البرلمان الإنجليزي يسترد السلطة من الملك

#البرلمان_الإنجليزي يسترد #السلطة من #الملك
موسى العدوان
في كتاب الأستاذ الدكتور محمد الحموري ” المتطلبات الدستورية والقانونية لإصلاح سياسي حقيقي ” جاء ما يلي حول هذا الموضوع :
” قام الشعب الإنجليزي بثورتين على أسرة آل ستيورات المالكة، فأعدم في أولاها الملك، وطرد في ثانيها ملكًا آخر. وفي النهاية إنتَزعَ المُلك من هذه الأسرة وسلمه لأسرة مستوردة، أدى خوفها من مصير سابقتها، إلى استمرار إنحنائها أمام شعبها حتى الوقت الحاضر.
فقد تولت أسرة آل ستيوارت الحكم، بانتهاء حكم آل ثيودور، عندما ماتت ابنة هنري الثامن الملكة إليزابيت الأولى عام 1603، حيث بدأت بجيمس الأول الأسكتلندي في نفس العام، باعتباره وريثا للملك عن طريق أمه، وتمكن الشعب من ترويض جوانب كثيرة من جموحه، وعشقه للسلطان المطلق.
وعندما جاء ولده شارل الأول عام 1625، أحاط نفسه ببطانات جعلته يتجاهل إرادة شعبه، فحل البرلمان وأخذ بإصدار قوانين مؤقتة، مفصّلة على مقاس مصالحه، ولم يرعوِ في الضغط على القضاء، من أجل الدعاوى التي تطعن بعدم دستورية قوانينه.
فكانت المحصلة هي الثورة عليه وإعدامه، بتهمة خيانة الشعب عام 1649، ليتولى الحكم مكانه أوليفر كرومويل قائد الثورة، ويحتفي الشعب الإنجليزي بهذا الإعدام، عن طريق الهجوم على الكنائس، التي ينتشر على جدرانها تماثيل صغيرة، تشكل رمزية دينية للملك وزوجته، فيُعدِم هذه التماثيل بقطع رقابها، تضامنا مع ثورة كرومويل. دام حكم كرومويل عشر سنوات، وجاء بعده ولده ليحكم ثمانية أشهر، ثم يهجر الحكم بعد ذلك، ليعود أبناء الملك شارلز إلى الحكم.
لكن أبناء هذه العائلة لم يرتدعوا مما جرى لوالدهم. فقد حاول جيمس الثاني التمسك بالسلطان المطلق، فثار الشعب عليه عام 1688، بثورة أطلق عليها الشعب الإنجليزي اسم الثورة المجيدة ( Glorious Revolution )، الأمر الذي أدى إلى هروب الملك حتى لا تجزّ عنقه المقصلة.
واستوردالإنجليز، الأمير وليام أورانج الهولندي ليكون ملكًا على بريطانيا، باعتباره زوج الأميرة الإنجليزية ماري ابنة الملك الهارب. وفي مقابل ذلك وقّع وليم الهولندي وثيقة الحقوق عام 1689، التي تنازل فيها هذا الملك عن معظم صلاحياته للبرلمان الإنجليزي، وأصبحت هذه الوثيقة أشهر الوثائق الدستورية في بريطانيا والعالم الأوروبي.
وكان تنازل الملك عن الصلاحيات للبرلمان، يعني أنه يتنازل للشعب، لأن الشعب هو صاحب السلطة، وهو الذي ينتخب البرلمان، ومن ثم لتضع بريطانيا بذلك، أقدامها على طريق الملكية الدستورية “. انتهى.
* * *
التعليق : هكذا تستعيد الشعوب الحية حقوقها، وتنبذ ( الحكم المطلق )، الذي يتركز بيد شخص واحد ويكرس الاستبداد. فقيادة الوطن والسير به إلى التقدم والرقي، لا يمكن أن يحققه شخص بمفرده، مهما بلغ من القدرة والعبقرية، إذ لابد له من مشاركة شعبية فاعلة، تشمل ممثلين عن مختلف قطاعات الشعب بتخصصاتهم المتنوعة، والتي تسهم في رفعة شأن الوطن محليًا وعالميًا.
وهذا العمل، لا يتحقق إلا بوعي وإدراك المواطنين لمصالحهم الوطنية، وتصميمهم على انتزاع حقوقهم بأية وسيلة متاحة، كما فعلت الشعوب الفرنسية والبريطانية وتبعتها الشعوب الأوروبية، فتمتعت بالحرية والديمقراطية، منذ مئات السنين.
التاريخ : 31 / 1 / 2022

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

تعليق واحد

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى