أنقذوا الجامعة الأردنية (3) / محمد الطريمات

أنقذوا الجامعة الأردنية (3)
في المقالين السابقين بيَّنَّا اقتصادياً خطأ قرار إدارة الجامعة برفع أسعار رسوم ساعات الدراسة الجامعية في الدِّراسات العليا وبرنامج الموازي، وبيَنَّا ما لهذا الأمر مِن انعكاسٍ خطير يتمثل في عدم تعويض رفع السعر للانخفاض الحادَّ في عدد الطلبة ما نجزم من خلاله انخفاض وتقلص ايراد الجامعة من تلك البرامج بعد هذا القرار، وأنَّه بسبب هذا القرار سيزيدُ الإحجام لذوي الدخل المحدود – الشريحة الأكبر في مُجتمعنا، وستخسرُ الجامعة من حيث تظنُّ أنها تربح، وأوضحنا تاريخياً أنَّ هذا الأمر غريب ونادر على نصف قرن من عطاء الجامعة الأردنية، ولا يتلاءم مع رسالة الجامعة وتوجهاتها المعروفة إطلاقا، وأوضحنا رؤيتنا في إمكانية خلاص الجامعة من خلال اللجوء إلى قانون الموسسات العامة الذي يُتيح للجامعة الأردنية وجميع المؤسسات العامة الأخرى مرونة في استثمار مُدخراتها داخل وخارج اختصاصها، ويعطي لميزانيتها صفة الاستقلال، وبعدَ، فإنَّه بعد هذا النفخ المستمر في نار فرِّق تَسُد، وتشكيك النَّاس بنوايا الطلبة الواضحة، وشخصنة الأمور بما لا يُراعي أبجديات التَّفاهم، وجدنا أنفسنا أمامَ هذا الوضع المُعَقَّد الذي لم نكن نتمنَّاهُ، ونودُّ أن لا يَستمر سعياً لمد جسور الحوار النَّاجح بلا اتهامات، وأملاً لتحقيق الخير في خياراتنا التي تهمُّ طلبة اليوم، وجيلَ المُستقبَل، وبينما تتداول إدارة الجامعة الحديث عن الرفع كحل أول وأخير لإنقاذ الجامعة بعد انقطاع الدعم الحكومي، فإن الطلبة يطلبون من الجامعة تقديم البراهين على الجدوى الاقتصادية للقرار، من خلال مُقارنة مداخيلها من العملية التعليمية في الدِّراسات العليا قبل القرار في العام الدارسي 2013\2014 مثلاً، وبعده في سنة حديثة بعد القرار كالسنة الدِّراسية 2014\2015 ، وما يدفعني ويدفع غيري من الطلبة إلى هذا التمسك هو الايمان المُطلق بالحقائق الأكاديمية واحترام ما تم تعليمه لنا في أسوار هذه الجامعة، هذه الكتب والنظريات التي تؤكد حقيقة التناقص الكبير في الطلب والإحجام عندما تتم زيادة السِّعر بشكل خرافي، وبعبارةٍ أخرى فشل قرار كهذا اقتصاديا، وإننا ندعو المعنيين لإخراج هذه الإرقام ونشرها بالتفصيل وعن كُلِّ كلية لتتوضَّح الحقيقة، انظروا كم أنَّ هذا الطلبَ بسيط ومنطقي، واسمعوا من المعنيين الإجابة.
لقد توقَّعتُ سيناريوهات كثيرة لردة الفعل المُتوقعة، وكانَ عدمُ التَّراجع أحَدَها، أمَّا أن يتمَّ إلغاء برنامج الموازي من أساسه في سبيل عدم التراجع، فهذا ما لم يخطر لي على الإطلاق! وكما أنَّ التعليم حقٌّ للأردنيين كافة، وكما أنَّ معدَّلات القبول الدُّنيا في الجامعات الرَّسمية عظيمة عندَ المُقارنة، فإنَّه ليسَ مِنَ المعقول اتخاذ هكذا إجراء غريب و إلغاء هذا البرنامج، ماذا سيعني هذا؟ إذا كان إلغاء الجامعة لهذا القرار معناه أن تتخلى الجامعة عن إيراداتها السَّابقة التي استجلبها هذا البرنامج ورَفَدها بها واكتفائها بطلبة التِّنافسي وفق خطة ومُعَدَّلات القبول الحالية، فهذا خيار غيرُ مقبولٍ اقتِصاديَّاً ولا نرضاه؟ كما انَّه ليسَ مِنَ المعقول أيضاً دفع الطلبة خارجاً إلى كثيرٍ من الجامعات الخاصة ذاتِ الرُّسوم القاتلة، وللتوضيح وللأمانة والحق والمساءلة مُستقبَلاً، فإنَّ الطلبة لم يَقترحوا هذا الخيارَ الجُزافي، وإنَّه – إنْ نُفِّذَ – فمسئوليتُه الإخلاقية تَقع على إدارة الجامعة المُتسرعة في القراراتِ لا عليهم، ونعيدُ ونُكرِّر بأنَّ الطلبة إنَّما طلبوا خفض الرُّسوم لهذا البرنامج، وليس إلغاءه، وشتَّان!.
وإذا كانت إدارة الجامعة في خضم هذه المرحلة قد دأبت مؤخراً على نشرِ إنجازاتها في موقعها الرَّسمي تِباعاً كرَدِّ فعل وتبرير ثانوي لهذه الزيادات الخيالية، وتحذيراً مِن سَرِقة هذه المنجزات وفقاً لتعبير الإدارة، فإني أظن أن مِنَ الواجب الموضوعي مناقشة هذه الإنجازات وتبيين بعض الحقائق التي تتعلق بها، بل واستعراض ما تمَّ تداوله في المؤتمر الأخير ومُعارضة الأرقام بالأرقام، و”الحقائق” بالوثائق، ولعلَّ لوناً من هذه الأسئلة لا تقصد إلى شيء أكثر من كونها أسئلة مبرَّرة تنتظرُ الجواب، ولكم النظر والحكم:
– تقول الجامعة في بيانها الرَّسمي”وتعلم وزارة التعليم العالي وتصرح أيضاً بحقيقة أخرى بأن الرسوم التي يدفعها الطالب على البرنامج العادي لا تغطي أكثر من(30%)”، لكن ألم يقل الدكتور اخليف الطراونة في فترة سابقة ان دراسة أجريت وبينت ان الطالب يدفع نصف تكلفته، وألم ترد هذه النسبة أيضاً في المؤتمر ذاته وهو قسمة 1128 على 2272 ؟! فلماذا غيرتم النسبة في الجلسة الواحدة؟والسؤال الآن هل النسبة 50% أم 30%؟ فليجبنا أحد العقلاء.
– يتم استغلال مُشكلة الحجم في الجامعة الاردنية بطريقة سيئة، فكما أنَّه ليس من المعقول مساواة عشرة بالمائة من سكان دولةِ الصين مع عشرة بالمائة من سُكان قُبرص، فكذلك من الظلم الحديث عن الجامعة بالنِّسب أولا ثم بالأرقام، لأنَّها ببساطة جامعة كبيرة، والعينة منها تُمَثُّلُ مجتمعاً كاملاً عند المقارنة بجامعات أخرى، ما يعني أن التلاعب بالألفاظ لن يستطيع إنكارَ شمول القرار لشريحةٍ كبيرةٍ من المُجتمع، وباتفاقنا أو اختلافنا على النسب المذكورة في المؤتمر وهي ثلاثين بالمائة للمشمولين، نستطيع الوقوف على الحجم الكارثي للقرار باستدعاء الأرقام وليس النسب فقط، فإذا كان نحو اثنا عشر آلاف طالب مِنَ الموازي والدِّرسات العليا نسبة ضئيلة، اسألُ المعنيين: “وما هي النسبة الكبيرة برأيكم؟!”.
– حينما تمَّ اتخاذ القرار الذي أدَّى إلى رفع رسوم ساعات الدِّراسات العليا صرَّح الدكتور اخليف بأنَّ “القرار لن يمس..، لأنَّه لن يشمل المُسجلين مُسبَقاً”، والحقيقة نعم كانت الأرقام دقيقة آنذاك، ولكن لنا أن نسأل الآن كم بلغت النسبة بعد أن أصبح جميع مَن في الدِّراسات العليا من المُسَجِّلين الجُدد، ولنا أن نسأل أيضاً بعد أربع أعوام كم ستبلغ نسبة مَن شُمِلوا بقرار رفع الأسعار في برنامج المُوازي بعدَ أن يُصبِحوا جميعُهم مِنَ المُسَجلينَ الجُدد، إنَّ هذا التلاعب بالأرقام، والانتقاء اللحظي للحقائق لن يُساعِدَنا على فهم الأثر السلبي الحقيقي للقرار، وليسَ إلا مُحاولة لاخفاء تشوهها، لذا فنرجوا من المعنيين إعادة كتابة هذه الأرقام آخذين بالاعتبار الأثر الحالي والمُستقبلي.
– اذا كانت الجامعة تعاني حقا من مُشكلة مالية فكيف تدأب على دعم الطالب الفقير على حد تعبيرها المؤتمر “من خلال الصناديق المُخصصة لذلك”؟.
– تقول الجامعة في بيانها الرَّسمي عن فئة طلبة التنافسي: “وبالرغم من هذا لم تقم الجامعة بزيادة أي دينار على هذه الشريحة الكبيرة ولن تقوم بفرض أي زيادة عليها مستقبلاً” السؤال: ألم يكن كلام المعنيين العام الفائت يعد بعدم المس بفئة الموازي أيضاً؟ هل يستطيع أحد إنكار هذه الحقيقة؟ ولماذا تغيَّرَ الكلام الواثق؟!
– تتغنَّى الجامعة الأردنية بشعر ابنة عمِّها حين تؤكد: “حيث توفر وزارة العليم العالي عدداً كبيراً من الفرص للحصول على منح أو قروض”، وكأنَها تقول: “إذا غلطنا ممكن لغيرنا أن يتحمل النتيجة”.
– رغم جميع الأخبار التي تتكلم عن تقدم الجامعة في التصنيف، لا يستطيع المعنيون إنكار حقيقة أن أيَّ جامعة لا تُحرز موقعاً ضمن أفضل خمسمائة جامعة، فليست جامعة تحظى بتلك الشُهرة والاحترام العالَميَّين، والجامعة الأردنيَّة لا تزال إلى الآن خارجَ هذه الخانة.
– الخبر يقول ان كلية الطب تحطم رقماً قياسياً جديداً، حينما تقرأ هذا الإعلان ماذا يخطر في بالك؟ حسنا سيفاجئكم هذا: طب ” الأردنية” تحطم الرقم العالمي في المدة الزمنية لإخلاء مبناها!!
– وعلى سيرة التميز العلمي وإنجازات الجامعة يا أحباب، يقول المثل: “ليسَ راءٍ كسامع”، أضع في المرفق الذي ترونه صورة لامتحان دراسات عليا أجراه مُدَرِس يحملُ لقبَ برفيسور للطلبة في كلية الاعمال في الجامعة الأردنية في الفصل الأول من العام الجامعي 2012 – 2013 تستطيعون الآن الاطلاع على صورة أخرى لهذا التَّميُّز الذي يدور الكلام عنه الآن، صورة تجري في جامعتنا ويعرفها الطَّلبة في نماذج متعددِّة أخرى، وتستطيعون الوقوف على أخطاء لغوية فاضحة في هذا الامتحان الغريب، مثلاً التركيب “basic on” لا وجود له في الانجليزية، والصَّواب “based on” وقد تكرر الخطأ ذاتُه مرَّة ً أخرى، ما يدل على اصرار البروف المَذكور على هذا التركيب الذي لا وجود له في اللغة الإنجليزية، كما تستطيعون رؤية الخطأ ” that determination compensation effects.” والصَّواب “that determine compensation effects.” ، الذي يُخالف قواعد اللغة الانجليزية المعروفة لابن أختي الصغير، وكذلك استخدام الحال بدلا من الصفة في الخطأ: “globally & strategically perspective” , والصَّواب: “global & strategical perspective”هذا فضلاً عن الأخطاء الاخرى التي تغاضينا عنها وفضلاً عن مُحتوى هذه الأسئلة الذي يسعى لربط أشياء لا علاقة لها ببعض، هذا الأستاذ مع كُلِّ هذه العجائب اختارَ عقابَ الطلبة بعد شكواهم، واستَمرَّ بالتَّدريس رُغمَ قُدومِ المعنيين واطِّلاعهم على أوضاع الشُعبة، وكانَ في النِّهاية سبباً في توجيه إنذاراتٍ أكاديمية بانخفاض المُعدلات لجُملة من الطلبة! وتفويت فرص الانتفاع بمنح لآخرين، الجامعة آنذاك لم تلتفت لاعتراضات الطلبة الكثيرة الشفوية منها والرسمية الخطية الأخرى! واثبتت العلامات كما هي، مُكتفية ً بعدم استجلاب هذا المدرس الاحتياطي مرة ً أخرى كنصفِ حلٍّ أخير بعد فوات الوقت، والمُدَرِّس المذكور أكمل مسيرته العظيمة في جامعات حكومية أخرى بِتِرحاب! الوثيقة الأصلية موجودة لمن أرادَ التَّثبت، ولدى الطلبة الآخرين لا شكَّ أمثلة على هذا الظلم والتهميش الذي عاناه الطلبة ويعانونه، وهُم يتحركون منذ البداية ولا يسمع لهم أحد، وليسَ الهدف هُنا المسائلة طبعاً بل لفت نظر المسئولين إلى التَّواضع أثناء الحديثِ عن إنجازات الجامعة وعمليتها التعليمية، وأن لا نعتمد سياسة تزيين الحقائق لشرعنة قرارات رفع الرِّسوم، وأن لا تستمرَّسياسة التهميش للطلبة، وسياسة بذل المزيد من الوعود الكثيرة لتحقيق أنصاف الحلول، وأن توضعَ الأمورُ في نِصابها السَّليم على طاولة الحوار الجادّ.
12674231_1025995347460515_898013681_n

اظهر المزيد

تعليق واحد

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى