استغاثة وليس مقالاً / سالم الفلاحات

استغاثة وليس مقالاً

أقول بصوت عال وإن كان متهدجاً أسائل نفسي كلما غابت الشمس أو أشرقت، وكلما سقط شهيدٌ وهدمت بناية في أرض عربية، وكلما انطلق صاروخ بيد عربية إلى قرية عربية أخرى لأنه لا يعرف للعدو الحقيقي طريقاً!!، وكلما ارتفع تهديد باغ لأمتنا واستهزأ بها، وكلما رأيت صادقاً متألماً شاكياً في شعبنا.

من يحمل هم شعبنا وأمتنا وكيف ؟
ومن يعيش لحاضرها ومستقبلها ؟
ومن تشغله فعلاً آلامها وويلاتها المتلاحقة ؟
ومن ينهض لخلاصها ويقول هــــاأنذا ؟
ومن يَشرع بتشخيص ما بها ليقترب من معرفة العلاج واستخدامه لشفائها وإقناعها بتعاطيه ؟
متى نجد فينا الذي يقضي ليله ونهاره في حله وترحاله مشغولاً بالمخرج الآمن لأمته، تلاحقه نكباتها والمؤامرات عليها، ويقلب أوراق التاريخ القديم والحديث يبحث عن حالات مشابهة لأمم أخرى عله يجد فيها مؤشرات الخروج من التيه ؟
من يحمل هم إطفاء حرائقها التي تشعلها هي أحياناً بيدها، ولا فرق ان يشعلها الصغار لهواً ويقتتل حولها الكبار بعد ذلك ؟
من للأمة برواد منقذين ومنقذات يفكرون خارج الصندوق بعيداً عن المعالجات المتكررة التي ثبت فشلها أو تفشيلها حتى لو أعيدت مائة مرة ؟
من لها بأناس يُسقطون من حسابهم بصدق (الأنا) الانانية كبيرةً كانت أو صغيرة ؟
من لها بقامات ليس لهم (أعمام) يلتفتون إليهم ويصغون لوساوسهم ويسمون الأشياء بأسمائها ؟
من لها بمنقذين يفيدون من الماضي ولا يتحسسون منه، ويفيدون من تجارب البشرية غير المعتادة، ويتوقفون عن تجريب المجرب الفاشل ؟
من لك يا أمتي برجل المبدأ الذي يظهر مبدؤه في عمله، والذي يعمل ليتم تاريخ أمته، وليكون صفحة في كتاب مستقبلها، لا يخرج من الدنيا حتى يترك من الفضائل المنسوبة إليه حتى تسمى باسمه كما قال الرافعي.
من لك يا أمتي بمن يهتدي لإكسير حياتك ومعرفة سر نهوضك بعيداً عن الرغائبية، والشعاراتية، والاتكالية، والإرجاء، والانسحابية، والاقصائية، والضمية؛ وهي الكبائر السبع ؟
من لك بعصبة رجالٍ رجال، ونساءٍ نساء، شباب وكهول لا يسيطر عليهم المألوف التاريخي في الفرقة والتمزق بل ويتجاوزونه ؟
يحرس فيهم المسيحيُّ المسلم حتى يتم صلاته، ويعتبر المسلم الكنيسة بيت أبيه وحضن أمه لا يسمح أن يطالها ضيم، وكذلك الإسلامي والعروبي القومي وهما مع الإنساني الموجود بينهما أيضاً أبناء وطن واحد يتوقفون عن تمزيق الأمة حول لافتات عديدة.
من لك بعصبة وطنية تتعاهد على محاربة الجهل والمرض والظلم والغفلة السياسية والاجتماعية ويكافحون الأمراض والانحلال واليأس والمحسوبية ويحاربون منهجية مد اليد االشريفة للتسول ولو أكلوا التراب حتى ينهضوا، ليهتدوا لكنوزهم المذخورة في أرضهم الممنوعة منهم لتكون لهم وليس لأعدائهم ؟
متى يشعر كل منا أنه المعنيُّ الأول بأمته، ولا يظن أن المسؤول هو الغائب المجهول (المهم ليس أنا) كما هو معتاد، وننتقل من الأنانية التي في العادة تخطب / تنتقد / تُعنّف / تسخّف / تهزء؛ ثم تدمر إلى (أنا) المسؤولية والتكليف.
إننا بحاجة لنصل إلى أن يعتبر كل عربي سامع حي رجلاً كان أو امرأة كأنه هو المعني فقط بأمته كما قال الحطيئة في معلقته:

إذا القوم قالوا من فتى خلت أنني عُنيت فلم أكسل ولم أتبلد

مقالات ذات صلة

تسأل نفسك أحياناً عند شدة الضغط النفسي هل انقطعت الدورة الجينية في أنسالنا مع أجدادنا؛ نحن العرب خير أمة استحقت الرسالة الخاتمة في شعبها، والمقدسات والأنبياء الأطهار جميعاً عليهم السلام في بلادها وعلى ترابها.

أنا أخاطب الجميع وأخاطب نفسي لأزيد مسؤوليتها ولعلي أحرجها وأخرجها من جمودها وآلامها وتمترسها حول ذاتها وأدواتها ومحاسيبها.

لم لا يتنادى الأخيار إلى لقاء ولو في الفضاء الفسيح ونجلس على رمل صحرائنا الطاهرة يفرش كل منا أهدابه لأخيه وابن عمه في الدم والوطن والمستقبل للخروج مما نحن منه، ولا نغادر المكان حتى نتفاهم ونطوي صفحة داحس والغبراء الجديدة، وإذا التقينا وتفاهمنا سنفعل الكثير.

من يعلق الجرس لنتباوح ونتصارح فتتلاقح أفكارنا قبل الطوفان وقبل أن تكتمل حلقات المؤامرة وتضيق حول أعناقنا، ونحن نراها رأي العين.

متى نلتقي جميعاً كلنا أبناء (بني)، كلنا (دار…)، كلنا (أبناء رابطة)، كلنا (أبناء عائلة)، كلنا الربضي والنمري والعزيزي والحداد والعبيدات والشمالات والوسط والجنوب الصابر الذي غرز على أرض القدس أعلاماً جهادية من ثلاثينيات القرن الماضي وكذلك الوسط والشمال وهل هذا مستحيل ؟

ما خلقنا هملاً، ما خلقنا تبعاً، ما خلقنا لنأكل، ما خلقنا أدوات، ما خلقنا أذلاء تدوسنا الامم، ما خلقنا متسولين ولا بكّائين ولا قوّالين، ولا لطّامين ولا عجزة كسالى.

وتنادي أمتناعلى فارس الخوري، ومكرم عبيد، وجون جمال، وأبناء عبد الكريم الخطابي، وأحفاد عمر المختار، والسنوسي، وسعد زغلول، والأفغاني، والبنا، وعبد الرحمن الكواكبي، والرافعي، وعز الدين القسام، وجمجوم، وحجازي، والحسيني، ووصفي، وحابس، ومشهور، والشويعر……….

لا أخاطب الأموات في القبور إنما أخاطب القلوب الحية في الصدور..

تعالوا نلتقي نتجنب الإعلام والأوهام وكثرة الملام واجترار الماضي، ونعمد إلى العمل بصمت ليستيقظ بقيتنا على واجبهم وما يلزمهم تجاه أمتهم وأوطانهم.

لنطرد الوسواس من ثقوبنا،
والعجز من رؤوسنا،
والحقد من نفوسنا،
ونشطب الصراع والإقصاء والتشويه والتزوير والتبرير من قاموسنا،
ونفتح الطريق، ذاك هو الطريق فاسلكوه،
فإن أمتي تنتظر الجواب من كرامكم،
وترقب الصهيل من خيولكم،
تصغي إلى لبيك من فرسانكم،
هلالها الخصيبُ غاب ولم تعد تراه،
عــــراقها فرّقه الغـــزاة،
جنوبها مصادرٌ عاث به البغاة والطغاة،

يا سادة والله لست شاعراً ولكن المصاعب والمتاعب والآلام ارهفت حسي حتى غدوت أتلقى الركبان من كل ناحية وفج، لعل فيهم من يعالج ردتنا الوطنية.

إن الوطن ينادي ويكاد يسمي كُلاًّ منا باسمه فيقول:-

يا لاقي خير، يا حمزة، يا سلمان، يا فلاح، يا أكرم، يا جميل، يا أحمد، يا علي، يا عمر، يا حتمل، يا سامي، يا عبد القادر، يا رؤوف، يا فؤاد، يا محمد، يا سعيدة، يا فاتن، يا فاطمة، يا دكتورة.

يا نقيب، يا كاتب، يا قائد،يا ناقد، يا رائد، يا سعد، يا خالد، يا زيد، يا عمرو…… أين أنتم طال الليل هلموا إليّ أنقذوني

يا ناصر الستة على الستين كما قالت (أم جميل أبو بكر) رحمها الله.

ويا ناصر السبعة على السبعين، ويا ناصر الأربعة على التسعين.

انصرنا على أنفسنا أولاً لنريد، وإن أردنا أراد الله الذي يقول دائماً “وَقُلِ اعْمَلُوا فَسَيَرَى اللَّهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ وَالْمُؤْمِنُونَ”.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى