الحاجة لهيئة وطنية مستقلة للجودة والمواصفات والمقاييس / م فرحان الدبوبي

الحاجة لهيئة وطنية مستقلة للجودة والمواصفات والمقاييس
ضبط مئات أطنان من الدجاج الفاسد…بيع لحم حمير في ملاحم….اقرار قانون بيئي يشرعن جرائم المجرم البيئي وينتهك أبسط حقوق الإنسان في الحياه والصحه والتنفس….السماح بإستخدام الفحم وقود في الصناعه بعد توقيع اتفاقية باريس للتغير المناخي…السماح باستيراد الزيوت المعدنيه المستهلكه الخطيره… غياب الرقابه والرصد… غياب منداء “الملوث يدفع”… عدم وجود المختبرات المعتمده والكوادر الفنيه المؤهله لرصد وقياس التلوث عمدا… غياب نية الحكومه بضبط الوضع البيئي والصحي… اغلاق مطعمي “المنقل” و”بوبايز” لوجود مخالفات صحية حرجة….مصادرة 800 برميل مواد فاسدة لصناعة الشيبس…..”الغذاء والدواء” تضبط أطنانا من اطعمة الأطفال “فارليز” مزورة و منتهية الصلاحية …..احالة أحد كبار مالكي المستودعات الى القضاء لوجود ما يزيد عن 500 صفيحة من منكهات العصائر المركزة صلاحيتها منتهية منذ سنوات عدة…..اغلاق 6 مطاعم في الفحيص وايقاف 20 اخرين بسبب مخالفات صحية حرجة …..الغذاء والدواء تغلق 15 مخبزا وتوقف 45 آخر عن العمل…..سيارات تبيع أسطوانات غاز كمياتها ناقصة وتلاعب بختم المصفاة ……الحكومة توقف استيراد الدجاج الدنماركي خوفا من ” انفلونزا الطيور “……اغلاق مصنع عصائروتحويل مالكه الى القضاء……اغلاق مستودع بالشمع الاحمر لاحتوائه على مواد مسرطنه……إصابة أربعة أشخاص بتسمم غذائي بمأدبا……الرصيفة : اتلاف نصف طن من الدجاج واللحوم والاسماك الفاسدة ……عمان : انهيار جسر مشاة في شارع المدينة والامانه توضح……الزرقاء : إتلاف مواد غذائية منتهية الصلاحية في احد المولات ……المؤسسة العامة للغذاء تغلق 18 مطعما بينها مطاعم مشهورة……الكيلاني : شبكات تصريف مياه الأمطار ليست مصممة للعواصف الكبيرة…….الأمانة : “25” ورشة لصيانة شوارع العاصمة……أبو السمن: ستتم محاسبة البلديات المقصرة خلال المنخفض……الأمانة” تبدأ بوضع خطط عاجلة لشبكة تصريف المياه والشوارع……ترخيص محترف النفايات الطبيه…حرق النفايات لتوليد الطاقه….ترخيص مصانع أعلاف الدواجن من الفطايس ودماء منقوله بتنكات النضح …لا يوجد جهه اعتماد بمجال القياس ورصد تلوث الهواء وغيره…الاهتمام بالمحميات اكثر من الانسان…حرائق مستمره في مكب النفايات الخطيره…حرمان الجمعيات البيئيه من حماية البيئه لاسباب غامضه…تهميش دور الجمعيات البيئيه…تهميش وتغييب حق المجتمعات المتضرره في دراسات تقييم الاثار البيئيه والاجتماعيه وفي كل مراحل المشروع…عدم تطبيق برنامج الاجراءات التخفيفيه والمراقبه البيئيه والاجتماعيه…ازالة صفة الضابطه العدليه عن المفتش البيئي…ضعف القضاء في المجال البيئي والمواصفات والمقاييس…فتح باب الاستثمار بدون ضوابط حماية البيئه وتفعيل التنميه….موت اطفال شرق عمان بالسرطان نتيجة الكارثه البيئيه…عدم وجود مختبرات قياس معتمده في كثير من المجالات…ضعف التأهيل والخبرات الفنيه في مجال القياس والمعايره والرصد..انتشار كل انواع مكبات النفايات الطبيه والخطيره والحمأه في كل مكان في شرق عمان…والقائمه طويله جدا ومحزنه…والمخفي أعظم ومؤلم جدا…….. .
يبدو جليا بأن المستهلك الاردني سيبقى الحلقة الأضعف في العملية الإنتاجية، ويجب أن يستمر في تسديد الفاتورة من جيبه (الخاص) الذي أنهكته تكاليف المعيشة اليومية المتزايدة باستمرار ففي كل يوم هناك ارتفاع في أسعار سلع ومنتجات أساسية ودائماً هناك مبررات حاضرة ومفصلة وما على المستهلك إلا الاستماع إلى مناظرة اقتصادية يتلوها عليه التاجر بحيث يخرج نفسه من قفص الاتهام ليلقي اللوم على تجار الجملة ونصف الجملة وأحياناً قد يذهب للحديث عن (حوت كبير) يتحكم بأسعار منتج معين لا يتوافر إلا في مستودعاته.
إلا أن المفارقة التي قد تُعجز الكثيرين من فقهاء الاقتصاد، هي ذلك التناسب الطردي (العالي المستوى) بين ارتفاع الأسعار من جهة، وتدني جودة ومواصفات المنتج من جهة ثانية، لدرجة أصبح فيها العنوان الأبرز لأسواقنا المحلية، هو غياب معايير الجودة الحقيقية عن معظم منتجاتنا (الوطنية) والكثير من المستوردة والخدمات والمخالفات المستمرة لوزارة الصحة والبيئه تكشف عن نسبة مخيفة لحجم المخالفات في المواصفة للمنتجات الغذائية والمنتجات الدوائية والخدمات .
والسؤال المهم هنا: أين دور الهيئات والمؤسسات والدوائر الحكومية وغرف الصناعة والتجارة؟ وكيف لمستهلكنا المحلي بعد كل هذه الحقائق (المرعبة) أن يقتنع بأن (شراءه منتج بلده سيكون أفضل لمستقبل ولده)؟! وما صورة ذلك المستقبل في ضوء تلك المعطيات المطروحة للمشاهدة حالياً في مسلسل الغش والتدليس وارتفاع الأسعار الذي تشهده أسواقنا المحلية في مختلف المدن والمحافظات والمناطق..؟! وماذا عن استعداداتنا لدخول منتجنا المحلي في المنافسة القوية على أرضه وبين جمهوره؟!
اذا كانت المواصفات التي تصدرها هيئة المواصفات والمقاييس ومؤسسة الغذاء والدواء ووزارة البيئه والصحه والسلطات الاخرى إلزامية ويمكن التاكد من فحصها وتطبيقها ومراقبتها وعلى الجميع الالتزام بها وتطبيقها وذلك للحصول على منتج و\او خدمة تتوافر فيه عناصر الجودة بالحد الأدنى، ذلك أن المواصفة هي الحد الأدنى للجودة، فمن هي الجهة المسؤولة عن تطبيق تلك المواصفات والمقاييس وهل هناك جهات رقابية تتابع موضوع تطبيقها وهل تتوافر لدينا المختبرات القياسية المعتمدة (Certified) لفحص جودة هذة المواصفات وهل يوجد لدينا الخبرات والفنيين المؤهلين للقيام بهذة المهام وهل اعدادهم كافية وهل يوجد تنظيم مستقل (هيئة مستقلة) تقوم بهذة المهام أم تم تشتيت المهام على عدة جهات غير معتمدة تمثل العميل والرقيب في ان واحد.
لابد من تحسين جودة المنتج الوطني والخدمات الوطنية والتاكد من المنتجات المستورده وهذا ما يجب السعي إليه فلا تنافسية دون جودة، فيجب ان يتم دعم البنية التحتية للجودة في الاردن، بداء بإعادة تقييم البنية التحتية لكل عناصر الجودة وهي المواصفات والمقاييس والاعتمادية والتفتيش ومراقبة السوق واعتماد المختبرات واعتماد الكوادر الفنية للقيام بالمراقبة والفحص ضمن مظلة مستقلة تعنى بهذة العملية التي اصبحت تؤثر تأثيرا سلبيا على صحة وسلامة المواطن وعلى سمعة المواصفات الاردنية.
يحاول البعض من الصناعيين والمنتجين ومقدمي الخدمات التخفي وراء ربط مستوى الجودة بارتفاع تكاليف تحقيقها لتبرير تدني مستوى منتجاتهم ، من الطبيعي أن الجودة لها تكلفة ولكن هذا لا يعني أنه ليس بالإمكان تحقيق مستوى جودة جيد، وسعر مقبول للمنتج، ذلك أن عناصر الجودة في الاردن متوافرة بالمصنع وهو نفسه المصنع الموجود في دول أخرى وأسعاره عالمية، أيضاً ما يتعلق بالرسوم والضرائب والتكاليف المضافة على كلف الإنتاج لا تزيد على تلك الموجودة في دول أخرى إن لم نقل إنها أقل منها، وفي الاردن هناك ميزة مهمة وهي رخص الايدي العاملة، ومن الممكن أن تكون هناك مزايا لبعض المنتجات لتتمكن من دخول المنافسة.
هل عدد مختبرات الفحص والقياس يتم إخضاعها لمراقبة جهات خاصة لتقوم بتهيئتها لاعتمادها دولياً (Accredited) من خلال تحديد النواقص اللازمة لاستكمالها ذلك أن اعتمادنا مبدأ الجودة هذا يتطلب أن تكون كل مختبراتنا مؤهلة ومعتمدة عالمياً وكذلك كوادرنا ضمن الأسس العالمية وكذلك بالنسبة لكل عناصر الجودة ليتم تطبيقها بالشكل السليم ومن ثم الدخول في المنافسة بالشكل السليم أيضاً.
مما يتطلب وجود هيئة مستقلة تقوم باعتماد المختبرات بعد تحقيقها الشروط المطلوبة لذلك وأن تقوم بمتابعة الالتزام بهذه الشروط من خلال الزيارات الدورية للتأكد من محافظة المختبرات على جودتها واستمرارها في الالتزام بالشروط المطلوبة للاعتمادية.
هل كل ما هو مطروح للبيع للمستهلك من مواد غذائية ودواء وخدمات ومنتجات محلية ومستوردة تتم مراقبتها وتؤخذ منها عينات وتفحص وتحلل في مختبرات معتمدة ذات مواصفات قياسية عالمية ؟
بعد هذا يبدو أننا أمام حالة من عدم المسؤولية تمارس من قبل بعض ضعاف النفوس من المنتجين والمصنعين والمستوردين والكثير من المتطفلين على التصنيع والإنتاج الذين يملؤون الأسواق بمنتجات مخالفة ما يشكل خطراً بهذا القدر أو ذاك على صحة المستهلك الاردني وعلى جيبه أيضاً عندما يشتري سلعاً منخفضة الجودة مرتفعة السعر أو لنقل لا يتوافر فيها أي عنصر من عناصر الجودة وبأسعار مرتفعة.
ومهما يكن من أمر إلا أننا لا نزال نشهد حالات متزايدة من تلك التجاوزات إن صح التعبير، والسؤال هنا: إلى متى سيبقى المستهلك وخاصة صاحب الدخل المحدود هدفاً لممارسات استغلالية وغير أخلاقية من قبل البعض في ظل ظروف الانفتاح وتعويم الأسعار والمنافسة (الكاذبة) التي يدعي البعض أنه يمارسها من خلال عمليات كسر أسعار وهمية لمنتجات مطروحة على أساس أنها نخب أول..؟
ما هي الإجراءات التي يتم اتخاذها على مستوى الدولة في سبيل متابعة مراقبة تطبيق المواصفات على ما يستورد من الخارج، وما ينتج داخل الدولة وعلى الخدمات والبيئة، وهل هناك ((مرجع وحيد)) في الدولة لكل ما يتعلق بالمواصفات والمقاييس والجودة وتمارس اختصاصات، أهمها توفير كل ما يتعلق بالحفاظ على السلامة والصحة والبيئة بالنسبة للكثير من السلع الاستهلاكية والمواد التي يشترط أن تطابق الجودة، ومسؤولة عن إعداد المواصفات القياسية واعتمادها ونشرها ومتابعتها ومراقبة تطبيق المواصفات القياسية المعتمدة.
وهل تعدد التشريعات واللوائح التي يستند إليها في عمليات التفتيش والفحص وتعدد البرامج والآليات الرقابية في تطبيق المواصفات وغياب برامج واليات التأكيد على مطابقة المنتجات المحلية، وغياب استراتيجية وطنية ((موحدة)) للجودة والمطابقة ومشكلة رئيسية في المختبرات ومعظمها ضعيفة، وقضية الأسواق المفتوحة تضع بعض التحديات في جانب الرقابة وممارسة الاختصاصات.
لكي نحقق حماية المستهلك في الجانب الغذائي والدوائي والبيئي والخدماتي يجب أن يتم نطوير الجهاز التشريعي وتفعيل الجهاز الرقابي، وتطوير العنصر البشري وتدريبه على أحدث الوسائل والتقنيات في عملية الرقابة، بما يسهم في حماية المستهلك ، إلى جانب استكمال التجهيزات المتعلقة بالمختبرات واستكمال التشريعات المتعلقة بحماية المستهلك ومكونات الغذاء والدواء.
المهندس \ فرحان الدبوبي
رئيس هيئة ادارة جمعية شرق عمان للحمايه البيئيه

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى