قراءة في احداث الكرك / م . عدي جادالله المعايطة

قراءة في احداث الكرك
ما حدث في الكرك بدءاً من القطرانة حتى نهاية العملية يشير الى ضعف المنظومة الأمنية بشكل تراكمي وليس وليد اللحظة فمن خلال المحيط الملتهب للدول المجاورة وانتشار فكر الارهاب منذ تفجيرات عمان وصولاً الى الثورات العربية تحدثنا واشرنا كثيراً الى ضرورة قراءة المشهد بشكل دقيق والتركيز على المنظومة الأمنية في الأردن بعيداً عن رفع الشعارات ذات المحتوى الفارغ .
إن غياب العدالة في اي مجتمع سبب رئيسي للإرهاب واتجاه افراده لتبني الفكر الارهابي فيومياً نسمع من خلال ترددات الاذاعات ونرى على مواقع التواصل الاجتماعي مئات من القضايا التي يدعي اصحابها بتعرضهم للظلم من جهة او اخرى ونرى ان التعامل مع هذه القضايا لا يكون الا بتجاهلها وعدم الاكتراث بالمحتوى بناءاً على عقلية المؤسسات التي تعتبر ان ما يقوله المواطنون محض افتراء دون الخوض بالتفاصيل مع العلم ان اي ظلم يقع على افراد المجتمع حتماً سيكون له ردة فعل على المجتمع مباشرة اضافة الى اعتبار مدراء ورؤساء كثير من المؤسسات انهم منزهين عن الخطأ وان اي خلل او سوء لاستخدام السلطة يجب السكوت عليه دون علاج حتى لا ينعكس ذلك على السيرة الذاتية للمدير او الرئيس فربما يؤثر ذلك حسب فهمه وادراكة على مستقبله المهني والحيلولة دون الوصول الى مراكز مرموقة في الدولة وحتى من يعمل على التدقيق على تلك المشاكل فإن الحل يكون بالقعاب الفردي دون علاج اساس المشكلة ووضع التعليمات الوقائية للحيلولة دون تكرار هذا الخطأ .
ومن الأسباب الرئيسية الى تولد الفكر الارهابي وتولد الشعور بالحقد على الدولة ومؤسساتها والمجتمع المحيط هو غياب دور منظمات حقوق الانسان في الأردن اضافة الى هدر كرامة الاشخاص فلا ينكر احد سوء التعامل مع من تدور حوله شبهات معينة مؤكداً ان هذه التصرفات فردية ولا تعكس وجهة نظر الدولة فتعرض الكثيرين للأهانه والشتم والضرب احياناً سبب رئيسي لتوليد حقد في النفس ربما تغذيه عوامل كثيرة مثل الفقر والتهميش والشعور بتعمد الدولة للإهمال ويترجم هذا على ارض الواقع بالشعور بضرورة الانتقام بعيداً عن العقل والمنطق اضافة الى محاولة المسؤولين الى طمطمة مثل هذه التصرفات وعدم المكاشفه والمجاهرة بوجود خلل وتجاوز لمعايير التعامل الانساني مع الافراد .
نأتي الى الغياب التام لمراكز الدراسات المجتمعية التي يجب على الدولة دعمها وتفعيل دورها وتسليمها للمختصين بالشؤون الاجتماعية لدراسة اي ضاهرة وتحليلها واستخلاص النتائج والحلول لها وايصالها بشكل واضح ومفهوم للدولة لمعالجتها وعدم تفاقمها .
الاسباب كثيرة منها الفقر والبطالة وتهميش المحافظات ونقص الخدمات فيها امور رئيسة ومهمة يجب التركيز عليها جدياً .
بالرجوع الى تحليل العملية في الكرك يمكن ان تلخص بمجموعة نقاط لبيان جزء من الخلل الذي يجب على جميع الجهود التضافر والتكاتف لمعالجته وعدم تكراره مستقبلاً
1 – تقصير الدولة في وضع خطط حقيقة لمواجهة اي ازمة واي طارىء وحتى لو وجدت هذه الخطط فهي غير مطبقة على ارض الواقع .
من يعرف منطقة القطرانة والمبنى المستأجر يعرف انه باتجاه الطريق المؤدي الى عمان على يمين الطريق قبل المركز الأمني واستيلاء الارهابيين على سيارة صاحب المبنى يحتم عليهم الالتفاف للوصول الى الطريق المؤدي للكرك بالوصول الى اول منعطف لتغيير الاتجاه وهو على مسافة ليست قريبة من موقع الحادث لكن باعتبار انهم خارجين عن القانون فاحتمال قطعهم للجزيرة الوسطية محتمل اعتماداً على السيارة التي استولوا عليها مع ملاحظة كثافة السير على الطريق الصحراوي وصعوبة عمل ذلك لكنه وارد ، هنا اردت الاشارة الى وجود دورية امنية ثابتة مقابل القبان مباشرة كانت من النقاط الاولى التي من المفروض تعاملها مع الحدث .
الآن نأتي لتتبع المسار الذي سلكوه مع بعض الاحتماليات الوارده فبعد تجاوز اول نقطه امنية يبدأ الانعطاف من قبل الجسر الى اليمين والسير مباشرة بمسافة لا تقل عن 10 كم متر للوصول الى نقطة اللجون الامنية وكان الانعطاف لليمين لسلوك طريق اللجون – الجديدة – القصر وارد لكن القدر شاء دون ذلك وربما التخطيط المسبق من قبل الارهابيين للوصول الى القلعه حال دون سلوكهم لذلك الطريق .
من الاحتمالات الاخرى سلوك طريق قرية ادر للوصول الى القلعة وربما زحوم – المنشية واحدى الاحتمالات الواردة بقوة سلوكهم الطريق المؤدي الى جامعة مؤتة اضافة لوجود تجمع بشري كبير في كلية الكرك الجامعية على الطريق لكن قدرة الله حالت دون عمل ذلك .
الاحتمالات كثيرة لكن المهم هو المدة الزمنية التي استغرقوها للوصول الى الكرك كانت كافية لإنشاء نقاط غلق كثيرة وقطع الطريق عليهم منها نقطة غلق اللجون ونقطة غلق ادر ونقطة غلق زحوم وغيرها الكثير لكن عدم وجود خطط لهكذا عمليات وعدم الاستعداد لأي طارىء واضح ومؤكد .
2 – الظروف المحيطة ساهمت بوصولهم للقلعة والتهجم على رجال الامن والمدنيين هناك يأتي هنا دور الشرطة السياحية ومديرية السياحة فما حدث يؤكد ترددهم على القلعة ومعرفة المداخل والمخارج ومما لا شك فيه ان تردد اي شخص غير معروف على القلعة لأكثر من مرة مدعاة للشك والريبة فمن البديهي ان تزار القلعه مرة واحدة او اثنتين على فترة زمنية متباعدة لكن ما حدث يؤكد ترددهم عليها كثيراً اضافة للمسؤولية الواقعة على كل من لديه شاشة مراقبة موصولة مع الكاميرات الموجودة هناك فهل تم ملاحظة ذلك .
من الأمور المهمة ايضاً والتي ازمت الموضوع عدم وجود معلومات كافية عن عدد زوار القلعه في الداخل من الاردنيين والاجانب فأين الكشوفات التي تسجل عليها اسماء الزائرين واوقات الزيارة وضبابية هذه المعلومة حالت بين امكانية تعامل الجهات الامنية مع الموقف بشكل سريع لعدم معرفة النتائج المحتملة واهداف المسلحين .
اجمالاً نؤمن جميعاً بصعوبة الموقف ونؤمن ببسالة وشجاعة رجال الامن وطوبى لشهداء الكرك فهم من حسم الموقف وانهى العملية بتصرفات بطولية فردية نابعة من حبهم لأرضهم وقائدهم بعيداً عن كل ما نسمعه ونشاهده من تنظير ومؤتمرات على شاشات التلفاز داعياً المولى بأن يحفظ وطننا ويهدي مسؤولينا الى طريق الصواب .

م . عدي جادالله المعايطة

اظهر المزيد

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى