جماعةٌ أم سجن / بهاء أبو زر

جماعةٌ أم سجن

نشأت في أسرة ملتزمة ذات طابع ديني تقليدي ولم تكن أسرتي تحمل ايدلوجية إسلامية معينة سوى ميولها بعض الشيء ” عاطفياً ” للجماعة الإسلامية كباقي الشباب الناشئ المتحمس المتعطش لمرجعية تقوده وإلى جماعة تحتضنه، تربيت في جمعية المحافظة على القرآن الكريم ولم أكن أعلم في وقتها أنها تابعة لجماعة الإخوان المسلمين نشأت وتربيت في حضنها وكان لها فضل عظيم علي وأثر كبير في بناء شخصيتي قرابة ال5 سنوات وكنت كثير التساؤل من هم ولمن يتبعون وكنت كثير التدقيق في كلام شيخي ومقاصده وتحليله حتى سألت والدي في يوم من الأيام بابا لمن تتبع جمعية المحافظة قال لي لجماعة الإخوان المسلمين ولكن ماعليك بابا انت ادرس قرآن وسيبك من الباقي
إنخرطت عملياً في شباب الجماعة في أول نشاط أذكر أنه كان مخيماً صيفياً رأيت منهم الأخلاق الرائعة والإنضباط الكبير والتنظيم المدهش والسمع والطاعة وإحترام الشيخ !
ولكنني في طبيعتي الشخصية أحمل نفساً مشاغبة كثيرة التساؤل والنقاش والإطلاع وكنت على الرغم من وجودي في جمعية المحافظة إلا أنني مخالفٌ لفكر الجماعة !

جلست في يوم من الأيام في المسجد وكنت محبوباً لأهل المسجد بحكم علاقتهم بوالدي وبحكم إنضباطي، جلست في حلقة تعليمية لجماعة الدعوة والتبليغ وكان الشيخ يتكلم ويركز بالنظر علي وفور إنتهائه سألني مارأيك بالجلسة قلت له فيها من الخير العظيم ولكن إلى من تتبعون أنتم قال لي لا نتبع لأي أحد ولسنا من أي جماعة قلت في نفسي عظيم !

سألت والدي يومها بابا اليوم كان في حلقة في المسجد لمن تتبع هذه الحلقة قال لي لجماعة الدعوة والتبليغ و كرر علي عبارة خذ الخير منهم ودعك من إنتمائهم ” كان يربيني منذ الصغر على الجلوس مع الجميع والإستماع للجميع وحب الجميع ولكن بشرط عدم الإنخراط تنظيمياً مع أي أحد ! ”

مقالات ذات صلة

كبرت قليلاً وزاد انخراطي بالعمل الشبابي أكثر رأيت أحوال الجماعات الظاهرة على الساحة من أولها إلى آخرها وبحثت عن معظمها والتقيت بعدد كبير من قياداتها وأفرادها وعلى الرغم من أنني لم أتجاوز من عمري ال17 عام لكنني علمت أنني في خير عظيم مالم أكن في سجن من سجون الجماعات الإسلامية “سجن” ! نعم سجن عندما يكون ولاؤك ليس للدين وإنما لجماعة أو لحزب أو لتيار فأنت في سجن وعندما تلقي السلام على إبن جماعتك وتتجاهل أخوك المسلم فأنت في سجن وعندما تفضل نفسك وجماعتك على غيرك ولو كان تقياً نقياً زاهداً عابداً عالماً فأنت أفضل منه لأنه ليس من جماعتك أو من حزبك فأنت في سجن وعندما تقدم مصلحة الجماعة على مصلحة الأمة فأنت في سجن

يا أبناء الجماعات الإسلامية إياكم أن تحصروا الحق والخير في طريقكم، والشر والضلال في طريق الآخرين ولسان حالكم يقول طريقنا صحيح لا يحتمل الخطأ وطريق غيرنا خطأ لا يحتمل الصواب

يا أبناء الجماعات الإسلامية إن كان الله هداكم إلى طريق تظنونه صحيحاً فمن الواجب أن تنظروا إلى الناس على الأقل نظرة الطبيب إلى المرضى أنكم تريدون علاجهم أنكم تريدون مساعدتهم أنكم تريدون إنقاذهم لا أن تتخذوهم أعداء وأن تنظروا إليهم نظرة إستعلاء وكِبر وتجلسوا في صوامعكم ثم تطلقون الأحكام على الناس هذا وهذا والبطاقات تملئ جيوبكم عليها مئات من العناوين والتهم والتصنيفات وأنتم شعب الله المختار الصادقون المصدقون الطاهرون المطهرون الأخيار الأبرار خير خلق الله في أرضه، وهذا هو الضلال المبين

لست من الذين يحاربون العمل لفكرة معينة أو الإنتماء لها، ولكن شريطة أن لا يعتقد أن كمال الحق فيها وكمال الباطل في غيرها وأن لا يكون الولاء والبراء والحب والعداء عليها .

يا أبناء الجماعات الإسلامية حطموا أبواب سجونكم وحرروا أنفسكم من عبودية الجماعة وكونوا عباداً لله وحده، منفتحين على الآخرين منخرطين مع الجميع مشفقين لا متعالين تمتد لكم الأيادي وتسمع لكم الآذان وتحتضنكم القلوب .

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى