اللي فيهم بكفيهم / مصطفى الشبول

اللي فيهم بكفيهم
بعد صراع طويل مع المرض ،وعجز الطب والأطباء من علاج الحاج فلاح اللي ما في مرض بالدنيا إلا موجود فيه ، كان أفضل شيء أن يلتزم الحاج فلاح بيته وينتظر رحمة ربه…، فكانت كلما تدق سماعة مسجد القرية بغير موعد الصلاة، الناس تفكر انه الحاج فلاح ودع ورحل، (لكنهم بصيحوا على ولد ضايع أو جابي المسقفات موجود في دار البلدية)، الحاج فلاح زلمه على باب الله متقاعد من الجيش وعمره بالسبعينيات وتقاعده يا دوب مكفيه أكل وشرب، وعنده أولاد أثنين وأربع بنات (متزوجين) ووضعه المادي تحت الصفر بشوي و أولاده الاثنين حالتهم المادية مثل أبوهم وأزود ..
المهم أجا اليوم اللي دقت فيه سماعة الجامع بإعلان رحيل الحاج فلاح أبو العبد إلى جوار ربه… والدفن بعد صلاة الظهر … أولاد الحاج فلاح من الصبح بلّشوا يحضّروا كل الأمور ( من استئجار حفار وشراء كفن ومستلزمات القبر وشراء قهوة سادة وتمر وماء مفلتر…الخ) … وطبعاً كله على الدفتر بسبب وضعهم المادي السيئ … وقبل الدفن بساعة ونصف تقريباً سأل أبو عمر ( اللي عامل حاله شيخ العشيرة) أبناء المتوفي : أكم منسف طبختوا ؟… صفنوا أولاد الحاج فلاح بحالهم وحكوا : ما أعملنا شي.. أبو عمر قال ( وهو معصب) : ما بصير هذا الحكي أسع ما في وقت تطبخوا قوموا ووصّوا على خمسين منسف من المطعم قبل الناس ما تيجي … والمساكين أولاد الحاج فلاح قاموا يدوروا على حدا يقرضهم ألف دينار سعر المناسف ، وباعوا الأكم ذهبه اللي مع خواتهم ونسوانهم مشان يجيبوا المناسف ويعملوا غدا للناس ، وطبعاً ما قدروا يحضروا جنازة أبوهم وهم يركّضوا مشان يدبروا المصاري ويستروا حالهم مع العالم والناس (و ياريت طلعوا بريحه طيبة ، الشاطر صار يطلع عذاريب وعيوب فيهم وبأكلهم).
فهذه العادات والأعراف أصبحت منتشرة بشكل كبير بين الناس والتي تقصم كاهل أهل الميت وترهقهم و تحمّلهم أعباء فوق طاقتهم ، وهذا كله مخالف لما جاء به الشرع لأن الأصل أن لا يجتمع الناس عند أهل الميت وينتظروا منهم الطعام،كما روي في الحديث الشريف عن عبدالله بن جعفر لما توفي جعفر قال النبي صلى الله عليه وسلم ( اصنعوا لآل جعفر طعاماً فقد أتاهم ما يشغلهم)…فقد آن الأوان أن نتخلى ونترك هذه العادات التي تضيق بأهل الميت والعزاء وترهقهم… لأنه اللي فيهم بكفيهم .

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى