يعلن معاليه أن الوزارة استقدمت ستة أجهزة فحص جديدة، إذا كانت أجهزة الفحص المتوفرة لديه تؤدي عملها بإتقان ؟ لم يكن دفاع معاليه عن سلامة المنتجات الزراعية مقنعا حتى للأطفال، لأنه لا يتطابق مع الواقع المعاش، لاسيما وأننا كمواطنين فقدنا الثقة والمصداقية، بالتبريرات والأحاديث التي يسوّقها علينا معظم المسئولين في الدولة.
نقرأ أيضا في أحيان كثيرة عن ضبط مؤسسة الغذاء والدواء، لمواد غذائية فاسدة لدى بعض التجار يصل حجمها إلى أطنان، من لحوم ودجاج وأسماك ومعلبات وغيرها،. ولهذا علينا أن لا نستغرب انتشار الأمراض الخبيثة بين المواطنين بنسب عالية، دون أن تكون هناك أحكاما رادعة لمن يمارسون الغش في الغذاء.
أن مسئولية هذا الضرر الذي يشكل جريمة إنسانية، تتحملها خمسة جهات هي : وزارة الزراعة، مؤسسة المواصفات والمقاييس، مؤسسة الغذاء والدواء، إضافة إلى التجار والمزارعين، الذين يعمدون إلى حقن السموم في بضاعتهم ومنتجاتهم الغذائية، وتسويقها على المواطنين دون مخافة الله أو وازع من ضمير. ثم تقول حكوماتنا لا تنشروا المعلومات حرصا على الاقتصاد الوطني، بل عليكم ابتلاع المسرطنات بصمت دون أن تنبسوا ببنت شفة.
لماذا يمرّ هذا الموضوع على الحكومة كأي كخبر عادي، ولم تحرك ساكنا تجاه قضية تهم صحة المواطنين تطبيقا لمقولة ” الإنسان أغلى ما نملك ؟ “. أم أن هذه قضية هامشية لا تستحق اجتماعا يحضره المعنيون على أعلى المستويات، ليبحثوا في الحلول المناسبة لهذا البلاء، الذي يزرعه عديمو الضمير في أجساد المواطنين عن دراية وإصرار، طمعا في جمع المال الحرام ؟
لقد أعلن دولة رئيس الوزراء في وقت سابق، أنه ووزرائه خُدّاما للمواطنين. ونحن بدورنا نتمنى أن تترجم هذه الأقوال إلى عمل واقعي على الأرض، ونرى وزراءنا يرتدون لباسا الميدان، يخدمون المواطنين في مواقعهم ويحلوا الممكن من قضاياهم، دون أن يتحملوا عبء مراجعات المكاتب المغلقة، كما طلب منهم ذلك جلالة الملك في مرات عديدة. فهل نحن بحاجة إلى وزير أو وزيرة للسعادة كما في دولة الإمارات العربية المتحدة، لتعديل أحوالنا المحزنة ؟ ؟ ؟

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى