الإتجار بالوهم !! / أحمد المثاني
* بعد أن اتسع الفضاء لما يعرف بالمحطات الفضائيّة ، و ذلك منذ عدة عقود ، و بعد أن تكاثرت قنوات البثّ التلفزيوني ، خرجت علينا قنوات و مازال بعضها ، تروج
الوهم .. و تسوق الدجل ، و لكن بلباس عصري .. فهذا دكتور بنظارة سوداء ، يقرأ للناس طالعهم من كرة زجاجيّة أو من تاريخ الولادة و من عناصر الحروف ،، و يضرب أرقاما بأرقام .. ليجيب عن المستقبل لهذه الفتاة .. و يبشرها بحسن طالع برجها .. أو يحذرها هذا اليوم أو هذه الفترة من اقتران النحس بالمنحوس .. و يجيب بعضهم أن هذا اليوم لا تعقد به صفقات .. لأنه ممكن صفقة تصفقك .. و تأتي بأجلك !! فاجلس في بيتك و تمدد على فراش خيبتك !!
و بالطبع الناس ، تصدق من الكذب ما يتوافق مع أحلامها .. و تخشى ما يتوافق مع مخاوفها و هلاوسها ..
في بعض الفضائيات يظهر طبيب من أدعياء الطب البديل ، و هم العشابون الجدد
الذين فاقوا ” ابو قراط ” و بالعفو ، كذلك
“ابو ضراط .. ” !!
هؤلاء لديهم لكل مرض عشبة أو خلطة سحريّة .. لا نعرفها من أيّ بريّة ..
و هم يعالجون ما استعصى على الطبّ ..
و يقدرون على ما عجزت عنه مختبرات امريكا و اوروبا و علم الطب الحديث ..
هؤلاء ببركة أيديهم يسحنون أظافر الجن و الحصلبان و عين الجراد .. مع عين ديك أعور .. و قلب عصفور يتيم… و يعطونك
دهونا و لبخة .. لا يخر منها الماء .. تشربها في الصبح على الريق .. من فم الإبريق .. و ممكن تشفى .. و ممكن أنك .. لا تفيق !!
بعضهم بذقنه و دشداشته يضفي على و صفاته بعضا من قراءاته و بركاته .. و لا يطلب منك الفلوس .. ليترك لك أن تدسّ في جيبه ما تجود به نفسك .. بالطبع و للتذكير ليس أقل من ” الورقة الزرقاء .. و لك منه
أجمل الدعاء .. علّ الله يدفع عنك البلاء ..
هؤلاء المطببون ، قد يغنوننا عن فتح كليات للطبّ .. و لا داعي لإرسال أبنائنا إلى جامعات العالم .. ما دام العلاج تحت أيدينا أو عشبة في سهلنا و وادينا ..
و يدعي هؤلاء أن الطب الحديث و علومه
خدعة غربية ..!! ميّة بالميّة !! فما عليك الا
أن ” تصقع” كاس ينسون او ميرميّة ، لتجد
أن مرضك قد زال و أصبحت مثل الغزال !
و يجادلك هؤلاء الاطباء الجدد ، الذين لم يكملوا تعليمهم الابتدائي ، بأن العالم يتحول الآن نحو ما يسمى بالطب البديل .. و كأن العالم فعلا سيغلق كليات الطب و معاهده
و يظنون بذلك أنهم يقربوننا من الله زلفى !
لأنهم يشجعون الابداع الوطني أو الإسلامي إن شئت !!
و من الغريب أن بعضهم بحث عن الأمراض المستعصية .. و تخصص بعلاجها .. و هذا
من ذكائهم ، هذه المرّة ! لأن المريض يكون وصل الى درجة التقبل لكل ما يسمع ..
فهم يعالجون العقم و القرين و الوسواس و السحر .. و يفكون المربوط .. و يبعثون الحياة في ما هدّه الزمان… !!! بوصفة مخلوط أو عسل نادر .. مبارك .. به يحيي الله العظام .. و هي رميم ..
المهم أن تسمع و تتقيد بالوصفة و التعليمات
و من المهم أن تصدق من حلف لك أن جاره شفي من الفشل الكلوي أو من السكري .. بسبب او بدواء العطار او الشيخ فلان ..
و ما عليك – كما في بعض الفضائيات- أنت بس اتصل الآن .. زيرو خمس خمسات ..
و اذا كانت الخطوط مشغولة .. حاول مرّة أخرى .. طبعا بسبب الاقبال و الزحمة على
عيادة الحكيم !!
أيها الناس .. اتقوا الله في عباده
أيها الناس .. ثمة عقل وهبنا الله
فلنستخدمه ..