رد على الكاتب سعود قبيلات / غيث القرشي

ردّي الكامل على مقالة سعود قبيلات عن تطوير المناهج .. ” مقال الكاتب سعود قبيلات اسفل الرد ”
مقال متحيّز من الطراز الرفيع يا سعود قبيلات
من الواضح جداً أنك واحد من إثنين : إما أنك تعيش في كوكبٍ آخر ، وتستقبلُ الأخبار عن طريق رسُلِك من الكائنات الفضائية لتُشيرَ عليهم بما يقومون به، أو أنك وصلتَ لدرجة تجعلك تردّ على ما يدور حولك بدون أدنى محاولة للاطلاع وبدل الجهد، ونحن نراهن أنك لا تعرف أصلاً ماهيّة التغييرات التي نتحدث عنها، فَلَو كُنتَ مطّلعاً لَنأيتَ بنفسك عن هذا المنزل الضيق المخرج، لكنك جنيتَ به على نفسك بشكل واضح.

بدون الإسهاب في الحديث وللدخول في صلب الموضوع، أجيبك بالنقاط التالية :

١) أن التعديلات التي تُحاول أنت إبرازها على أنها من مخرجات الوهابية والاخوان، هي تعديلات لا تمتّ للدين بصلة! فالكثير من التعديلات قامت بحذف دروس والتعديل على دروس تمسّ الهوية الاردنية العربية ومجموعة القيم الأخلاقية لدى الشعب الأردني، وهذه تندرج فقط تحت مجموعة القيم بدون تمييز بين الاسلام والمسيحية، وأي تمييز يمسها هو تلاعُبٌ واضحٌ وصريح بمنطق الأشياء ومحاولةٌ فقيرة الامكانات للمساس من الأديان جميعاً بشكل غير مباشر، ظنَنتَ أنت خطأً أننا لن نلتفت إليه، وخانك حدسك كالمعتاد.

٢) محاولتك البائسة في الوقوف على أسماء في الشارع الأردني بوصفهم مِمَّن أجادوا استخدام عقولهم، ثم التوقف عندهم حصراً، هي – يا عزيزي – محاولةٌ مثيرةٌ للشفقة، بل للغثيان أيضاً ! أتسائلُ هنا بكل برائةٍ عن ماهيّة المشروب الذي ابتَلعتَهُ قبل اتخاذك لقرار “استغباء واستحمار” الشعب الأردني حين عرضت الأمر بهذا الشكل المقرف !! أَيّ عَتَهٍ هذا الذي تمرّ انت به؟ بكل الاحوال، فإن المتمحّصَ المارَّ مرور الكرام على هذه الجزئية يستطيع أن يدحض ادعائك بالكثير الكثير الكثير من أسماء الأردنيين الذين نشؤوا بين ظهراني الإسلام، ونهلوا من منبعه العذب، وتخلوا بأخلاقه كلها بدون الحاجة للانضمام لأي حزب أو جماعة. إن كنت لا تعلم، فأبذل دقيقتين في البحث على الشيخ جوجل، عَلّهُ يعلّمك درساً في الوطن والوطنية !

مقالات ذات صلة

إن خطابك هذا يوصف – على اقل تقدير – بالعنصرية والمغالاة، وهو إن دلّ على شيء فهو يدل على إهانة مباشرة لعقول من تتوقع منهم قراءته. وحتى أضع النقاط على الحروف مجيباً عن الكثير من الأسئلة التي ترواودك اثناء قراءة ردي هذا، فأنا لست إلا مواطناً أردنياً (شريفاً)، وأعمل كادحاً في الخارج، وانا غيض من فيض، وأتكلم باسم كثير من الأردنيين – ولست بأقدرهم – ، ولا انتمي لحزب او جماعة – رغم افتخاري واعتزازي بكل ما هو اسلاميّ – . وعليه، فأنا أوجه لك رسالةً هامة : هذا الأسلوب في الكتابة هو أسلوب الباحثين عن أية ثغرة لإثارة النعرات ضد الوطن الحبيب، فاعلم اننا لك ولأمثالك بالمرصاد،والأردنيون قادرون على الحفاظ على قيم إسلامهم وعروبتهم وعادات اجدادهم التي نشؤوا عليها، حتى وإن حاولتم العبث بها والإخلال بمكنوناتها في الكتب، ولا تراهنوا على الشعب إلا بما هو أهلٌ له، والأحرى أن تعرفوا قيمة أنفسكم قبل محاولتكم للمساس من تراثنا الذي نعرفه ونثق به.

أتمنى أن تكون قد فهمتَ شيئاً مما قيل، فبعد مقالك هذا، صارَ مباحاً لنا التشكيك في كل ما تقولُهُ، وما ترويه !

غيث القرشي

وتاليا نص مقالة الكاتب سعود قبيلات
المناهج التعليميّة.. بقرة حلوب ل«الإخوان المسلمين»

المناهج التعليميّة القديمة، أي تلك التي كانت معتمدة قبل هيمنة «الإخوان المسلمين» على جهاز التربيّة والتعليم، إبتداءً مِنْ أواسط سبعينيّات القرن الماضي، صنعتْ أجيالاً واعية ومسؤولة ومبدعة. صنعت أناساً مِنْ مثل غالب هلسة، وتيسير السبول، ومؤنس الرزّاز، وعزّ الدين المناصرة، ورشاد أبو شاور، وناهض حتَّر، وآخرين كثر يعرفون كيف يستخدمون عقولهم، في مجالات مختلفة.

أمّا المناهج الوهَّابيّة التي جاء بها «الإخوان المسلمون»، التي كُرّست بأموال النفط السعوديّ بعد «الفورة النفطيَّة» الكيسنجريّة، فآثارها الكارثيّة ماثلة أمام عيون الجميع. ولنتذكّر أنَّ أوَّل أمر استهدفه «الإخوان»، عندما تسلّموا التربية، هو أسس التفكير العلميّ ومناهجه؛ وذلك، عندما شطبوا مادّة الفلسفة من المنهاج! ومن المعروف أنَّ أي فرع مِنْ فروع العلم لا يكتمل إلا بالفلسفة؛ لذلك يقال عن درجة الدكتوراه ذات المستوى الرفيع في أيّ مجال بأنّها «دكتوراه فلسفة» في ذلك المجال (التاريخ، مثلاً). فالفلسفة هي فعلاً أمّ العلوم. ومِنْ دون الفلسفة يصبح المتخصّص في مجال ما مجرَّد فنّيٍّ في مجاله ذاك، مهما بلغ مستوى تحصيله العلميّ، ولا يمكن أن يبلغ مستوى عالم أو رجل علم.

ثم عمل «الإخوان» على حرف المناهج التعليميّة عن دورها في توفير المعرفة العلميّة الضروريّة وتمتين أواصر الروابط الوطنيَّة والقوميّة وتعزيز القيم الإنسانيّة، إلى نشر النزعات الطائفيّة والمذهبيّة التفتيتيّة والتكفيريّة؛ فتحوّلنا مِنْ مجتمع ومواطنين إلى شراذم تنظر إلى بعضها البعض بعيونٍ ملؤها الشكّ والريبة.. وربَّما الحقد أيضاً.

وفي أثناء الحرب الباردة، لم يكتفِ «الإخوان» ب«الجهاد» بضراوة، إلى جانب الأميركيين وحلف الأطلسيّ، ضدّ اليسار العربيّ والعالميّ، وإنّما خاضوا تلك الحرب في المجال التربويّ أيضاً. أذكّر، هنا، على سبيل المثال، بأنّهم تَرَكُوا كلّ عيون الأدب العالميّ واختاروا رواية الجاسوس البريطانيّ الشهير جورج أورويل (مزرعة الحيوان) وفرضوها كمقرّر على الطلبة الأردنيين!

والآن، حين يتصايحون ضدّ التعديلات الطفيفة التي أُجريت على المناهج ويحرّضون الناس عليها، فإنّما هم يخشون مِنْ ضياع الأداة التي حوّلت قطاعاً واسعاً من الناس إلى «دهماء» لا يقرؤون، ولا يتساءلون، وليس لديهم شغف للإطّلاع والمعرفة، وتحرّكهم انفعالاتهم الأوّليّة ونزعاتهم البدائيّة، ويفتقرون إلى أبسط أساليب التفكير العلميّ. الأمر الذي يجعلهم فريسةً سهلة ل«الإخوان» بدعاواهم المتهافتة والسطحيّة التي تعتمد أساساً على إثارة الغرائز البدائيّة.

يمكن القول إنَّ المناهج بصورتها الحاليَّة إنَّما هي البقرة الحلوب ل«الإخوان المسلمين»؛ لذلك، يستميتون في الدفاع عنها، ويعادون بشراسة كلّ مٓنْ يطالب بتغييرها.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى