فرح مرقه: هل هناك أمل ان يترك التلفزيون الاردني والد الشهيد “بحاله”؟.. محمد عساف “شرقي وشرير” ياللهول !.. زمنٌ نقول فيه: لو تتوقف دموع الاطفال عند ذافويس فنحن بنعمة.. وابداع حكومة المغرب لا ينتهي عند القيود والارهاب شماعة الدول..

التلفزيون الاردني اكبر مؤامرة..

لا يمكن لأحد أن يقنعني أن ما يجري في التلفزيون الأردني الرسمي ليس مؤامرة على الأردنيين، وأنه كله محض صدفة.

التلفزيون الرسمي، أو تلفزيون الدولة الذي من المفترض له أن يكون الدرع الحامي لتماسك الاردنيين من جهة والمزود الاول للمعلومات لهم من جهة ثانية، يبدو أنه آخر ما يحسب له حساب في المملكة، إذ لا يمكن أن يكون غير ذلك.

القناة كانت اخر من يعلم في ما حصل في اربد، وان كانت هذه المرة لم تبث برنامجا عن طريقة طهي الدجاج كما كانت تفعل حين اسقطت طائرة الشهيد الطيار معاذ الكساسبة، إلا أنها أبت إلا أن تعيد ذات المشهد ” اللاانساني” في الحديث عن المشاعر، وبمعالجة لم تكن موفقة لاحقا برأيي.

بعد اعلان نبأ استشهاد الشاب راشد الزيود، لم يجد التلفزيون بدا من الحديث لوالد الشهيد “كل ما دق الكوز بالجرة”، وفي برامج الصباح والمساء، وكأن قبول الرجل بالاصطفاف لجوار الوطن سيتحول لعنة عليه عبر الشاشة “الوطنية الاولى” وفجأة، بينما لم يراعي التلفزيون نفسه ان ملك البلاد ذاته لم يقل الكثير ولم يسمع الكثير من الرجل احتراما لوجعه.

مقالات ذات صلة

مذيعة التلفزيون الاردني بذات الاناقة والرموش الاصطناعية التي لا تتخلى عنها، تسأل والد الرائد الذي استشهد في عملية اربد “شو بتحكي لروح راشد؟” ليعتذر عن الاجابة ثم تبدأ هي وصلة بكاء وشهيق، كانت لتكون اجدى لو لم تفعلها.

اعلم جيدا ان من رأى والد الشهيد مرة في حياته، وقد نلت هذا الشرف سابقا، سيعلم كم هو رجل أمن صلبٌ ومحبّ لمهنته ورقيق في ذات الوقت، وبالطبع فالمذيعة الجميلة التقته قبلا وخبرت ما أقوله فعلا، خصوصا والوالد هو ذلك الرجل الذي قال يوما على الحدود الشمالية “أول ما نفعله عند استقبال اللاجئين طمأنة الاطفال والنساء.. يابا بكونوا مرعوبين”؛ رجل بهذه المشاعر والرقة، وبالوطنية المتفوقة عنا جميعا ليقول ان ابنيه الاخرين فداء للوطن، كان الاجدى ان نحترم خصوصيته اكثر، ولا نؤذيه بالتطفل على ما في قلبه لفقيده.

رضا الوالد بأن يتحدث لكل من طلب منه تصريحا، وموقفه الوطني بامتياز، لا تجعل من حقّ احد ان يسأله عما قد يقوله لابنه “آخر الليل” حين يغادره المعزين ويجتمع مع اسرته وطيف الشهيد.

مجددا، أدوات التلفزيون.. نفس المذيعة، نفس الفنيين وذات القدرة على التقاط المواضيع بصورة بعيدة عن المهنية، الامر الذي بدأ يحوّل القناة الرسمية من قناة “مروّجة لقضايا الدولة” لقناة مسطّحة لها، وهو تحديدا ما يجعلنا جميعا نشعر بالاحباط المتراكم من تسخيف اردنيتنا وشعورنا الوطني والتعامل مع انسانيتنا بهذا الكم من اللامبالاة.

**
دموع اطفال “ذا فويس″.. لو تدوم..

انتهى موسم الاغنيات واصوات الاطفال، انتهى موسم من “تقطيع قلوبنا” على دموعٍ ظننا أن الطفولة بغنى عنها، وانتقدتها شخصيا باعتبارها مغالاة في قهر الاحلام بمغرفة الاجندات التجارية لفضائيةMBC.

أما ما استوقفني فهو ضحكات الأطفال في التقارير التي بثها برنامج The voice kids في حلقته الختامية، إذ لم يتوقفوا عن خوض تجاربهم الخاصة مع نجوم “تأنسنوا” أمامنا، فمنحوا أطفالا اخرين بعض الامل بأن لهم في هذه الدنيا مكان.

هنا حصرا شعرت بأن اطفال ذا فويس كانوا يقولون لنا انهم يتمنوا لو تتوقف دموعهم عند خسارة برنامج كالمذكور، خاصة وكل من الاطفال كان يحلم بعودة لبلاده، وكأنهم يقولون لنا انهم اكثر فرحا بأن يكونوا في مثل هذا البرنامج من ان يعودوا لحيواتهم الحالية الفعلية..

للاسف، وصلنا لمرحلة نفاضل فيها بين دمعٍ ودمع.. ونقول “يا ليت دموع الأطفال كلها كدموع أطفال ذا فويس″..
**
في الحديث عن برامج الاطفال نرى اليوم انها ما عادت انسانية، وباتت تعتمد على الرسوم المتحركة والدمى أكثر من منح هؤلاء النجوم الصغار فرصة أن يكونوا نجوما متّقدة في عوالمهم، وكأننا جميعا نخشى على عوالمنا الحالية من نتاجاتها، ونخاف أن ننظر لأنفسنا بمرآة ما صنعناه في رؤوس الطفولة.

بالعودة لـ “ذا فويس″ فقد شعرت بالاسف فعلا لاني لن اعود لارى فتيات صغيرات يتدلّعن ببراءة على الشاشات، كما صبية صغار يتحدثون بجرأة، ويضحكون ملء افواههم ويحيون انفعالات منطقية اكثر من تلك التي تفرضها عليهم مجتمعاتهم من تعصب ومرارة وطائفية وحروب.

نطيح بالطفولة والبراءة بكل ما أوتينا من قوة.. ثم نخفي جريمتنا.. فنمارس الظلم عليهم مرّتين..

**
حكومة المغرب والابداع في القيود فقط !

كلما نظنّ أن الحكومات العربية “توقّفت عن الابداع″ في اصدار القوانين القمعية يبدو لنا أنها لا تتقن سوى ذلك، وذلك حصرا، فهي بالطبع توقفت عن الابداع في كل ما عدا هذه القضية، ولا تملك أية وسيلة لاحترام شعوبها ومنحهم حريتهم في الاختيار والقرار لشعورهم أن حرية الشعوب تعني الاطاحة بالحكومة بكل الاحوال.

الغريب ان بلدا كالمغرب، والتي تتميز بقدر لا بأس به من التقدم، تقدم اليوم وحسب ما ناقشته سكاي نيوز على ان تمنع الاتصالات الصوتية عبر الانترنت، اي انك ببساطة لا تستطيع الاتصال عبر سكايب مع اي شخص، وانك مضطر للحديث بمكالمات عادية.

هذا طبعا ما تقوم به الحكومة بإبداع، وتقرره عن شعبها لتغطية “قصورها” في تتبع الاتصالات بين الارهابيين- كما بررت القرار-، وان كنا كلنا اليوم يعرف ان الحديث عن الارهابيين بات “شماعة” كل شيء.

حكومة المغرب تفننت في اضافة قيد جديد على شعبها تحت عنوان “حجب المكالمات الصوتية”، دون ان تتذكر ان الشعوب دوما تفوق حكوماتها في الابداع، ما يعني انها اضطرت شعبها لابداع في التحايل عليها، بدلا من ان تنشغل بمعالجات جذرية لوجود الارهاب وكيفية ضبط حركته.

تبقى معالجاتنا جميعا في قصقة الاوراق لشجر جذره ممتد تحت الارض.. أم يأن الاون لنحفر أكثر؟؟

**
محمد عساف الشرير..

يمنحنا الشاب الوسيم الذي مثّل فلسطين سابقا محمد عساف امام المذيعة المستفزة وفاء الكيلاني اجابة شافية عن كونه ليس “ملاكا” فنغضب جميعا.
انتقد الناشطون عساف وهو يقول انه لن يحب ان تدخل شقيقته مجال الفن، بينما كان الشاب يمثل حقيقة نفسه وبيئته، كما لو انه ارتكب الخطيئة الكبرى، وهنا التحليل ببساطة يأتي بأن عساف مثّل نفسه أصلا!

منذ اشتراكه في برنامج اراب ايدول كنا نراه “ايدول” اصلا، وكانت “نموذجيته” في عقول كثر منا مضاعفة كونه فلسطينيا الامر الذي يجعلنا دوما نؤله اي شخص يمثله ولاسباب نعرفها جميعا؛ هذا تحديدا ما يجعلنا اليوم نصعق حين نرى ان هذا “الصنم” الذي صنعناه، يبدو بشريا الى حد كبير، لا بل ويحمل “سلبيات شرقية” شريرة، فهو لا يريد لخطيبته ان تعمل في الاعلام كما لم يرد لشقيقته ما اراده لنفسه.

الاهم في الاكتشاف الاخير ان عساف بشر بالنسبة الي هو شيء واحد.. هل سنكفّ عن صناعة ابطال من ورق؟؟ وهل سنمنح الاشياء حجمها الطبيعي؟؟ اشك بذلك.. ونراكم في “كذبة” قادمة..

كاتبة من الاردن

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى