مكتبة خزانة الجاحظ.. الهدف أن تقرأ !!

سواليف_عبد المجيد المجالي
 
حين تزور وسط البلد في العاصمة عمان يشدك إنتشار المكتبات في مختلف شوارع المنطقة وأزقتها ،بحيث باتت هذه المكتبات معلماً بارزاً طغت شهرته على المطاعم ومحلات الألبسة والمقاهي والمتاجر الموجودة هناك.
 
واحدة من أقدم وأشهر هذه المكتبات هي مكتبة خزانة الجاحظ، تلك المكتبة التي تملك أربعة فروع في وسط البلد و يعود عمرها لأكثر من 120 عاماً حيث بدأت في مهنة الوراقة وبيع الكتب بمدينة الكرك جنوبي الأردني وتحديداً عام 1893 ثم انتقلت إلى مدينتي الخليل فالقدس في فلسطين سنة 1921، حتى استقر بها الحال في عمّان سنة 1948 حين قدم صاحبها الجندي ممدوح المعايطة من معركة 1948 جريحاً وقدم له الملك عبد الله الأول رخصة إقامة المكتبة التي سميت بـ “خزانة الجاحظ” نسبة للأديب العربي المعروف أبو عمرو بن بحر البصري، الملقب بالجاحظ نسبة لجحوظ عينيه، وهو الوصف ذاته الذي اشتهر به المعايطة.
 
عن تاريخ “خزانة الجاحظ” يقول هشام ممدوح المعايطة الذي ورث المكتبة عن والده أن مكتبة خزانة الجاحظ بدأت من الكرك وكانت تسمى “صاع خليل الرحمن” وكان أجداده يتداولوها على الطرق الصوفية أثناء وجود الدولة العثمانية وكان لهم مكتبة أخرى متنقلة في عمان والقدس تحت مسمى “مكتبة عمان والقدس”، حيث كانوا ينسخوا الكتب بأيديهم ويضعوها على الأرصفة فيبيعوها أو يعيروها للقراء.
 
ويضيف المعايطة أن المكتبة منذ نشأتها لم يكن هدفها الربح أبداً وإنما إنطلقت بشعار مفاده “كتابي كتابك” فهي تعير الكتاب مقابل أن تدفع ثمنه ثم تعيده بعد أن تفرغ من قراءته فتسترد نقودك ناقصة دينار واحد فقط هو ثمن الإعارة، كما تستبدل أي كتاب قديم بكتاب جديد مقابل مبلغ رمزي لا يتجاوز الدينار ، فالهدف الأول والأخير _كما يقول المعايطة_ هو القراءة والثقافة ولذلك أطلق عليها الناس إسم “خزانة الفقراء” لا سيما وأن الكتب قديماً كانت باهظة الثمن وكان شراء الكتب حصراً على بعض الفئات دون سواها.
 
ويتابع المعايطة أن القائمين على مكتبة خزانة الجاحظ هم بالأصل قراء قبل أن يكونوا تجاراً، ولذلك فإن المكتبة تساعد طلبة العلم في أبحاثهم وتدلهم على الكتب القيمة و النفيسة التي يحتاجونها في دراساتهم مؤكداً أن المكتبة تحوي العديد من الكتب النادرة التي قد لا تجدها في مكان آخر ،حيث كانت الجامعة الأردنية تستعير هذه الكتب من خزانة الجاحظ نظراً لأهميتها وندرة وجودها .
 
ولا يرى المعايطة أن إنتشار الكتب إلكترونياً وسهولة الحصول عليها عبر الشبكة العنكبوتية أثرت على مبيعات الكتب الورقية ،على العكس تماماً، فهو يرى أن إنتشار الكتب عبر الإنترنت وتداول نصوصها عبر مواقع التواصل الإجتماعي أسهمت في زيادة مبيعات الكتب الورقية، إذ يؤكد أن عمان لم تشهد منذ خمسة عشر إقبالاً على الكتب مثلما يحدث في السنتين الأخيرتين .
وعن أكثر الكتب المطلوبة من القراء يقول المعايطة أن الروايات التي تتحدث عن مآسي وتجارب إنسانية أو قصص عاطفية هي الأكثر مبيعاً على الإطلاق، مؤكداً أن جائزة البوكر العربية ساهمت في لفت إنتباه القراء صوب الروايات التي نالت هذه الجائزة أو ترشحت لها ،فروايات مثل “فرانكشتاين فى بغداد” لأحمد سعداوي أو “ساق البامبو” لسعود السنوسي و “الفيل الأزرق” لأحمد مراد نالت نصيب الأسد من حيث المبيعات.
ويضيف المعايطة أن الكتاب الأردني يشهد إقبالاً كبيراً من القراء وينافس الكتب العربية بل ويتفوق عليها أحياناً من حيث المبيعات وخاصة روايات إبراهيم نصر الله والدكتور أيمن العتوم وكتب الأدب الساخر لأحمد حسن الزعبي ويوسف غيشان وكامل النصيرات وهشام الأخرس والشابة هبة أبو الرب ، دون إغفال كتاب صدر حديثاً بعنوان “ديك الجن” لمأمون القانوني وهو كتاب يشهد إقبالاً كبيراً سيما وأن مؤلفه يحظى بمتابعة شريحة كبيرة من الناس عبر مواقع التواصل الإجتماعي وسبق وأن نشر الكثير من نصوص الكتاب عبر تلك المواقع.
وما إذا كانت الحكومة تدعم مكتبة خزانة الجاحظ يؤكد هشام المعايطة أنه لا يتلقى أي دعم مادي أو معنوي من الجهات الرسمية ولم تحظ المكتبة بأي تكريم بإعتبارها قيمة حضارية وثقافية مهمة في عمان ، بل وبدلاً من التكريم والإحترام تقوم أمانة عمان الكبرى بمعاملته بصلف وحدة وتذيقه الأمّرين كلما حان موعد ترخيص المكتبة السنوي.
 جاحظ

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

تعليق واحد

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى